بغـداد تفرض حظـرا جويـا علـى كردستـان

تركيا تطمئن الأكراد وتؤكد أن الردّ على الاستفتاء لن يستهدف إلا من كانوا وراءه

الأمم المتحـدة وواشنطــن تعرضـان الوساطـة

بدأ في الساعة السادسة من مساء أمس الجمعة بالتوقيت العراقي حظر جوي فرضته الحكومة العراقية على إقليم كردستان العراق مع انتهاء المهلة التي منحتها الحكومة العراقية الاتحادية لحكومة الإقليم لتسليم المطارات إلى السلطات الاتحادية.

أعلنت مديرة مطار أربيل تعليق جميع الرحلات الدولية إلى المدينة بدءا من أمس وذلك بعد إعلان عدة شركات طيران تعليق رحلاتها إلى الإقليم استجابة لطلب هيئة الطيران المدني العراقي. وقالت سلطات كردستان العراق إنها مستعدة للتفاوض على قبول مراقبين اتحاديين في مطارات الإقليم.
وفي وقت سابق اعتبرت حكومة كردستان العراق أن منع الرحلات إلى مطارات الإقليم “قرار غير قانوني وغير دستوري ويخالف القوانين الدولية ومعاهدة شيكاغو الدولية المتعلقة بالطيران التي تشير إلى عدم استخدام المطارات في القضايا السياسية أو استغلالها عامل ضغط”.
كما اعتبرت أربيل أن قرارات الحكومة ومجلس النواب العراقييْن عقوبات جماعية ضد شعب كردستان، وقالت إنها ستطعن فيها.
أول إجراء عقابي
ويعد مطار أربيل من بين أكبر المطارات العراقية وأكثرها حركة، وإحدى أهم محطات التواصل بين إقليم كردستان العراق وخارجه، وحاز على جوائز دولية، من بينها أفضل مطار شهد نسبة تطوير سنوية بلغت 30%.
وتتولى إدارة وزارة المواصلات والاتصال في حكومة اقليم كردستان إدارة مطاري أربيل والسليمانية لكنهما يتبعان -حسب اللوائح- سلطات الطيران المدني العراقي، وأي حركة إليهما ومنهما تكون برخصة من بغداد.
وجاء قرار الحكومة العراقية الاتحادية ضمن أول إجراءات عقابية تتخذها بغداد ضد حكومة الإقليم ردا على إجراء الإقليم استفتاء الانفصال.
وقالت مديرة مطار أربيل تلال فائق “طلبنا من بغداد أن نجتمع حتى نفهم ونرى عن قرب ما المطلوب منا، وما هي الأمور التي لم نقم بها حتى نقوم بها”.
شركات طيران عالمية تغادر
أكدت شركات طيران عالمية عدة التزامها بقرار الحكومة العراقية وإدارة الطيران المدني العراقية وقف الرحلات الدولية من وإلى مطاري أربيل والسليمانية.
وبشأن الآثار المترتبة على الحظر قال مستشار التنمية التجارة في مطار أربيل “سيكون له تأثير حقيقي على المواطنين في كردستان وعلى المنظمات والشركات الدولية العاملة هنا، وهناك أعداد كبيرة من العاملين في التحالف الدولي الذين يتناوبون استخدام الطائرات، الآن لا يتمكنون من ذلك”.
وقبل يوم من سريان الحظر الجوي غادر العديد من الأجانب إقليم كردستان، وأعلنت عدة شركات وقف رحلاتها إلى المطارين بدءا من مساء امس، وكانت إيران أعلنت أنها أوقفت بالفعل الرحلات الجوية نحو شمالي العراق.
وقالت الخارجية التركية الخميس إنها بصدد زيادة عدد رحلات الطيران بين تركيا وكل من أربيل والسليمانية حتى سريان الحظر الجوي، ودعت الوزارة المواطنين الأتراك إلى مغادرة كردستان العراق قبل تعليق الرحلات إذا لم تكن هناك ضرورة ملحة لبقائهم.
أربيل ترفض العقاب الجماعي
في سياق متصل، أعلنت حكومة إقليم كردستان العراق في بيان، أنها ترفض جميع قرارات بغداد بحقها واعتبرتها “عقوبة جماعية بحق شعب كردستان”. وأكد البيان الصادر بعد انعقاد مجلس وزراء الإقليم إن “تلك القرارات غير دستورية وغير قانونية” وترفض الشراكة وتنفي حقوق الأكراد الدستورية.
 وفي المقابل ورغم رفضها لتهديدات حكومة الأقليم، أبدت اربيل استعداها للحوار مع العراق، وقالت “إقليم كردستان مستعد للتوصل مع العراق إلى اتفاقات عبر الحوار لحل المشاكل بين الجانبين”، مشددة على أن حكومة إقليم كردستان ستسلك السبل القانونية لوقف تلك القرارات غير الدستورية وغير القانونية”.
كما حرص بيان حكومة الإقليم على طمأنة “الدول المجاورة ودول المنطقة بأن استفتاء إقليم كردستان لن تكون له مخاطر على أمنها القومي بأي شكل من الأشكال”.
الأمم المتحدة وواشنطن تعرضان التوسط
أعلنت الخارجية الأمريكية والأمم المتحدة، استعداهما لـ “تسهيل” الحوار والتوسط بين الحكومة العراقية والأكراد، لإيجاد حل للأزمة الناشئة جراء الاستفتاء بكردستان في حال موافقة الطرفين.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية هيذر نويرت، “نريد أن نرى بعض الهدوء من قبل جميع الأطراف”، وأضافت “الولايات المتحدة لا تريد أن تفعل أي شيء من شأنه أن يزيد من حدة التوترات”.
