في سهرة على إيقاع التّاريـخ وأنغـام الهنـد القديمـة

الرّقص الأوديسي..الإبداع بصبغة روحية

أسامة إفراح

كان الاحتفال بالذكرى السبعين لاستقلال الهند سانحة ليستمتع جمهور قاعة ابن زيدون برياض الفتح، قبل أيام، بعرض الرقص الأوديسي التقليدي. شهد الحفل، الذي نظّمته السفارة الهندية بالجزائر، بالتنسيق مع وزارة الثقافة الجزائرية، تقديم لوحات من الرقص والموسيقى الهنديين، تحمل في معظمها شحنة دينية أو أسطورية في شكل ابتهالات ضاربة في القدم، بطريقة تعبيرية أبدعت فيها الفنانة الهندية راديكا سامسون.
وقد حمل البرنامج المقدّم صبغة أسطورية ودينية سردتها مختلف الأغاني والرقصات المؤداة، وهو ما أكّدته لنا الفنانة الهندية راديكا سامسون، راقصة محترفة من أوديسا ومستقرّة في نيودلهي، عضو «المجلس الهندي للعلاقات الثقافية»، وحائزة على عدد من الجوائز في مجالها. وتعتبر هذه أول زيارة للجزائر تقوم بها راديكا، التي أظهرت إلماما بالثقافة الهندية التراثية التي تقدمها، وانفتاحا كبيرا على الثقافات الأخرى.
اللّوحة الأولى في برنامج السهرة كانت «مانغالاشارن» وهو ابتهال تقليدي من التراث الأوديسي، نسبة إلى ولاية أوديسا (أو أوديشا وقد كانت تسمى قبل نوفمبر 2011 أوريسا وهي ولاية تقع في الساحل الشمالي الشرقي للهند)، أما اللوحة الثانية فكانت «بالافي»، وهي سلسلة حركات تقوم بها الراقصة وكأننا بها زهرة تتفتح.
أما اللوحة الثالثة، وهي التي أبدعت فيها الراقصة راديكا سمسون بشكل ملفت للنظر، فتتكون من أجزاء ثلاثة، موجهة إلى الإله كريشنا، ويقدّم عادة في شكل ولد راعي بقر يعزف الناي، أو أمير يقدم توجيهات فلسفية. ويُعبد على أنه أي تجسد رمزي (أفاتار) للإله فيشنو.
هذه اللوحة «أبهينايا» (من السنسكريتية أبهي بمعنى نحو، و»نيي» بمعنى القيادة)، وهو فن التعبير في علم الجمال الهندي. وقد روت الفنانة في هذه اللوحة ثلاث قصص أو أساطير عن الإله كريشنا، وكان رقصها تعبيريا إلى أقصى الدرجات.
اللوحة الرابعة كانت رقصة «ميغ بالافي»، وهي تجسيد جميل للإيقاع المذهل للرقص الأوديسي. هذا البالافي الرشيق هو كوريغرافيا أعدها خصيصا الغورو (المعلم) «شري راتيكانت موهاباترا».
أما اللوحة الخامسة والأخيرة فكانت «شيفا بانشاكشارا»، وقد أدّت راديكا هذا «البانشاكشاري ستوترا» الذي ألفه «سري أدي شانكاراشاريا» ومهدى للإله «شيفا»، وهو أحد أهم الآلهة في الهندوسية، وغالبا ما يسمى «المسيطر»، وهو أحد الآلهة في التريمورتي إلى جانب «براهما» و»فيشنو». وفي الشيفية هو الإله الأعلى، أما في فروع الهندوسية الأخرى مثل سمارتا فهو يعبد كواحد من خمسة مظاهر إلهية.
ويقول هذا المانترا: «سلاما لشيفا، الذي يلبس ملِك الثعابين كالإكليل، الإله بثلاثة أعين، ذي الجسم المكدس بالرماد، ولا تزيّنه إلا السماء، ذي الحلق الأزرق، الذي وضع شعرا على رأسه ويحمل قوس بيناكا في يده. أنحني أمام سيد الأسياد، الدائم والخالص».
وتتألّف كلمة «مانترا» السنسكريتية من مقطعين: «مان» وتعني التفكير و(وهناك كلمة «ماناس» وتعني الروح)، ومن كلمة «ترا» التي تعني «تحرير»، أي أن معناها يصير «تحرير الروح أو العقل». وهناك من يقول أنّ «ترا» تترجم إلى «أداة» مما يصبح معناها «أداة التفكير». أما أقرب معانيها في العربية هي «تعويذة»، ومن ناحية المفعول فالأقرب إليها هو «الذِكر» بالمعنى الصوفي.
واختتمت الفرقة الموسيقية هذه السهرة بأداء أغنية من الفيلم الهندي الشهير «آ غالي لاغ جا» للفنانين شاشي كابور وشارميلا طاغور (1973)، والتي عرفها الجمهور الجزائري باسم «جانيتو».

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19450

العدد 19450

السبت 20 أفريل 2024