«الشعب” تستطلع سوق الأدوات المدرسية

أدوات في أشكال غريبة يتهافت عليها التلاميذ للتباهي والأولياء يتحفظون

فتيحة/ك

يجد الأولياء أنفسهم في كل دخول مدرسي في حيرة من أمرهم أمام الأدوات المدرسية التي أصبح تنوعها يصيب التلاميذ بنوع من الدهشة، بل جعلهم يهتمون بشكلها أكثر من أي شيء آخر، لأنها وسيلتهم المفضلة للتفاخر على زملائهم والتباهي داخل القسم.....

تجولت “الشعب” في مختلف محلات بيع الأدوات المدرسية لتتعرف عن قرب على مختلف المنتجات التي أصبح شكلها يلعب دورا مهما في بيعها....
 خلاف يتحول إلى مشاجرات
 محل “تكنو” بشارع العربي بن مهيدي “لا روديزلي” سابقا، أين التقينا “لمياء شنوني “من القبة سألناها بشأن الموضوع فقالت: “جئت من القبة إلى هنا رفقة أبنائي الثلاثة لشراء الأدوات المدرسية لأن المحل يوفر سلعا ذات نوعية، ولكن غلاؤها يجعلها ليست في متناول الجميع، فأنا مثلا كلفتني الأدوات التي اشترتها لأبنائي أكثر من 9000 دج رغم أنني لم أشتر كل المستلزمات بسبب ثمنها المرتفع
أضافت لمياء شنوني قائلة:« لم يستطع أبنائي تمالك أنفسهم أمام الألوان والأشكال التي تحملها تلك الأدوات المدرسية التي أصبحت تنقل الرسوم المتحركة إلى القسم، ما يشتت تركيزهم ويجعلهم يسبحون بخيالهم بعيدا، ما يؤثر سلبا على مردودهم الدراسي، إلى جانب ذلك كثيرا ما تكون محل نزاع بين التلاميذ، فابني الذي يدرس في السنة الثالثة تعرض إلى الضرب من طرف زميله بسبب مقلمة اشتريتها له بـ 2700دج، تحتوي على أدوات من نوع “ماباد”، والأمر الغريب أن الاستاذة حملتني مسؤولية ما جرى له لأنني من اشتريت له مثل هذه المقلمة التي تسيل لعاب أي تلميذ، واي واحد منهم يتمنى أن يحصل عليها، لذلك تفاخر ابني ـ حسب معلمته ـ جعل ذاك التلميذ يحقد عليه لانه ـ حسبما اخبرتني - من عائلة معوزة”.
اما جميلة – ي أم لطفلين يدرسان في الطور الثاني فقالت: “احرص كل سنة في الدخول المدرسي على شراء الادوات المدرسية ذات النوعية الجيدة لأبنائي، ولكن مقارنة بالسنوات الماضية عندما كانا في الطور الابتدائي أصبحا أقل إلحاحا على ان تحمل شكلا أو رسوما لابطال الرسوم المتحركة، بل أصبحا يهتمان بالملابس أكثر من ذلك لأنهما الان في سن حرجة يحاولان من خلالها جلب اهتمام زملاءهم بكل ما يرتدونه من ملابس، أما فيما يخص الادوات المدرسية فأرى ان الاولياء كثيرا ما يبالغون في شراء تلك الأدوات المدرسية التي أصبحت تحمل أشكالا مختلفة أبعدت التلميذ عن جو الدراسة فلا أظن ان ممحاة على شكل أحمر الشفاه أو مبراة على شكل طائرة، او مقلمة على شكل سيارة، او كراس يحمل على غلافه صورا لممثلين وممثلات ثقافتهم بعيدة عما تربى عليه ابنائنا سيعطي الطفل رغبة في الدراسة لانها تشتت تركيزه وتذهب به بعيدا لذلك، فتجد أن معظمهم حاضرين باجسادهم في القسم أما عقولهم فهي بعيدة جدا لأن اهتمامهم منصب على كل تلك الصور والأشكال التي تحيط به من كل جهة”.
الفرق كبير جدا
حورية ميكالد، معلمة أحيلت على التقاعد في السنة الماضية أوضحت قائلة: “في كل تلك السنوات التي مارست فيها التعليم أستطيع أن اقول ان مهمة المعلم اليوم أصبحت صعبة أمام كل الإغراءات التي تعمل على تشتيت تركيز التلميذ في القسم ما يؤثر سلبا على استيعابه وفهمه للدروس، لأنه في مهمة صعبة للحفاظ على أدواته الثمينة التي جعلته مميزا داخل القسم، ما يخلق نزاعات بين التلاميذ لان الأدوات المدرسية اليوم تعكس الطبقة الاجتماعية التي ينتمي اليها التلميذ ما يجعل بعضهم يفكر في السرقة أو إفساد أدوات زملاءهم لأنهم عاجزون عن شراء مثلها”.  
وأضافت حورية ميكالد قائلة:«هذه الوضعية لم نعرفها من قبل في بداية ممارستي  لمهنة التعليم، فقد كان الجميع يملك نفس الكراريس ونفس الأقلام ونفس الأدوات المدرسية عموما، وكانت بسيطة في شكلها ولا تحمل أي صور قد تكون سببا في تشتيت تركيز التلميذ في القسم، وأتذكر أنني عندما كنت تلميذة أدرس في ابتدائية “عيسى كويسي” بالقبة كانت المؤسسة التعليمية تعطي التلاميذ مآزر حتى يكون الجميع سواسية، كما أتذكر أن المحفظة والأدوات كنا نتحصل عليها من المؤسسة التي كان يعمل بها والدي،....أما اليوم فقد أصبح التباين والفارق واضحا بين التلاميذ فحتى المؤسسة التعليمية انقسمت بين خاصة وعمومية مؤكدة بأنها كمعلمة أمضت سنوات طويلة في التعليم تنصح الأولياء بعدم الإنصياع لرغبات أبنائهم لأنهم يلهثون وراء التباهي والتفاخر بأدوات تكون في بعض الأحيان متضاربة مع انتمائنا وثقافتنا، كما يجب أن يعي الأولياء ان المدرسة أو أي مؤسسة تعليمية أنشئت خصيصا لإعطاء التلميذ رصيد معرفي يتطلب تركيزا وحضورا كاملا في القسم، وان يربوا أبناءهم على التواضع والتفاني في طلب العلم، حتى يتمكنوا من التحكم بهم في المستقبل”.
 في النهاية......
حقيقة أن ما يعرض في السوق يصعب مهمة تفادي الأدوات المدرسية التي تحمل إشكالا لأبطال الرسوم المتحركة أو صورا لرياضيين عالميين او ممثلين وممثلات من هوليود، ولكن على الأولياء انتقاء العادية منها لحصر اهتمام الطفل في الدراسة، فشراء ممحاة من جهة أحمر شفاه ومن الجهة ثانية ممحاه ليس ضروريا لأن الخيار موجود، وبدل شراء كراس أو بطاقة أو مقلمة لبطل ما يجعل الطفل يحلم أحلام اليقظة في ان يكون مع بطله، على الأولياء شراء أدوات لا تحمل أشكالا مشخصة، حتى نمكن التلميذ من التركيز في دراسته، عوض أن يبقى في حالة تأهب خوفا من سرقة أدواته الثمينة هكذا فقط يبقى في حالة تركيز كامل مع الدرس.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024