وأشارت المتحدثة إلى أن الولايات المتحدة، في حال طُلب منها، ستكون على استعداد للمساعدة في تسهيل الحوار بين بغداد والسلطات الكردية العراقية في إربيل، قائلة “نحن أصدقاء مع الأكراد، وأصدقاء مع الحكومة المركزية العراقية، وسنواصل تقديم مساعدتنا للمساعدة على تسهيل الحوار، إذا طُلب منا ذلك”.
وكانت واشنطن قد أعربت عن معارضتها للاستفتاء على الانفصال في إقليم كردستان، الذي رفضته أيضا حكومة بغداد والدول المجاورة للعراق.
وتابعت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية “اعتقدنا أن الاستفتاء سيكون مزعزعا لاستقرار المنطقة ولسوء الحظ هذا ما يحدث إنه مزعزع للاستقرار”.
 من جانبها عرضت الأمم المتحدة المساعدة في “حل المشكلة” بين الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان العراق.
السيستاني يحذر من التقسيم ويدعو للاحتكام إلى العدالة
حذرت المرجعية الشيعية في العراق بزعامة علي السيستاني، امس، من أن تقسيم العراق سيؤدي إلى تدخل إقليمي ودولي، ولابد من الالتزام بالدستور العراقي نصا وروحا لحل المشاكل.
وقال أحمد الصافي، معتمد المرجعية الشيعية في العراق، في خطبة صلاة الجمعة أمام الأف من المصلين في صحن الإمام الحسين في كربلاء، “ندعو جميع الاطراف إلى الالتزام بالدستور العراقي نصا وروحا، والاحتكام بما يستعصى إلى المحكمة الاتحادية العليا وفق الدستور”.
وأضاف “نحذر من القيام بأية خطوات تجاه التقسيم والانفصال واعتبارها أمرا واقعيا مما يؤدي إلى عواقب غير محمودة تسيء إلى حياة الكرد ويؤدي إلى ماهو أخطر من ذلك ويفسح المجال للتدخل الإقليمي والدولي بالشأن العراقي”.
ودعت المرجعية “الحكومة العراقية والقوى الممثلة في البرلمان العراقي إلى مراعاتها في قراراتها المحافظة على الحقوق الدستورية وعدم المساس بها كما ندعو الأخوة في الإقليم إلى الرجوع إلى الدستور كعامل حل للخلافات مع الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم وعلى المواطنين جميعا تجنب كل ما يسئ إلى اللحمة الوطنية”.
محنة التقسيم بعد محنة داعش
وتابع “إن المرجعية الدينية العليا التي طالما أكدت على ضرورة المحافظة على وحدة العراق أرضاً وشعباً وعملت ما في وسعها في سبيل نبذ الطائفية والعنصرية وتحقيق التساوي بين جميع العراقيين من مختلف المكونات، تدعوا جميع الاطراف إلى الالتزام بالدستور العراقي نصاً وروحاً والاحتكام، في ما يقع من المنازعات بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم مما يستعصى على الحل بالطرق السياسية، إلى المحكمة الاتحادية العليا كما تقرر في الدستور والالتزام بقراراتها واحكامها”.
واستطرد “إن العراق يواجه اليوم محنة جديدة بعد أن تجاوز محنة داعش تريد تقسيم العراق، واقتطاع شماله بإقامة دولة مستقلةـ وقد تمت منذ أيام أولى هذه الخطوات”.
تركيا تطمئن وإيران تحظر نفط الإقليم
قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، أمس الجمعة، إن إجراءات تركيا للرد على استفتاء إقليم كردستان العراق على الاستقلال لن تستهدف إلا من قرروا إجراءه.
وأضاف يلدريم في كلمة بإقليم جاناكالي بشمال غرب تركيا، إن أنقرة لن تجعل المدنيين الذين يعيشون في شمال العراق يدفعون ثمن الاستفتاء.
وكانت تركيا قد توعدت باتخاذ خطوات اقتصادية وأمنية وسياسية ردا على الاستفتاء، حيث هددت بفرض قيود على تجارة النفط مع أكراد العراق، وقال مكتب رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، إن نظيره التركي، بن علي يلدريم، أبلغه في اتصال هاتفي أن أنقرة لن تتعامل إلا مع الحكومة العراقية فيما يتعلق بشراء النفط من العراق.
يذكر أن أغلب النفط، الذي يتدفق عبر خط أنابيب من العراق إلى تركيا، يأتي من كردستان العراق وسيتسبب وقف الصادرات في ضرر بالغ لحكومة الإقليم التي تعتمد على مبيعات النفط الخام في كل عائداتها من العملة الصعبة تقريبا.
هذا وقررت إيران من جانبها توقيف نقل المشتقات النفطية من كردستان واليه.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024