المخرج والممثل المسرحي دريس بن حديد

نحتاج إلى مسارح جهوية وليس لمهرجانات مناسباتية

حوار: حبيبة غريب

الفنان دريس بن حديد مخرج ومؤلف وممثل مسرحي، رئيس جمعية صحراء للمسرح وفنون السمعي البصري، المدير الفني لجمعية النسور للمسرح، مثل في عدة مسرحيات وأعمال تلفزيونية. المعروف عنه شغفه الكبير بالفن الرابع ودفاعه بشراسة وشغف عن حقوق الفنانين والفنانات بالجنوب الكبير، رسائل كثيرة يوجهها من خلال هذا الحوار الى السلطات الوصية على الثقافة والفنون.     

«الشعب ويكاند»: كيف تقيّمون وضع المسرح بالجنوب الجزائري، ووضع الفنان، وهل تسمية مسرح الجنوب تخدم أصحاب الركح والإبداع فعلا؟
 دريس بن حديد: في الحقيقة يمرّ المسرح في الجنوب  بأوقات صعبة، وبكل صراحة نحس نحن الفاعلين في المشهد المسرحي بالانسلاخ عن المنظومة المسرحية عموماً.
في حين نحن لا نطالب بأمور شخصية، لأن جل مطالبنا تصبّ في المصلحة العامة، خاصة الأشياء التي تمكن شبابنا من إبراز مواهبهم الأمر الذي بإمكانه أن يشكّل تكافؤ ومساواة ويحقق مطالب تتمثل أساساً في إشراكنا في التخطيط والتنفيذ للتظاهرات المسرحية.. نريد التعجيل بالإفراج عن المشاريع المسرحية الممنوحة من طرف الوزارة.. نريد مسارح جهوية.. نريد مهرجانات مسرحية قارة وليس أياما مسرحية يتم تتوقف مواردها المالية في أي وقت.. ولنا في النخلة الذهبية في أدرار والجمل الذهبي في تندوف مثال ودليل على ذلك..
أما عن التسمية نحبذ أن تأخذ بعداً ثقافياً على غرار المسرح الشعبي أو المسرح الأفريقي... الخ بمعنى آخر، التسمية يجب أن تكون مقرونة بالهوية الثقافية والأدبية والفنية في قالبها التراثي والتقليدي.
أنت من المدافعين عن التوازن في منح لفرص بين الفنانين حيثما وجدوا؟
البعض يجيبنا عندما نشتكي من الجغرافيا في شقها المتعلق ببعد المسافة بجملة «الله غالب بلادنا كبيرة»،  لكننا عندما نشتكي من الجغرافيا لا يعني أننا نطالب بتحويل مبنى المسرح الوطني إلى تندوف أو تمنراست، بل بإنشاء مبانٍ مماثلة تؤدي دوره ووظائفه كالمسارح الجهوية.. وإعطاء صلاحيات أكبر لمديريات ودور الثقافة الولائية لتذليل العقبات أمام الجمعيات والفرق المسرحية، وأن يكون على رأس هذه الهياكل أشخاص أكفاء من المشهد الثقافي والفني، وأن يكونوا في خدمة الفنانين والمبدعين خاصة الشباب وأن لا تغلق أبواب مكاتبهم في وجه المبادرات التي تعكس الواقع.
ناهيك عن عدم وجود التوازن في منح الفضاء والفرص في إبراز المواهب مثل إشراكنا في إنتاجات سينمائية وتلفزيونية وعروض مسرحية ضخمة، على غرار الأعمال التاريخية مثلاً كما لا يوجد توازن في إنشاء هياكل ولو مصغرة في الجنوب مثل معاهد للموسيقى والرسم، مما يتيح لنا تبادل الأفكار والخبرات مع زملائنا المبدعين في هذه الفنون التي هي مكوّن لأب الفنون والفن الرابع المسرح..
بالرغم من قلة الإمكانيات والموارد أبدع كثير من الممثلين في الأداء، وفازت العديد من الفرق والتعاونيات بجوائز داخل وخارج الوطن، لكن تبقى مهمّشة نوعا ما هي الأسباب في ذلك؟
