أمين عام إتحاد مجلس الشورى المغاربي سعيد مقدم لـ«الشعب»:

التهديدات الأمنية تستدعي إلتفافا حول اتحاد المغرب العربي وتعاونا بين أقطاره

حوار: إيمان كافي

تشبّث جزائري بالصّرح المغاربي وحرص على تجسيد مجموعته الاقتصادية

تطرق البروفيسور سعيد مقدم، أمين عام اتحاد مجلس شورى الاتحاد المغاربي، في حديث لـ»الشعب» على هامش مشاركته في فعاليات الندوة الوطنية الأولى بجامعة قاصدي مرباح بورقلة إلى العديد من التحديات الراهنة في المنطقة المغاربية والتي تستدعي مزيدا من التعاون بين الدول المعنية ووعيا أكبر من قادة البلدان المغاربية بضرورة العمل المشترك من أجل التصدي للتهديدات التي تعرف تناميا واضحا بفعل المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها المنطقة ومن أجل ضمان الاستقرار والأمن في المنطقة.
اعتبر الأمين العام لاتحاد مجلس الشورى المغاربي أن التحديات التي تنتظر البلدان المغاربية كبيرة جدا وما زاد في إلحاحها هو اللاإستقرا واللاأمن وأيضا تراجع الدور المطلوب من المؤسسات القائمة التي تحتاج إلى فعالية أكثر وإلى وسائل وإمكانات ومساعدة ودعم من طرف المجتمع الدولي ولاسيما دول الجوار التي هي في حاجة ماسة إلى هذا النوع من التعاون.
 من أبرز القضايا والمسائل الراهنة التي تستوجب التعاون بين دول المغرب العربي والالتفاف حول الإتحاد المغاربي، حددها محدثنا في ضرورة التعاون من أجل الحد من التهديدات الناجمة عن الوضع الأمني في المنطقة المغاربية وما تشهده دولة ليبيا الشقيقة من تدهور أمني وانعكاس ذلك على المنطقة ككل، هذا فضلا عن خطر المد الإرهابي والجريمة العابرة للحدود، خاصة بعد انكسار شوكة داعش في العراق وبوادر ذلك في سوريا أيضا وما قد ينتج عنها من عودة للإرهابيين إلى قارة إفريقيا ولاسيما عن طريق ليبيا التي تعرف عدم استقرار في ظل غياب مؤسسات الدولة والتي نتمنى لها أن تعود بقوة في كنف السلم والأمن ووحدة ترابها.
من هنا يعتقد البروفيسور سعيد مقدم أن الوضع الأمني في المنطقة يشكل ملفا كبيرا يرهق كاهل البلدان المغاربية ودول الساحل والصحراء ويحتاج إلى التعاون بين أقطار دول المغرب العربي من جهة، ومن جهة ثانية التهديد الأمني كثيرا ما يقع في الساحل والصحراء، وهو ما يستدعي إستراتيجية جادة في مجال التعاون الأمني، بالإضافة إلى ما أفرزه الوضع العام من ظروف أمنية في المنطقة المغاربية التي أصبحت نتيجة ذلك مهددة بالعديد من الظواهر، منها مثلا ظاهرة الهجرة غير الشرعية وما ينجر عنها. والآن -يضيف- نتكلم عن الاتجار بالبشر في ليبيا فمثلا حوالي 20 ألف من المهجرين موجودين في ما يسمى بمراكز الاحتجاز، بحسب نشرية رسمية لمنظمة الأمم المتحدة بالنسبة للاجئين.
في مواجهة التحدّيات الأمنية والهجرة غير الشرعية
كما أنه وبفعل النزوح الداخلي في إفريقيا، يقول البروفيسور سعيد مقدم أصبحت الدول المغاربية مناطق عبور، كما تحولت إلى مناطق استقرار لعدد كبير من الأفارقة الذين نزحوا نحو هذه الدول، بعضهم استقر ومازال بعضهم يعتبرونها منطقة عبور وهو ما انعكس سلبا على العلاقات المغاربية مع الدول في الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط حتى أنه كلما تم عقد آلية 5+5 في البلدان الأوروبية والمغاربية وقد كان آخرها في بداية هذه السنة بالجزائر، إلا وتثار مجددا قضية طرح التعاون في مجال الحد من تدفق المهاجرين غير الشرعيين على أوروبا وحتى على الدول المغاربية.
حاجة مُلّحة إلى سوق مشتركة
