شكل الاحتفال باليوم العالمي للصحة والسلامة في مكان العمل فرصة لمفتشيات العمل وهيئات الضمان الاجتماعي بالبليدة لتقييم عمليات التوعية والتحسيس، التي أنجزتها بالتنسيق مع الشركاء لفائدة أرباب العمل والشركات بخصوص مسؤولياتهم في ضمان صحة العمل المكفول بموجب ترسانة من القوانين.
حول تكريس حماية العمال بالجزائر، أوضح مفتش العمل لناحية الجزائر العاصمة، محمد بن ديب في منتدى إذاعة البليدة، بجهود الدولة في فترة جائحة كورونا التي أضرت العالم بأسره في سنتي 2019 و 2020، وتحدث في هذا الصدد قائلا:«هذا أكبر دليل على الاستثمار في العنصر البشري وأكبر دليل على احترام الدولة الجزائرية بالتزاماتها لضمان صحة وسلامة العمال”، لافتا إلى أن القانون 07-88 الذي أصدرته الجزائر يعتبر من بين التشريعات الرائدة على المستوى الدولي، سواء تعلق الأمر بالنسبة لتحديد مسؤولية رب العمل، أو بالنسبة لمسؤولية العامل فيما يخص احترام التوصيات والتعليمات المتعلقة بقواعد ومعايير الصحة والسلامة في مكان العمل.
وأقرّ بن ديب بأنّ ثمّة نقص يجب تداركه في مجال توفير الحماية للعمال، حيث أثار مسألة توظيف العمال في مجال البناء والخدمات خلال السنوات الأخيرة، دون التأكد إن كانوا مؤهلين لشغل المناصب التي تم توظيفهم فيها، وأوعز بالقول : “القانون واضح ويعاقب كل صاحب عمل إذا قام بتوظيف عامل دون التحقق من تأهيله للوظيفة”.
فضلا عن ذلك، فقد يتصرف أرباب العمل ضد التشريعات والقوانين المعمول بها في مجال حماية صحة وسلامة العامل في مكان العمل بحسب المفتش بن ديب، ومثال على ذلك عدم الإلتزام بساعات العمل المحددة قانونا، وأيضا فيما يتعلق بحق العطلة، استصدار كشف الراتب، وعقد العمل، مشيرا إلى طب العمل الذي يجب أن يكون مضمونا بطبيب متخصص في الميدان وليس طبيب عام فحسب، وبأن الشركات الخاصة لا تتمثل للقانون فيما يخص تخصيص 3٪ من رواتب العمال للخدمات الإجتماعية، ومنها من لا يلتزم بتسديد اشتراكات الضمان الإجتماعي لمستخدميها.
من جهتها، قدمت المكلفة بالإعلام بمديرية الحماية المدنية بالبليدة، مريم صايغي بوعوينة، عرضا حول ارتفاع حوادث العمل خلال عام 2024 مقارنة بالنسبة التي سبقتها، حيث كشفت عن سقوط 37 عاملا في ورشات البناء، تم إنقاذ 30 منهم وتوفي السبعة الآخرين في عام 2024، وذلك بسبب عدم احترام معايير السلامة.
وأبرزت المتدخلة في هذا الشأن: “نُجري حملات توعية بالتنقل إلى ورشات البناء ونلح على العمال لأجل حمايتهم من الحوادث المحتملة بارتداء الخوذات أو الأحذية الواقية. كما نُنظم دورات تدريبية في الإسعافات الأولية للعمال ليتعلموا كيفية تقديم الإسعافات الأولية في حال وقوع حادث في ورشة البناء”.
هذا ونبّه المتدخلون عبر الأثير من تزايد تعاطي المخدرات في الوسط المهني، ولمجابهة هذه الظاهرة يرتقب أن تحتضن البليدة، خلال شهر ماي المقبل، ملتقى جهويا لتشجيع السلطات العمومية على وضع قوانين أكثر صرامة، وأجمعوا على أنّ طب العمل ينعدم في كثير من أماكن العمل، ومن الضروري توفيره وتعزيزه على المدى القريب.
في هذا الإطار، كشفت مسؤولة لمديرية مفتشية العمل لولاية البليدة، صرية بوحناش، بأن مصالحها سجلت 521 شركة لا تتوفر على طب مهني من أصل 3641 عملية تفتيش أجريت في جميع القطاعات، العمومية والخاصة والأجنبية والمختلطة وجميع فروع النشاط الاقتصادي، بما في ذلك البناء والأشغال العمومية والصناعة والخدمات.
من جهته، تطرق مراقب الخلية المتخصصة في الوقاية من المخاطر المهنية بصندوق الضمان الاجتماعي للعمال غير الأجراء، محمد بغدير، إلى الأمراض المهنية المعترف بها في الجزائر حاليا وعددها 58، ولأجل معرفة أسبابها يقوم الصندوق بزيارات إلى الشركات لتقييم ظروف العمل وإرسال، ثم ترسل تقارير عنها إلى الجهات الوصية بهدف تحسينها- يقول المتحدث.