إلغاء قرار تعيين فياض مبعوثا أمميا في ليبيا

تبريرات سياسية أمريكيــة واهيــة وغير مؤسســـة

جمال أوكيلي

الخلاف السياسي القائم اليوم، حول الشخصية المراد إحلالها محل كوبلر، لا تنسينا تحديات الملف الليبي الذي يتطلّب تسويته في أقرب الوقت نظرا لتداعياته على كامل المنطقة إن استمر الحال على هذا المنوال.


والرفض الأمريكي القاطع للفلسطيني سلام فياض، يندرج ضمن هذا المنطق القاضي بالتمادي في السير بوتيرة قد اعتبرها غوتيريش في حاجة ماسة إلى مراجعة من ناحية الفعالية في الأداء الذي يستدعيه مبعوث أممي في نزاع شائك سياسيا وأمنيا.. وهذا عقب تقييم مسار كل الاتصالات الجارية حتى الآن بين الليبيين وهذا الرجل.
وعليه فإن المبحوث عنه في مثل هذه المواقع الصعبة والمعقّدة هو الإجماع الذي غاب في السياق الراهن، قصد الحل النهائي للأزمة التي طال أمدها.
هذه المعاينة الميدانية، تراود يوميا كل من يتابع ما يجري في هذا البلد وفي مقابل ذلك فإن التحليل الدقيق والصائب في آن واحد.. هو طرح خيارات واقعية وعملية قد تؤتي بثمارها بالسهولة المطلوبة عندما يكون المبعوث الأممي ديبلوماسيا عربيا له باع طويل في النشاط السياسي والاقتصادي كما هو الشأن لفياض.
ونحن اليوم بصدد المبعوث الثاني والثالث في الطريق.. فيما يتعلق بليبيا والتشخيص الصريح والواضح في هذه الأثناء هو أن المهام المخولة للمبعوثين الأممين لإنهاء حدة الأزمات في البلد المذكور سالفا، واليمن وسوريا توجد في انسداد بسبب انفلات التحكم في عناصر خارجة عن الإطار عبارة عن أطراف لها حضور تحرك الأوضاع حسب ما تمليه المصالح المسطرة وهذا ما أخّر عودة الاستقرار إلى هذه الأوطان.
وعلينا هنا أن نزن الموقف الأمريكي الصارم تجاه اقتراح الأمين العام الأممي الذي بادر إلى الكشف عن الاسم الذي سيتولى مستقبلا الملف الليبي. ليلقى معارضة شديدة من قبل مندوبة الولايات المتحدة في المنتظم الدولي، التي صرحت بكلام غريب تجاه هذا الفلسطيني مبدية تحفظ بلادها في تكليف فياض بهذه المهمّة انطلاقا من أن الولايات المتحدة لا تعترف بفلسطين.
ولم يتحدث عما يقع في ليبيا، بل توجهت مباشرة إلى حرمان المسؤول الفلسطيني من تولى هذه المسؤولية، وأعربت عن استغرابها في نسيان ما أسمته بحلفائها في إسرائيل.
ويستشف من هذه الأقوال، أن التهديدات التي أطلقتها تلك السفيرة مؤخرا، بخصوص مساهمات أمريكا المالية في المنظمة الأممية وغيرها، من الجهات الأخرى تترجم هذا القرار.
وفيما سبق، فإن الجمهوريين الذين تولوا المناصب النافذة في السياسة الخارجية الأمريكية تساءلوا خلال الآونة الأخيرة عن الجهات التي منحت صفة أو عضوية الملاحظ للسلطة الفلسطينية في الأمم المتحدة، وهكذا قرورا التقليص من مساهمتهم تجاه هذه الأطراف التي تدعم الوجود الفلسطيني، والمقدرة بـ ٤٠ ٪ موزعة على عدة جهات.
وهذا ضغط سياسي غير مباشر يقلص من أي مسعى يرغب فيه الأمين العام الأممي الجديد، الذي تعهّد خلال استلام مهامه في أول جانفي من السنة الحالية بالمضي قدما في حل بؤر التوتر الراهنة وفق مقاربة جديدة تعتمد على التوافقات.. هذا لم يحدث حتى الآن لأن اللوبيات وجماعات الضغط ترفض ذلك وتريد استعمال سلطة المال في صناعة القرار الذي يتماشى مع رؤيتها.
ما أقدمت عليه الولايات المتحدة بعد مؤشرا مخيفا في العلاقات الدولية وهذا من زاوية فرض سابقة لم نتعوّد عليها عندما يصدر أي قرار عن الأمين العام للأمم المتحدة لا يرفض بهذه الطريقة الحاسمة مما يوحي للرأي العام مدى هيمنة أمريكا على هذا المنتظم من جانب إشتراكاتها المالية.. وفي مقابل ذلك فإن كلمتها لها تأثير في صناعة القرار.
وترشيح فياض لهذا المنصب الحيوي بني على أساس نوايا صريحة متوجهة إلى إيجاد شخصية مرنة يسهل معها التواصل في ليبيا من جميع النواحي، ولا ترفض من أي جهة لعدة اعتبارات لها قبول من نواحي كثيرة مع مراعاة حساسية الوضع في التوزيع الجغرافي لوجود السياسيين والعسكريين في مناطق ليبيا.
وفي مقابل ذلك، فإن هذه الانطلاقة المرجودة والحيوية المأمولة اصطدمت بواقع آخر لا يفكر بهذا المنطق.
وحديثنا هنا ليس على الأوضاع السياسية والأمنية في ليبيا حتى لا نخلط الأمور بقدر ما أردنا قراءة خلفيات القرار الأمريكي الرافض لشخصية فلسطينية،
لا تختلف عن الذين يعينون هنا وهناك، كبرنار دينسو، كوبلر، عنان، الإبراهيمي، دي ميستورا، ولد الشيخ، كريستوفر، وغيرهم، الذين أداروا أزمات معروفة وما زال البعض منهم يؤدي مهامهم.
بالأمس فقط، كان الفلسطيني في الداخل أو الشتات يتهم بممارسة الإرهاب ومصنف في قائمة هذا الوصف لدى الدوائر الأمنية لأمريكا وغيرها وبتغير المعطيات رأسا على عقب والجنوح إلى السلام لم يجد هؤلاء أي مبرر في الوقت الراهن سوى تهميش الشخصيات الفلسطينية في المحافل الدولية باسم تبريرات لا أساس لها من الصحة فمتى تعترف الولايات المتحدة بالدولة الفلسطينية في المحافل الدولية باسم تبريرات لا أساس لها من الصحة فمتى تعترف الولايات المتحدة بالدولة الفلسطينية حتى ترضى على مسؤوليها.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024