التحديات كثيرة، يقول أمين عام مجلس الشورى المغاربي، وما هو مطلوب من الدول المغاربية هو تكثيف التعاون في مختلف المجالات الحيوية لبلداننا المغاربية خاصة وأن نسبة التبادلات البينية بين دول المغرب العربي في تراجع كبير فبعد أن كانت 3٪ أصبحت 1,8 ٪ تقريبا وهذا مشكل كبير في الوقت الذي يحتاج السكان البالغ تعدادهم حوالي 100 مليون نسمة إلى سوق مغاربية مشتركة والأصل أنه كان مقررا في عام 1992 أن يدخل مشروع ما يسمى بالمنطقة الحرة للتجارة المغاربية، وهذا جانب هام إلا أنه لم يتحقق، فضلا عن التحديات البيئية، إذ أن ما يقارب 85 في المائة من المساحة الإجمالية للمنطقة، بحسب الخبراء معرضة للتصحر وظواهر عديدة كزحف الرمال وكميات الأمطار القليلة، كل هذه الأمور في حاجة إلى تعاون من أجل تحقيق الأمن والاستقرار والأمن الغذائي وهي قضايا مطروحة بقوة في منطقتنا المغاربية
الأزمة اللّيبية والقضية الصحراوية
تطرق السيد مقدم، في معرض حديثه أيضا، للأزمة الليبية وقضية الصحراء الغربية، حيث أكد محدثنا أن الوضع الأمني في ليبيا الذي يشكل أكبر تحديا بالنسبة لدول المغرب العربي في حاجة إلى تكاتف جهود هذه الدول من أجل تحديد معالم واضحة للخروج من الزاوية الضيقة التي قد ينجر عنها طول أمد الأزمة وما يخلفه من تهديدات جديدة أكثر خطورة، معربا عن أسفه لاستمرار وضع اللاأمن واللاسلم في ليبيا الشقيقة والتي تعتبر امتدادا لدول المغرب العربي ومحورا هاما جدا، مؤكدا على أهمية اتفاق الإخوة الفرقاء هناك على أجندة تحفز أمن وسلامة ووحدة ليبيا في ظل مساعي بعض المؤسسات ومحاولتها للوصول إلى حل مرضي لاسترجاع التماسك المجتمعي في هذه الدولة الجارة التي تضم حوالي 5 أو 6 مليون نسمة غالبيتهم مشرّدون في بلدان عربية ومجاورة.
 هذا ودعا سعيد مقدم إلى مزيد من الاهتمام بالوضع في ليبيا، لاسيما دول الجوار المعنية مباشرة ولما لا أصحاب النوايا الحسنة في العالم، مشيرا إلى أن المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة يتحدث عن انتخابات رئاسية وبرلمانية للعودة إلى الحياة الطبيعية في ليبيا، وهذا مؤشر مشجع ويبعث على التفاؤل.
أما فيما يتعلق بالقضية الصحراوية فقد ذكر أن النزاع في الصحراء الغربية قد اتخذ مسارا أمميا مؤكدا على أنه ينبغي على البلدان المغاربية كلها، سواء المعنية بالنزاع كالمغرب والصحراء الغربية، أو الملاحظين كموريتانيا والجزائر مع ممثل الأمين العام للأمم المتحدة هورست كوهلر، أن تشجع من أجل التوصل إلى حل سلمي عادل متفق عليه وهذا خدمة لتطلعات شعوب المنطقة المغاربية.
  تحرّكات لاستعادة دفء العلاقات المغاربية
 عرج أيضا البروفيسور سعيد مقدم على الرسالة التي بعث بها فخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى قادة دول إتحاد المغرب العربي بمناسبة الاحتفال بالذكرى السابعة والعشرين لقيام إتحاد المغرب العربي والتي تحمل أكثر من دلالة كما ذكر، أولها أن الجزائر أعربت عن تمسكها بهذا المشروع والذي اعتبره الرئيس مشروعا حضاريا شعبيا أي أن شعوب المنطقة المغاربية هم من يطالبون اليوم بضرورة البناء المغاربي بالإضافة إلى تأكيد وزير الخارجية الجزائرية عبد القادر مساهل على تشبث الجزائر بمشروع بناء الصرح المغاربي من جهة واقتراحه الانتقال إلى ما يسمى بالمجموعة الاقتصادية المغاربية بمعنى إعطاء الأولوية للجوانب الاقتصادية والأمنية والتجارية حتى يشعر المواطن المغاربي بمواطنته المغاربية وانتمائه إلى هذا الفضاء الرحب وهو فضاء المغرب العربي، كما دعا المتحدث كافة البلدان المغاربية للالتفاف حول هذه الفكرة والشروع في تجسيدها عمليا عن طريق الحوار والتشاور وهو مطلب ليس بالمستحيل، خاصة إذا ما تم الاتفاق على دعم المميزات التي توّحد وتجمع هذه الدول، مضيفا أنه وفي الأيام القليلة الماضية الأمين العام لاتحاد المغرب العربي الطيب بكوش قام بجولة مغاربية من أجل التباحث حول إمكانية عقد لقاء لمجلس وزراء الشؤون الخارجية في محاولة لاستعادة دفء العلاقات المغاربية وبحضور كافة الأجهزة والمؤسسات الاتحادية بما فيها مجلس الشورى لاتحاد المغرب العربي الذي يترأس أمانته العامة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024