الفنان التشكيلي عبد الحليم سلامي لـ«الشعب»:

تثمين النظرة الاقتصادية للفنون الإفريقية

ورقلة: إيمان كافي

أكد الفنان التشكيلي العالمي، عبد الحليم سلامي، أن البعد الإفريقي في ثقافتنا واضح في الكثير من معالمها، بحكم الموقع الجغرافي للجزائر في شمال إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط، حيث سمح ذلك باستقطاب تأثيرات مختلفة، أبرزها الامتداد الإفريقي الذي ساهمت فيه بشكل كبير التبادلات التجارية والقوافل التي كانت تمر عبر الجزائر إلى تمبوكتو.

أوضح أن هذا الامتداد الثقافي، انعكس في الصناعات التقليدية وبعض الرموز الهندسية في اللباس والحلي ومختلف الصناعات الخشبية والأدوات المنزلية التي تحمل في الغالب زخارف، تعبر عن البعد الإفريقي في ثقافتنا والذي كان له تأثير كبير على الجانب المعماري من ناحية أخرى والتي كانت محاكاة للجغرافيا الإفريقية التي تجمعنا على أرض هذه القارة.
وقال الفنان سلامي إنه شخصيا تأثر بالكثير من الرموز والأشكال ذات البعد الإفريقي في منطقة الجنوب الشرقي والغربي خاصة في مدينة تيميمون التي تحاكي بناياتها كثيرا الطابع الإفريقي واستخدمها في بعض أعماله الفنية، كما أشار إلى أن الكثير من الفنون في الجزائر كانت إفريقية، مشيرا إلى أنه لا يمكننا تصور فن جزائري بدون جانب إفريقي، يفرض حضوره بقوّة من خلال مختلف الأعمال الفنية.
وذكر محدثنا أن الفن الإفريقي عموما شكل نقطة فارقة في تاريخ الفنون في العالم وخاصة في مسار الفن التشكيلي، فالفنان بابلو بيكاسو الذي أثر على جيل بأكمله من الفنانين في أوروبا وعند اكتشافه للقناع الإفريقي، استطاع الخروج من عباءة المدارس الفنية، وبدأ الحديث هنا في هذه المرحلة عن عبقرية فنية، غيرت المفاهيم الفنية بشكل كامل ..كما ساهم ذلك في ظهور تيارات جديدة للفن التشكيلي من اكتشاف الفن الإفريقي الذي سهل فيما بعد حركة الفنانين خارج أوروبا.
مضيفا «كذلك الأمر في الموسيقى وخطوط الموضة، دائما هناك نقطة تاريخية فاصلة لعصر ما قبل وعصر ما بعد اكتشاف الفن الإفريقي».
حتى الفنانين الجزائريين الأوائل، من بينهم شكري مسلي الذي يطلق عليه شكري الإفريقي، تأثر كثيرا بالبعد الإفريقي وكانت التأثيرات الإفريقية واضحة بشكل كبير في أعماله، وقد أعطى من خلال تجربته والكثير من الفنانين اللبنة الأساسية لهوية الفن الجزائري الحديث.
وأشار إلى أن قلة الاهتمام في البلدان الإفريقية بالفنان وتهميشه، عطلت مسار مساهمة الفنون في تنمية الاقتصاد لسنوات، فبسبب هذه البيئة التي لم تكن داعمة للفن ولتطويره، اضطر الكثير من الفنانين الأفارقة إلى الهجرة.
في وقت كان يمكن للفنانين الأفارقة في حال بقائهم في أوطانهم أن يؤثروا على الإنتاج الفكري وعلى تطوير فن العمارة وخطوط الموضة وحتى قصات الشعر، التصميم وغيرها.
بما يساهم في فتح آفاق جديدة لتنمية الاقتصاد في هذه الدول وتشغيل يد عاملة في الصناعات التقليدية وأن يكونوا ملهمين حتى في استحداث مهن أخرى في الصباغة والنسيج والسيراميك.
وبالتالي فهجرة الفنان كانت ولازالت تعني خسارة للأفكار وللسوق وللفرص الاقتصادية التي تستفيد منها فعليا دول أخرى احتضنت بيئتها الفنان الإفريقي.
لذلك أشار الفنان سلامي أنه لابد اليوم من تغيير النظرة اتجاه الفنان الذي يمكنه أن يُكوّن منظومة اقتصادية بأكملها، عبر تثمين أعماله وتوفير بيئة مساعدة على تطويرها في اتجاه يسمح بفتح آفاق أخرى لتطوير الفنون وتشغيل الأيدي العاملة في المهن المرافقة للفنون المختلفة والتي تنتج عن تطويرها. واستغلال ذلك في خدمة الفن الإفريقي وتنمية وتطوير إفريقيا اقتصاديا كواجهة من واجهات العالم، تعتبر أيقونة جغرافية ومرجعية ثقافية وخزانا للكثير من الفنون العالمية التي تولد على هذه الأرض الملهمة وتستفيد منها ضفة أخرى من العالم في الكثير من الأحيان.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024