السوق المالية الجزائرية تدخل مرحلة التحول العميق
إنشاء أكاديمية للتكنولوجيا المالية لتعزيز الابتكار وبناء الكفاءات
أكّد وزير المالية عبد الكريم بوالزرد، أنّ الجزائر تعمل على بناء سوق مالية عصرية ومستقرّة، لافتا إلى أنّ البورصة، كجزء من هذه السوق، مدعوة اليوم إلى أداء دور محوري في مرافقة المؤسّسات الناشئة والمتوسّطة، دعما للاستثمار المنتج.
وجاء ذلك في كلمة له خلال أشغال المؤتمر السنوي الثالث للسوق المالي الجزائري، المنظم بالمركز الدولي للمؤتمرات، “عبد اللطيف رحال”، السبت، قرأها نيابة عنه رئيس ديوان الوزارة جمال الدين زلاقي، بحضور وزير اقتصاد المعرفة والمؤسّسات الناشئة والمؤسّسات المصغّرة، نور الدين واضح، ومستشار رئيس الجمهورية المكلف بالمالية والبنوك والميزانية وكذا احتياطي الصرف والصفقات العمومية والمخالصات الدولية، فريد يايسي، وكذا رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، محمد بوخاري.
وأوضح السيد بوالزرد أنّ السوق المالي الجزائري يشهد “تحولا عميقا” عبر سلسلة من الإصلاحات لتعزيز دوره كرافد من روافد تمويل الاقتصاد الوطني، مبرزا أنّ السوق المالي الوطني مدعو اليوم “أكثر من أي وقت مضى للاضطلاع بدور محوري في مرافقة المشاريع الاقتصادية وتمويل المؤسّسات الناشئة والمتوسطة، وكذا تعزيز اندماج الاقتصاد الوطني في المحيط الإقليمي والدولي”.
وأضاف، أنّ جهود السلطات العمومية انصبّت على الرقمنة، من خلال توفير بوابة إلكترونية وشباك موحّد للسوق المالي، لافتا إلى أنّ السلطات تعمل على تعميق الإصلاحات المالية، وتعزيز الاستقرار المالي، مع توسيع آفاق التمويل خارج الأطر التقليدية لتقليص الضغط على التمويل الميزانياتي.
كما أكّد الوزير أنّ دور السوق المالي يبرز “كأداة حيوية ونشطة للاقتصاد الوطني، إذ يُسهم بشكل مباشر في تعبئة الموارد اللازمة لتمويل المشاريع الاستثمارية في مختلف القطاعات”.
من جهته، أشار رئيس لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها “كوصوب”، يوسف بوزنادة، إلى أنّ السوق المالي الجزائري شهد خلال السنوات الأخيرة إصلاحات عميقة، شملت الإطار التنظيمي والتشريعي وسمحت بإنشاء صناديق استثمارية جماعية، باعتبارها أداة تمويلية بديلة مبتكرة لتنويع مصادر التمويل، ودعم توجيه الإدخار الوطني نحو الاستثمار المنتج.
وأبرز أهمية إطلاق منصّات إلكترونية خاصة بتنفيذ أوامر بيع وشراء الأسهم والسندات ببورصة الجزائر، وهذا تماشيا مع مسار التحول الرّقمي الذي يعرفه السوق المالي الوطني، وهذا على مستوى سبع بنوك لتحسين الولوج لأسواق رأس المال للمستثمرين والفاعلين في السوق.
في هذا الإطار صار بإمكان “كل شخص يريد شراء أسهم أو سندات متداولة في بورصة الجزائر، استعمال مساحة الزبون أو الصيرفة الالكترونية e-banking بمواقع البنوك المذكورة مباشرة، وتمرير أمر الشراء دون التوجّه إلى البنك والطرق الورقية التقليدية. فالعملية تتم الآن بصورة رقمية”، بحسب توضيح السيد بوزنادة.
وأضاف أنّ السوق المالي الجزائري تمكّن في الفترة الأخيرة من “تعبئة ما يقارب 200 مليار دج وجّهت لتمويل عمليات عصرنة بنوك، إنجاز مشاريع استثمارية منتجة، بما يؤكّد قدرة السوق على الاضطلاع بدوره المحوري في تعبئة الإدخار الوطني وتوجيهه نحو القطاعات ذات القيمة المضافة، تماشيا مع الرؤية الاستراتيجية لرئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، الرامية إلى تنويع الاقتصاد الوطني”.
ثلاث مؤسّسات عمومية جديدة.. قريبا في البورصة
تمّ بالمناسبة، تنظيم جلسات موضوعاتية تطرّقت أساسا إلى مواضيع التحول الرّقمي في القطاع المالي، الوساطة المالية والمصرفية ومعرض متخصّص، إضافة إلى تكريم الفائرين في مسابقة للتكنولوجية المالية.
كما جرى التوقيع بالمناسبة على اتفاقية بين لجنة “كوصوب” ومعهد التكوين المصرفي بهدف إنشاء أكاديمية للتكنولوجيا المالية، وقّعها كل من المدير العام للمعهد التكوين المصرفي، عثمان مالك، ورئيس كوصوب” يوسف بوزنادة.
وتتمثل مهام الأكاديمية في تطوير الكفاءات الوطنية، وتعزيز الابتكار والتنسيق بين الهيئات الرّقابية، والمؤسّسات المالية، والفاعلين في القطاع.
من جهة أخرى وقّعت لجنة “كوصوب” اتفاقية شراكة مع المديرية العامة للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي التابعة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، لمرافقة تمويل المشاريع الابتكارية وكذا مرافقة المؤسّسات الفرعية الاقتصادية (التابعة للوزارة) للدخول إلى البورصة.
ووفقا للشروحات المقدمة من طرف محمد بوهيشة، المدير العام للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي، فإنّ “ثلاث مؤسّسات فرعية تابعة للقطاع حضّرت ملفاتها للدخول إلى البورصة، وهي التجربة الأولى من نوعها”، مضيفا أنّ الأمر يتعلّق بكل من المؤسّسة الفرعية لمركز البحث والتحاليل الكيميائية والفيزيائية، والمؤسّسة الفرعية التابعة لمركز البحث والتكنولوجيات الصناعية، والمؤسّسة الفرعية التابعة لمركز تطوير الطاقات المتجدّدة.
وأشار إلى أنه تمّ اعتماد الوكالة الوطنية لتثمين نتائج البحث كمستشار استثماري لدى بورصة الجزائر، والتي ستمكّن الوكالة من تمويل المشاريع الابتكارية في قطاع التعليم العالي والبحث العلمي.




