بويعقوب لـ”الشّعب”: استحداث 50 تكويناً جديداً وتعزيز الرّقمنة
تحسين خدمات الإطعام الجامعي وتفعيل المنصات الالكترونيـة
تطويـــر وتأهيل أكـثر مـن 120 مطعمـا جامعيـا
افتتاح 19 إقامة جامعية جديدة بسعة تزيد عن 5 آلاف سرير
يلتحق، اليوم، قرابة مليوني طالب بمقاعد الجامعات والمعاهد والمراكز الجامعية والمدارس العليا، عبر كامل التراب الوطني، إيذانا بانطلاق الموسم الجامعي 2026/2025، الذي يشهد سلسلة من المستجدات على الصعيدين البيداغوجي والخدماتي، مع تعزيز التأطير الأكاديمي، من خلال توظيف أزيد من 4112 أستاذا باحثا، في خطوة تعكس الجهود المتواصلة لضمان استمرار جودة التكوين الجامعي مع توسّع أعداد الطلبة.
يشهد الموسم الجامعي الجديد إدراج تخصّصات جديدة تتوافق مع التحولات العلمية العالمية ومتطلبات سوق العمل الوطني، من بينها مجالات الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني، الطاقات المتجدّدة، الاقتصاد الرّقمي، والعلوم البيئية. كما تمّ توسيع تدريس اللغة الإنجليزية لتشمل السنة الأولى في عدد من التخصّصات العلمية والتقنية، بما يعزّز قدرة الطلبة على الانفتاح على المحيط الأكاديمي الدولي، ويجعلهم قادرين على متابعة البحث العلمي بالمعايير العالمية.
كما تمّ إدخال تحسينات على المناهج الدراسية، تضمّنت وحدات تطبيقية لتعزيز المهارات العملية وربط الدراسة الأكاديمية بحاجيات السوق، مع التركيز على تطوير البحث العلمي والتكوين التطبيقي. وواصلت الجامعات تعميم استخدام منصّات التعلّم الرّقمي وإدارة الامتحانات إلكترونيًا، ما يُسهم في تحسين متابعة الطلبة، وتيسير الوصول إلى الموارد التعليمية، مع تقليص الحاجة للتنقل المكثف داخل المؤسّسات الجامعية.
تأهيــل الإقامــات الجامعية وتوسيـع شبكة النقــل
على صعيد الإقامات الجامعية، تمّ تأهيل أكثر من 12 ألف غرفة وصيانة المرافق الصحية، وتجهيزها بشبكات إنترنت عالية السرعة لتسهيل الدراسة والعمل الرّقمي للطلبة. كما تمّ افتتاح 19 إقامة جامعية جديدة بسعة تزيد عن 5 آلاف سرير، لتقليل الضغط على الإقامات القديمة، مع تعزيز الإجراءات الأمنية لضمان بيئة آمنة ومريحة للطلبة. وشملت التحسينات أيضا تطوير وتأهيل أكثر من 120 مطعما جامعيا وتوفير مرافق النشاطات الطلابية، بما يوفّر ظروفا متكاملة للطلبة خلال فترة دراستهم.
وفي مجال النقل الجامعي، تمّ تعزيز حظيرة الحافلات الجامعية ليصل إلى أكثر من 1800 حافلة تغطي أكثر من 350 خطّ نقل بين الإقامات والكليات، مع تنظيم الجداول الزمنية لضمان وصول الطلبة في الوقت المحدّد، خاصة القادمين من الولايات الداخلية والمناطق النائية. وتمّ تخصيص ميزانيات إضافية تصل إلى 2 مليار دينار لضمان انتظام النقل وسلاسته، بما يعكس الاهتمام بتوفير خدمات جامعية متكاملة لجميع الطلبة.
وشهد قطاع الإطعام الجامعي تحسينات ملموسة، تضمّنت تجهيز المطاعم الجامعية بأحدث المعدات، ومراقبة صارمة لمعايير النظافة وجودة المواد الغذائية، إلى جانب تنويع الوجبات المقدمة للطلبة بما يلبّي احتياجاتهم اليومية. كما تمّ تفعيل منصّات إلكترونية لتقديم طلبات الإيواء والإطعام والنقل، لتسهيل الإجراءات وتسريع معالجة الطلبات، بما يتماشى مع العدد الكبير للطلبة المسجّلين هذا الموسم.
تعزيز التأطير الأكاديمي
على صعيد التأطير الأكاديمي، تمّ توظيف 4112 أستاذًا باحثًا جديدًا، لتعزيز نسبة التأطير وتغطية العجز في بعض التخصّصات، وتمكين الجامعات من التوسّع في إدراج تخصّصات جديدة دون التأثير على جودة التكوين. وتركّزت هذه التوظيفات على حملة الدكتوراه من الشباب الباحثين، بما يعزّز البحث العلمي والمخابر الجامعية، ويتيح تطوير مشاريع أكاديمية تطابق المعايير الوطنية والدولية.
وكان وزير التعليم العالي والبحث العلمي، كمال بداري، قد أوضح في تصريح سابق له أنّ الدخول الجامعي لهذا الموسم يمثل مرحلة محورية في مسار إصلاح الجامعة الجزائرية، وشدّد على أهمية ربط التكوين الأكاديمي بالتحولات الاقتصادية والتكنولوجية، وتوفير بيئة تعليمية ملائمة للطلبة والأساتذة.
وأكّد الوزير أنّ توظيف الأساتذة الجدد وتطوير البنية التحتية الجامعية، سيساهم في تحسين جودة التعليم وضمان استمرارية البحث العلمي، مع تخصيص موارد مالية إضافية لدعم النقل والإقامة والإطعام، بما يواكب الزيادة الكبيرة في أعداد الطلبة والتخصّصات الجديدة.
