تحتضن جامعة غرداية، أكتوبر الداخل، الملتقى الوطني “العرف ودوره في تحقيق الأمن الفكري والاجتماعي”. وتسعى هذه التظاهرة العلمية إلى تسليط الضوء على أهمية العرف في السياق السوسيوثقافي، والعلاقة بينه وبين الأمن الفكري، وكيفية إسهامه في تشكيل الهوية الفكرية، وتأثيره على القيم والمعايير الاجتماعية، وكيفية توجيه السلوك الفردي والجماعي. كما يعمل الملتقى على إبراز دور الهيئات العرفية في تعزيز التماسك الاجتماعي وتحقيق العدالة الاجتماعية.
ينظّم قسم العلوم الإسلامية بكلية العلوم الاجتماعية والإنسانية، جامعة غرداية، الملتقى الوطني “العرف ودوره في تحقيق الأمن الفكري والاجتماعي”، وذلك يومي 14 و15 أكتوبر الداخل.
يهدف الملتقى إلى التعرف على الإطار المفاهيمي للعرف وأهميته في السياق الاجتماعي والثقافي، وبيان سلطان العرف وحاكميته في التشريع الإسلامي، وتحليل العلاقة بين العرف والأمن الفكري، وكيفية إسهامه في تشكيل الهوية الفكرية ومواجهة الانحراف، ودراسة تأثير العرف على القيم والمعايير الاجتماعية، وكيفية توجيه السلوك الفردي والجماعي.
كما يهدف إلى إبراز دور الهيئات العرفية الاجتماعية في تعزيز التماسك الاجتماعي، وحل النزاعات، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والكشف عن الصعوبات التي تواجه الهيئات الاجتماعية والعرفية في تحقيق الأمن الفكري لدى أبنائها، وتشجيع البحث العلمي في مجال العرف ودوره في تحقيق الأمن الفكري والاجتماعي، على أمل الخروج بتوصيات واقتراحات عملية لتعزيز دور العرف في تحقيق الأمن الفكري والاجتماعي، وفي بناء مجتمعات آمنة ومستقرة، تواجه تحديات العصر بوعي وإدراك.
وينطلق الملتقى من الفكرة المبنية على أنّ العرف يتشكّل، في المجتمعات البشرية، من خلال التفاعل الاجتماعي والتكرار، فيصبح جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي للمجتمع، ويتشرّب الأفراد هذه الأعراف منذ الصغر، مكتسبين إياها من الأسرة والمجتمع المحيط؛ ممّا يجعلها راسخة في نفوسهم، ومؤثرة في سلوكهم وتصرفاتهم. ويُعد العرف من الوسائل الهامة في تحقيق الأمن الاجتماعي والفكري للمجتمعات البشرية، كما أن له دور أساسي في غرس القيم الأخلاقية والمعتقدات السليمة في نفوس أبناء المجتمع وضبط المرجعية الدينية؛ وذلك لما يحظى به من حاكمية في نفوس الناس، لذا كان العرف من مصادر التشريع الإسلامي، فقد اقتضت حكمة الله عز وجل تشريع الأحكام التي تنتظم بها حياة الناس دنيا وأخرى، وهذه الأحكام مستوعبة لجميع تصرفات المكلف، ومن مظاهر ذلك الاستيعاب اعتبار الشريعة للعرف، وذلك لاختلاف أحوال المكلفين زمانا ومكانا في كثير من الأحكام الشرعية التي يرجع تقديرها إليهم، فاعتبرت الشريعة عرف المكلف، ونزلته منزلة الشرع، فلا يكاد يوجد باب فقهي إلا وقد اعتبرت الشريعة فيه العرف وحكمته نص الفقهاء على أن من قواعد الشرع التي أسّس عليها قاعدة اعتبار العرف والعادة.
ويضيف المنظّمون أنّ من أصعب التحديات التي يمكن أن يواجهها أي مجتمع وتقف أمام تقدّمه ونهضته، انتشار ظاهرة الانحراف الفكري والابتعاد عن التوسط والاعتدال، وما يترتب على ذلك من ظهور الفتن والصراعات وتشتت الاتجاهات.
وفي هذا الصدد، تطرح إشكالية الملتقى تساؤلا محوريا حول كيفية إسهام العرف، بوصفه نظاما اجتماعيا وثقافيا متجذّرا، في تحقيق الأمن الفكري والاجتماعي في المجتمعات البشرية أمام التحديات المعاصرة، التي تشهد تحوّلات سريعة ومعقدة. وتتفرّع عنه تساؤلات فرعية تستهدف استكشاف جوانب العلاقة بين العرف والأمن الفكري والاجتماعي، مثل مفهوم العرف وسلطانه في التشريع الإسلامي وأهميته، وعلاقته بالقانون، وتأثيره في تعزيز الاستقرار الفكري ومواجهة التطرف ودوره في بناء التماسك الاجتماعي وحل النزاعات، والتحديات والصعوبات التي تواجهه، وآليات استثمار الأعراف الإيجابية في تحقيق الأمن الفكري للمجتمع، ودور المؤسسات الاجتماعية العرفية في الحفاظ عليه وتطويره.
ومن هذه التساؤلات انبثقت محاور الملتقى، التي تتصدّى للإطار المفاهيمي، ولدور العرف في بناء الهوية الفردية والجماعية، وعلاقة العرف بالأمن الفكري، وبالأمن الاجتماعي، إلى جانب عرض نماذج من الهيئات الاجتماعية العرفية في المجتمع الجزائري، وأخيرا المحافظة على الأعراف في ظل التحديات المعاصرة.