 يزخر الجنوب تماماً كباقي مناطق الوطن بالمواهب وفي كل المجالات، تخرجت منه فرق وجمعيات عريقة، ولنا في جمعية النسور للمسرح لولاية تندوف أكبر مثال على ذلك، حيث أصبحت تلامس العالمية من خلال إنتاجات عملاقة مثل مسرحية الزير سالم، ومسرحية نهاية لعبة، والمسلسل التلفزيوني الشهير عباس بن مرداس الذي بث في عديد القنوات العربية، كما أن هناك الكثير من المبدعين من الجنوب الذين ذاع صيتهم بعد أن بذلوا الغالي والنفيس في سبيل المسرح.. رغم ذلك لازالت ظروف العمل صعبة للغاية تتمثل أساساً في عدم التكريم المعنوي خاصة.
 كمخرج وممثل مسرحي ورئيس جمعية تدافع عن قضية ركح ووجود، حدّثنا عن هذا الشقّ من مجهوداتك؟
 لست الوحيد الذي يبدل المجهود بل هناك العديد من الزملاء من مختلف ولايات الجنوب يبذلون أكثر مما أفعل ويكافحون من أجل غد أفضل، ونحن هنا مطالبنا مشروعة وليست مطالب شخصية في نفس الوقت.. وفي مقابل هذا الجهد المضني والذي هو على حساب إبداعنا وعائلاتنا وراحتنا لا نشعر أننا حققنا الكثير من المطالب، بل نحس دوماً أننا ندور في حلقات مفرغة أو أننا نراوح للمكان رغم ذلك لن نستسلم خاصة بتزايد أعداد المؤمنين بمطالبنا ومن كل أنحاء وربوع هذا الوطن الغالي.
في رصيدك كثير من المداخلات والاقتراحات لتصحيح الوضع الراهن، ذكرنا ببعض من اقتراحاتك. وهل تجد لحدّ الساعة بعض من الصدى لدى القائمين على قطاع الثقافة؟
 للأسف كما أسلفت سابقاً ورغم طرقنا للعديد من الأبواب وبعض النوافذ إلا أننا لم نجد صدىً لانشغالاتنا لا محلياً ولا وطنياً هي مجرد وعود بعضها كاذبة وبعضها الآخر بذل أصحابها جهدهم في تحقيقها والإيفاء بها. لكن دون جدوى ودون تحقيق ملموس لها، لكننا لن نيأس ولن نمل.
نظّم المسرح الوطني الجزائري مؤخرا تكوينا حول مسرح الجنوب. ماذا تقدم مثل هذه الالتفاتات  للفنانين؟
 الدورات الفنية في الجنوب مكسب لأبنائنا وشبابنا من المسرحيين رغم بعض النقائص والتجاوزات التي نطمح أن يتم إصلاحها والأخذ بها مثل إشراك رؤساء الجمعيات والمخرجين في التنسيق لها بغية التنظيم الجيد والسير الحسن، من منطلق أن أهل مكة أدرى بشعابها ومن أجل إشراك أكبر عدد اكبر من أعضاء هذه الفرق. وأعطيك مثالا بسيطا، من تندوف تمّت مشاركة خمسة أشخاص فقط من بشار لا أحد من النعامة والبيض لا أحد وأخذت أدرار النصيب الأكبر وهذا راجع لبعد المسافة بين ولايات الجنوب عكس ولايات الشمال المتقاربة فبين أدرار وتندوف مثلاً 1400 كلم ولولا حرصي ومرافقتي شخصياً  لهم لما شارك أحد من تندوف.. هذا راجع أيضا  لطريقة التسجيل الالكتروني التي نثمنها، لكن لو أضفنا لها الإعلام عن طريق رؤساء ومخرجي الفرق، كما أسلفت لكانت النتائج أفضل.. لكنها تبقى إحترازات. لا تعني فشل الدورات التدريبية بالعكس نرى في ذلك التفاتة طيبة تصبّ في توجهاتنا.
 كلمة أخيرة ؟
 نحن متساوون في الواجبات والحقوق وفي الكفاءات والمواهب وأن المسؤولية تكليف، وليس تشريف، كما أننا ومن هذا المنبر المحترم ـ نقول ـ إننا سنواصل النضال، وإننا لن نخجل بالمطالبة نحو الأفضل وفتح المجال للكفاءة لتسمو الافكار البنّاءة. كما لا يفوتني أن أشكر كل قلم حر وكل عدسة شريفة وكل مسرحي شريف، ولجريدة «الشعب» التي أتاحت الفرصة لنا لنطالب بما هو لنا ومن حقنا.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19460

العدد 19460

السبت 04 ماي 2024
العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024