صدور رواية «وفرقتنا الاثنية» لآمال قنادز

الغوص في الطابوهات الاجتماعية بلمسة فنية

نورالدين لعراجي

أصدرت الكاتبة الجزائرية آمال قنادز، هذا الأسبوع، رواية اجتماعية حملت عنوان: «وفرقتنا الإثنية « العمل الروائي صدر عن دار نشر المثقف وعبر صفحاتها 73، ابحرت بنا ابنة الجسور المعلقة في قضية الانساب لتروي لنا فكرة منع الاختلاط أو الزواج بين الامازيغ والعرب وتضمنت السياق الزمني مابين سنتي 2017-2019 في وحدة عمل اجتماعي .
اختارت الأديبة قنادز إطارا زمكانيا لتوثق عملها الروائي وتدور احداثها ما بين ثلاث مناطق وهي قسنطينة، تيزي وزو، المسيلة وكل ولاية من هذه المدن الجزائرية تحمل طابعها الثقافي الممتد في العادات والتقاليد، حيث تبدأ أحداثها بالتقاء شاب من منطقة القبائل ينتمي الى عشيرة في تيزي وزو، قدم الى عاصمة الشرق الجزائري قسنطينة بغية العمل مع عمه في شركة دواء تابعة لأملاك العائلة وللدراسة في كلية الحقوق، وتقوده الصدفة الى التعرف بفتاة ذات أصول عربية مقيمة في مدينة سرتا، تنشأ بينهما علاقة حب وتأخذهما الاحلام الى أبعد من الجامعة.
في الشق الآخر يحدث الشاب أهله عن فتاة احلامه بغية الزواج، لكنه يلقى معارضة شديدة، من الاسرة، إلا ان اصرار قلبه يدفعه بالتقدم الى أبيها بمفرده فيجد رفضا من الطرف الآخر وهذا الاخير «الأب « مدمن كحول ومدين لرجل بالكثير من المال.
تتزوج الفتاة تحت ضغط والدها هروبا من خسارتها لحبيبها الذي ظنته قد تخلى عنها بعدما رفضت العائلة زواجهما، وسرعان ما تجد نفسها وسط عائلة بعيدة عن رغباتها، وبين احضان رجل يكبرها بسنوات، يصدمها بقرار منعها العمل خارج البيت، فيما كانت طبيعة عمله تفرض عليه التنقل عبر ولايات الشرق الجزائري لأيام متتالية ولأنه كان يغيب عنها طلب منها فتح حساب في مواقع التواصل الاجتماعي وتزامن ذلك مع الحراك الشعبي في مارس 2019.
بأسلوب مشوّق وجدت الفتاة ضالتها في العالم الافتراضي، على الاقل بالنسبة إليها قتل الوحدة التي اكتشفتها في بيت الزوجية حيث كانت المواقع بالنسبة إليها منبرا لتضارب الافكار، خاصة حول الحراك الشعبي، وفي الجمعة 18 من الحراك يصدر قرار بمنع أية راية خلال التجمعات ماعدا الراية الوطنية الوحيدة، لتتفرق الجموع حول المطلب.
تكتشف بطلة الرواية «مايا « ان سم الاثنية بدأ ينتشر في الوسط الافتراضي شيئا فشيئا، زاد حجمه وبدأ الغاء الاخر يجد ضالته، تاركا مسحة سوداوية حول العلاقات الاجتماعية بين الجزائريين،وبعدما كان الحب يغمرها هاهو مرة أخرى يعمق الجرح ويفرقها عن حبيبها ثم ينفث سمومه في الحراك الشعبي ويفرق شتاته دون إغفالها انعكاساته على أمن واستقرار البلاد لاسيما افراد الاسرة الواحدة.
 
العمل النضالي التطوّعي في بناء الوعي

بدأت البطلة «مايا « في كتابة ونشر مقالات حول بناء الوعي، الى ان اكتشفت ان حبيبها الاول كان ضمن نفس المجموعة ولأنهما استعملا اسماء مستعارة، وتلك الأسماء كان يطلقها كل منهما على الآخر حينما كان على علاقتهما السابقة، تعرف على بعضهما وتراسلا بعد ان اقتنعا بالواقع أنها متزوجة وهذا ما يمنع أي اتصال آخر بينهما.
مرّت الايام وتلتها الاسابيع وهما في عالمهما الافتراضي كلما سمحت الفرصة يتبادلان الاحاديث حول مطالب الحراك الشعبي وما يحاك ضد البلد، الى ان مرضت «مايا « فانقطعت عن النشر ثم تبين ان الموت ينمو بين أحشائها، ولم تلبث كذلك الى ان توّفاها الأجل، فأنزل زوجها خبر وفاتها على صفحتها، فكانت صدمة أخرى على الشاب يحيى الذي رأى ان يمد خطوته نحو النهاية ليلحق بها،لأن موتها أفاض كأسه، بعدما كان مكتئبا لزواجها من آخر ولرفض عائلتها له وبقاءه وحيدا، ثم حصل ان حدث ما يشبه معجزة جعلته يحجم عن الانتحار في تلك اللحظة بعث يحيى من جديد بفكر وعزم على نضال عكسي لما كان يحمله من افكار تطرفية انفصالية قبل ان يعرف مايا، وبذلك أثبت ان الحب هو القيمة السامية التي من شأنها تغيير الافكار والقضاء على كل تعصب اثني.
الرواية تعتبر أول عمل سردي للكاتبة في انتظار فتوحات أخرى، مع السرد القصصي والمتن الروائي، في انتظار دراسات نقدية تضع العمل على المحك.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024