«الشعب» ترصد واقع التبرع بالأعضاء

مــرضى ينتظـرون بحـرقــة أعضـاء تنقـذ حيـاتهــم

فتيحة / ك

حكم عليهم القدر ان تكون حياتهم مرهونة بالتبرع بعضو ينقذهم من الموت المحتوم، ينتظرون لسنوات طويلة يعانون فيها المرض والألم، يتنقلون بين المستشفيات التي لا تستطيع تقديم خدمة كبيرة في ظلّ غياب المتبرعين وثقافة التبرع في المجتمع.....

سألت «الشعب» بعض المواطنين عن رأيهم في التبرع بالأعضاء،...العملية التي يعتبرها المختصون غير كافية بسبب نقص المتبرعين، خاصة نقل الأعضاء من الأشخاص المتوفين نحو الأشخاص المرضى، رغم أنه بإمكانه شخص متوفي أن ينقذ حياة أربعة أشخاص وتحسن من عمل عشرة  وظائف حيوية لأجسام المرضى.
عزوف غير مبرر
@ «جميلة- ي» واحدة من السيدات اللائي عشنّ المعاناة بكل تفاصيلها، قالت بشأن الموضوع: «كنت أشمئز من فكرة نزع عضو من أعضائي لزرعته في جسم شخص آخر، لم استطع تخيل جسمي ناقصا  ولكن عندما أصيبت شقيقتي بقصور كلوي ورأيت معاناتها اليومية وارتباط حياتها بآلة تعمل على تصفية دمها جعلتني أغير نظرتي للأمر، لأن الحياة تصبح أجمل عندما نعيشها مع من نحب»،
أضافت «جميلة - ي» قائلة: «انتظرنا متبرع بكلية من اجل إنقاذ حياتها لما يقارب الثلاث سنوات فلا أحد من أفراد العائلة قبل ذلك، الأمر الذي جعل معاناتنا تتضاعف، في البداية نظرنا إلى الأمر بإيجابية وأملنا أن يظهر متبرع في وقت من الأوقات، لكن أصبنا بإحباط كبير بعد مرور الشهور والسنوات دون ظهور واحد، في الحقيقة كنت اشعر بالذنب، فلو ملكت تفكيرا ايجابيا حول العملية  لانعكست الأمور، لكن أراد الله تعالى أن أعرف ما تعيشه كل عائلة تنتظر في حرقة من ينقذ حياة أحد أفرادها».
واستطردت قائلة: «بعد وفاة شقيقتي اقتنعت بأنه من واجبي أن أتبرع بأعضائي بعد موتي خاصة بعد أن علمت أن الدين شرع ذلك وأجازه، لذلك تركت وصية عائلتي أن تهب كل أعضائي بعد وفاتي».
@ «محمد – س» موظف بإحدى المؤسسات العمومية، يقول عن الموضوع: «لا أستطيع تقبل فكرة انتزاع جزء من أعضائي لإعطائه إلى آخر، ولن اقبل أبدا ان تنتزع كليتي أو قرنيتي ليبقى جسمي ناقصا غير مكتمل، فما دام الله تعالى خلقني هكذا لماذا أفكر في مسّ جسمي، ...حتى بعد مماتي لن أغير رأيي في الموضوع، كما أضاف لأنني أحب أن يدفن جسمي كاملا وليس كصندوق افرغ من محتوياته».
وتساءل محمد - س قائلا: «حتى وإن قبلت الفكرة، من سيقنعني أن العضو الذي سأتبرع به لن يوجه إلى من يدفع أكثر؟، كيف لي أن أثق وأتأكد أنهم لن يتاجروا بأعضائي خاصة ونحن نسمع إشاعات عن عمليات خطف كان هدفها الأول سرقة عضو من الشخص المختطف، اعلم أنها إشاعات ولكنها بالنسبة لي هي تحتمل الكذب كما تحتمل الصدق، لذلك لن أغامر بأعضائي في المجهول، واعتقد انه قبل التكلم عن التبرع بالأعضاء يجب إعطاء المتبرع الضمانات الكافية لإقناعه بمنح  عضو من أعضائه إلى شخص آخر، ولا أظن أن غرس الثقة سيكون بهذه السهولة».
تطور التقنيات الجراحية ....لم تساعد على جلب المتبرعين
نصيرة شرقي، طبيبة إنعاش بمستشفى مصطفى باشا، تقول عن التبرع بالأعضاء: «عرفت تقنيات الجراحة الخاصة بزرع الأعضاء تطورا كبيرا فمثلا عملية زرع الكلى كانت تستغرق ست ساعات في الماضي، أما اليوم فهي لا تتعدى الثلاث ساعات، ولكن مقابل هذا التطور في الطب بقيت الذهنيات تحافظ على نفس الفكرة حول التبرع بالأعضاء فالبعض يجعل من الجسم شيئا مقدسا لا يجوز لمسه ويفضل أن يدفن ويأكل الدود شحومه ولحومه ولا يتبرع بها، أما البعض الآخر يتقبل الفكرة لكنه لا يملك الشجاعة لفعل ذلك، والسبب عدم ثقته في الجهة التي ستستقبل العضو لتوجهه إلى المستفيد، فالإشاعات كثيرة في هذا المجال بل وخلقت مافيا مختصة في سرقة الأعضاء، لذلك صارت قائمة المنتظرين لمتبرع أطول يرتفع عددها في كل سنة أكثر، فيما لا يوجد متبرعين وإن وجدوا لن يخرجوا عن إطار العائلة»، أضافت نصيرة شرقي قائلة: «فيما عرفت زراعة الأعضاء والأنسجة البشرية انتشارا كبيرا في الدول المتقدمة من أجل إنقاذ أرواح الغير، أو وضع حد لمعاناة المرضى، حتى أصبحت مألوفة في المجتمعات الأوروبية، بقي مجتمعنا ينظر إلى الظاهرة بعين حذرة... في البداية كانت حجته حرمة الجسد البشري، وحتى بعد صدور فتاوى بجواز التبرع بالأعضاء إلى الشخص المحتاج إليها واعتبارها صدقة جارية لم يتزحزح رأي المجتمع عن مكانه ولولا العائلة لما كان هناك متبرعين أصلا».
ولاحظت قائلة: «وجود القوانين والتشريعات لم يغير في الأمر شيئا، وارى انه يجب أولا العمل على تغيير الذهنية التي تتسم بالتفكير السلبي حول التبرع وزرع الأعضاء وأظنها أهم خطوة ولن تتغير إلا بزرع ثقافة التطوع والخير والتعاون التي تكرس مبدأ حماية الآخر وأؤكد هنا على ما تقوم به الجمعيات لأنها جزء مهم في المعادلة وأراها الأقرب لتحقيق هذا الهدف لأنها تمثل المجتمع المدني بكل شرائحه».

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024