آفاق مهنية وعلمية أوسع
في السياق، قال نورالدين بويعقوب، القائم على خلية الإعلام والاتصال في الرابطة الوطنية للطلبة الجزائريّين، إنّ وزارة التعليم العالي والبحث العلمي دأبت، مع كل دخول جامعي، على تحيين المسارات البيداغوجية واستحداث تكوينات جديدة في طورَي الليسانس والماستر، بما ينسجم مع التحولات الاقتصادية الراهنة، وبما يتوافق مع المتغيرات التي يشهدها سوق العمل.
أوضح بويعقوب أنّ الوصاية استحدثت هذه السنة 50 تكويناً جديداً موزّعة بين الليسانس والماستر ومهندس دولة، وذلك تماشياً مع متطلّبات اقتصاد المعرفة، ووفقاً لما تفرضه التحولات العالمية المتسارعة. وتجدر الإشارة إلى أنّ بعض هذه التخصّصات تمنح صفة الكفاءة أو الشهادة المزدوجة ضمن نظام التسجيل الوطني، الأمر الذي يفتح أمام الطلبة آفاقاً مهنية وعلمية أوسع.
كما تمّ إستحداث مسار التكوين في تخصّص قانون دولي، حقوق إنسان، باللغة الإنجليزية كلغة تدريس، إضافة إلى تمديد أوقات التدريس والنشاطات البيداغوجية، المقاولاتية إلى الساعة العاشرة ليلا. ومن ناحية أخرى، أبرز المتحدث أنّ أغلب التخصّصات الجديدة تركّز على الميادين الهندسية والعلمية والتكنولوجية، في إطار الاستراتيجية الوطنية الرامية إلى مواكبة التحول الرّقمي وتعزيز قدرات الجامعة الجزائرية على الاستجابة لمتطلبات التنمية.
وبلغة الأرقام، كشف بويعقوب أنّ 65،30% من الناجحين في شهادة البكالوريا دورة 2025، توجّهوا نحو ميادين العلوم والتكنولوجيا، مقابل 34.70% اختاروا ميادين العلوم الاجتماعية والإنسانية، وهو ما يعكس التوجّه المتزايد للطلبة نحو المسارات العلمية المرتبطة بالابتكار والتكنولوجيات الحديثة.
وأبرز بويعقوب أنّ 40 ألف طالب سيستفيدون من عقود توظيف مباشرة بعد انتهاء تأطيرهم البيداغوجي، وذلك ضمن خارطة التشغيل التي تعمل الوصاية على تفعيلها، من خلال دعم المؤسّسات الناشئة وتصدير خدماتها وتسويق منتجاتها، بما يرسّخ دور الجامعة كقاطرة للتنمية الوطنية.
وفي الجانب الخدماتي، أشار المتحدث إلى أنّ قطاع التعليم العالي يواصل تعزيز الرّقمنة من خلال إرساء 69 منصة رقمية في شتى المجالات، فضلاً عن تعميم استعمال البطاقة الذكية متعدّدة الخدمات، التي تجمع بين الشّقين البيداغوجي والخدماتي.
وإضافة إلى ذلك، فقد تمّ هذا الموسم رقمنة جميع مراحل التسجيل بالنسبة للطلبة القدامى والجدد عبر بوابة إلكترونية موحّدة، باستعمال الرقم التسلسلي لدفع حقوق التسجيل، بما يترجم عملياً توجّه الوزارة نحو تحقيق مبدأ “صفر ورق” والقضاء على المعاناة المرتبطة بالتنقل إلى المؤسّسات الجامعية.
خدمات جامعية متكاملة وتطوير البيئة الجامعية
يأتي هذا الموسم الجامعي في إطار استراتيجية شاملة لتطوير التعليم العالي، تجمع بين إدراج تخصّصات جديدة، تحسين المناهج، تعزيز البحث العلمي، وتحديث الخدمات الجامعية الأساسية. وتشمل هذه الجهود تجهيز أحياء جامعية حديثة، تطوير شبكات النقل الداخلية بين الجامعات والإقامات، وتحسين جودة الإطعام، بما يضمن بيئة جامعية متكاملة تلبي تطلّعات الطلبة ومتطلّبات التكوين الأكاديمي النوعي.
ويعكس دخول هذا الموسم الجامعي حرص الدولة على تطوير التعليم العالي، وتحسين الخدمات المصاحبة، بما يجعل الجامعات الجزائرية قادرة على استيعاب أعداد كبيرة من الطلبة، وتوفير تكوين نوعي ومواكب للتطورات العلمية والتكنولوجية.
كما يتيح هذا التحسين في البنية التحتية والخدمات تعزيز مكانة الجامعة الجزائرية على الصعيد الوطني والدولي، بما يضمن تحقيق أهداف التنمية الوطنية في مجال التعليم والبحث العلمي.
وتؤكّد وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، أنّ الدخول الجامعي 2026/2025 يمثل مرحلة استراتيجية، تجمع بين النمو الكمي في أعداد الطلبة، وتحسين جودة الخدمات والتأطير الأكاديمي، بما يتيح للجامعة الجزائرية لعب دور محوري في إعداد خرّيجين قادرين على المساهمة الفعلية في مختلف المجالات العلمية والتقنية الحديثة.
ويعتبر هذا الموسم الجامعي نموذجا متقدما للتطوير الجامعي، حيث يجمع بين التعليم المتميز، الخدمات الحديثة، والتأطير الأكاديمي القوي، مع التركيز على تحقيق أفضل الظروف للطلبة والأساتذة على حدّ سواء.