ندبة ماضٍ

جمانة بن راحلة

إن الحزن من اكبر الكبائر التي نحاسب عليها، انه الوحيد الذي لا نسلم من عقابه، لأننا نحن من اخترناه بكل بساطة، لم نحاربه بصرامة ولم نردع دخوله إلى حياتنا بكل شجاعة، ولم تكن لدينا الإرادة الجبارة لنقف أمامه كالجدار السميك، لا يهزنا ريح ولا يحركنا ساكن، أن الحزن شعور سيئ جدا، يجعلك تدخل في متاهات ليس لك أدنى فائدة من سلك معتركات طرقها، تدخل مملوء الجيب، ميسور الحال، مبتسم الثغر، مرتاح البارح وهنئ القلب، تخرج منها بصعوبة كبيرة مكشرا ممزق القلب، مشغول الفكر، تائه البال، حيران، إنها لعنة تحل على المرء فتقلب كفة الميزان إليها، إنها لعنة تسلط فتكون سببا رئيسيا في موتك، اجل إنها لعنة الحزن..
لكن يا صديقي الحزن للحمقى، نحن لا نحزن، نحن لا نبالي، نحن أقوياء نصد دوافع هذا الشعور ونقاومه إلى آخر نفس نلفظه، لا ننهزم أمامه ولوكلفنا ذلك روحنا، سنفدي أنفسنا وروحنا في سبيل ألا تحزن لأنها لا تستحق ذلك، سندافع على قلوبنا، سنغلقها، نكبل جل أبوابها وكذا نوافذها، سنحفظ مفاتيحها في أماكن لا يعلم بها الرحمان، سنحفظ أنفسنا من أن نهب ثقتنا في غير محل، سنحمي أنفسنا من الحب الغادر والصداقة الخائنة والعائلة السالبة والمجتمع المعاق، سنكون خير سند لأنفسنا لتتجاوز هذه المحنة وتخرج من الحلبة منتصرة، متألقة تحتفل بنا ونحتفل بها، سنصون أرواحنا وذواتنا، سنؤمن بما تحمله دواخلنا وتخبئه أقطارنا، سنثق بأنفسنا قبل أي شخص، سنحب أنفسنا قبل أي شخص، لن نحتاج إلى أحد، لن نطلب المساعدة ونترجى احدهم، لن نهطل دموعنا الثمينة كالجواهر من اجل أشخاص لا يستحقون ذلك، من اجل أشخاص تخلوا عنا ونحن في أمس الحاجة إليهم، لن نحزن يا صديقي، لسنا مثلهم يا هذا.. الحزن ليس لأمثالنا، الحزن للحمقى الضعفاء..

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024