شهدت الجزائر العاصمة تطورا ملحوظا في مجال المشاريع السكنية والعمران بشكل عام، نتيجة لجهود الدولة المستمرة لتلبية احتياجات المواطنين في ظل النمو السكاني السريع، بعد أن شكل ملف أهم التحديات التي واجهتها الجزائر الجديدة، مما دفع السلطات إلى إطلاق عدة مشاريع ضخمة لتوفير سكنات تتناسب مع مختلف الفئات الاجتماعية، بالإضافة إلى إنشاء مدن جديدة تهدف إلى تخفيف الاكتظاظ السكاني في العاصمة وتحقيق توازن عمراني مستدام.
حققت الجزائر العاصمة تقدما كبيرا في مجال المشاريع السكنية والعمران خلال العشر سنوات الأخيرة، حيث أطلقت الدولة مجموعة من المشاريع السكنية الضخمة والمدن الجديدة التي تسهم في تقليل الضغط السكاني وتحسين ظروف المعيشة للمواطنين.
وركزت السلطات المحلية بولاية الجزائر، على تطوير البنية التحتية وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين، عبر استراتيجيات متعددة، مثل بناء مدن جديدة، توسيع برامج السكن الاجتماعي، وتقديم حلول سكنية متنوعة، بهدف تحسين مستوى الحياة في العاصمة وضواحيها، وضمان توفير السكن الكريم للمواطنين.
وفي هذا الصدد، أطلقت الجزائر عدة مشاريع ضخمة وقامت ببناء مدن جديدة، على غرار مدينة سيدي عبد الله، التي تمتد على مساحة شاسعة تضم مئات الآلاف من الوحدات السكنية، هذه المدينة التي تم تصميمها لتكون مدينة ذكية مع مرافق سكنية وتجارية وصحية متكاملة، حيث تم بالفعل توزيع العديد من الوحدات السكنية في مراحلها المختلفة.
وتعتبر المدينة الجديدة سيدي عبد الله، من أكبر المشاريع السكنية التي تم تنفيذها في العشر سنوات الأخيرة، وهي تهدف إلى تخفيف الضغط على العاصمة وتوفير بيئة حياة أفضل للسكان، كما يعتبر برنامج “عدل” (وكالة تحسين السكن وتطويره) من أبرز المشاريع التي أطلقتها الدولة في السنوات الأخيرة.
هذا البرنامج يهدف إلى توفير سكنات للطبقة المتوسطة ويعد حلا رئيسيًا لأزمة السكن في الجزائر. تم تنفيذ مشاريع ضخمة في هذا البرنامج في مناطق مثل الرحمانية، سيدي عبد الله، وباب الزوار الجديدة، حيث تم توزيع أكثر من 200 ألف وحدة سكنية في العاصمة وضواحيها في إطار برنامج “عدل”، حيث أسهمت هذه المشاريع في تلبية احتياجات العديد من العائلات، خاصة في ظل تزايد الطلب على السكن في العاصمة.
وبالإضافة إلى “عدل 1” و«عدل 2”، أطلقت الدولة برنامج “عدل 3” مؤخرا، وهو استكمال لهذه البرامج ويهدف إلى توفير مئات الآلاف من الوحدات السكنية للمواطنين من الطبقة المتوسطة، يتميز هذا البرنامج بمرونة أكبر في معايير الاختيار والتوزيع، مع تخصيص المزيد من الوحدات السكنية في المناطق الجديدة مثل سيدي عبد الله وباب الزوار الجديدة.
ويتمثل الهدف الرئيسي لبرنامج “عدل 3”، في تسريع تسليم الوحدات السكنية لتلبية احتياجات المواطنين بسرعة أكبر، مع تحسين الأنظمة الإلكترونية لتسهيل عملية التسجيل والمراجعة، ويتوقع أن يسهم “عدل 3” بشكل كبير في تقليص أزمة السكن في الجزائر العاصمة، حيث سيضاف 100 ألف وحدة سكنية في مناطق مختلفة.
بالإضافة إلى ذلك، اهتمت الدولة بتنفيذ مشاريع سكنية أخرى في إطار السكن الاجتماعي، والذي يعد الحل الأبرز لمحدودي الدخل، ففي السنوات الأخيرة، تم تنفيذ مئات الآلاف من الوحدات السكنية ضمن برنامج السكن الاجتماعي في مختلف مناطق العاصمة.
وتهدف هذه المشاريع لضمان حصول الطبقات الاجتماعية ذات الدخل المحدود على سكن ملائم وبأسعار معقولة، وعلى الرغم من التحديات التي تواجه هذا النوع من المشاريع مثل التأخير في بعض الأوقات، إلا أن الدولة تواصل جهودها بشكل مكثف لضمان تسليم السكنات في الوقت المحدد، تم تسليم أكثر من 300 ألف وحدة سكنية اجتماعية في العشر سنوات الأخيرة، مما ساعد على تقليص أزمة السكن وتحسين ظروف المعيشة في العديد من الأحياء.
وفي إطار تطوير المدن الجديدة، تم إنشاء مدن أخرى مثل مدينة بوينان في ولاية البليدة، التي تخدم أيضا سكان العاصمة، هذه المدينة الجديدة توفر وحدات سكنية بصيغة “عدل” وتهدف إلى تخفيف الضغط على العاصمة. تم توفير أكثر من 40 ألف وحدة سكنية في بوينان، بالإضافة إلى العديد من المرافق الأساسية مثل الطرق السريعة والمدارس والمراكز الصحية، مما يجعلها مدينة متكاملة.
ومن بين المشاريع الأخرى التي اهتمت بها السلطات في السنوات الأخيرة ، نجد تحسين البنية التحتية لعدة مناطق سكنية، حيث تم توسيع شبكة المواصلات العامة بما في ذلك الميترو والترامواي، مع ربط المزيد من الأحياء السكنية بشبكة النقل العامة الحديثة. هذا التطور في وسائل النقل أسهم بشكل كبير في تحسين التنقل داخل العاصمة والتخفيف من الازدحام.
ورغم الإنجازات التي تحققت في هذا المجال، لا تزال بعض التحديات قائمة، خاصة في ظل النمو السكاني المستمر، حيث تواصل الحكومة الجزائرية استثماراتها في تحسين المدن الجديدة وتوسيع شبكة الطرق والمواصلات لتلبية الاحتياجات المتزايدة للسكان.
كما تواصل العمل على زيادة عدد الوحدات السكنية في إطار مختلف البرامج مثل “عدل” و«السكن الاجتماعي” لتلبية الطلب المتزايد على السكن في العاصمة.