مساهل يؤكد إلتزام الجزائر:

إفريقيا في حاجة إلى إستراتيجية منسجمة لمكافحة تمويل الإرهاب في مختلف أبعاده

فريال.ب

جزم وزير الشؤون الخارجية عبد القادر مساهل، بأن القارة الإفريقية «في حاجة إلى وضع إستراتيجية منسجمة لمكافحة تمويل الإرهاب في مختلف أبعاده»، ولم يفوت المناسبة للتذكير، بأن الاجتماع حول مكافحة تمويل الإرهاب، تندرج في إطار المهمة التي أوكلت إلى رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، من قبل نظرائه الأفارقة، كمنسق للاتحاد الإفريقي للوقاية ومكافحة التطرّف العنيف والإرهاب، مجددا التزام الجزائر الدائم بمكافحة الإرهاب.
اعتبر الوزير مساهل أن احتضان الجزائر منذ الأمس، للاجتماع رفيع المستوى المنظم بالتنسيق مع الاتحاد الإفريقي، والمخصص لمكافحة تمويل الإرهاب، يعكس مجددا التزامها الدائم بالمكافحة الشاملة للإرهاب، وكذا «تضامنها مع كل القارة، في وقت يخضع فيه عدد مضطرد من دولها للتهديدات الإرهابية، أو مستهدف منها»، مشدّدا على أهمية إعداد إستراتيجية تعنى بمكافحة تمويل الإرهاب بالقارة، لاسيما من خلال إدماج الدور الحاسم للتطور الاقتصادي والاجتماعي، وعصرنة الاقتصاديات، وإلى ذلك تشجيع الشفافية وترقية الحكم الراشد.
وبعدما أشار إلى الأهمية التي توليها أكثر من 30 دولة مشاركة في الاجتماع لـ»مسألة حساسة، ولخطورة الدور الذي تلعبه في توسع واستفحال النشاط الإجرامي للجماعات الإرهابية في القارة السمراء»، أكد وزير الشؤون الخارجية «قناعة الجزائر كافحت الإرهاب في التسعينيات، وما تزال تواجه بقاياه، بأن الأمن لا يتجزأ، وأن القضاء على التهديد الإرهابي في إفريقيا والعالم، يتطلّب تظافر الجهود وتقاسم التجارب، وتعزيز التعاون الجهوي والدولي».
ويبقى المال أحد أهم أسلحة الحرب التي يقوم بها الإرهاب ـ وفق ما أكد الوزير الوصي ـ وذلك إلى جانب «الدعاية الإيديولوجية التي طورتها الجماعات الإرهابية ومموليهم، لاسيما عبر الأنترنات «دارك نات»، وكذا الأرضيات المشفرة، بهدف التطرف وتوظيف أكبر عدد ممكن من الفئات الهشّة من النواحي النفسية والاجتماعية والاقتصادية»، مفيدا في سياق موصول بأنه «واقع يتأكد في إفريقيا، من يوم إلى آخر في الميدان، وحلّ الاهتمام بالمال محلّ القناعة الإيديولوجية، في المسارات والحملات التي تقوم بها الجماعات الإرهابية».
ولعلّ ما يسهل المسألة، تكثيف العلاقات بين نشاطات الإرهاب، والجريمة المنظمة العابرة للحدود، وكذا أهمية الموارد المالية المتداولة، طرح تعزّزه اليوم المنظمة الأممية والمؤسسات التابعة لها، والاتحاد الإفريقي، إلى جانب البنك الإفريقي، إلى جانب هيئات أخرى، وخلص مساهل إلى القول «كل هذه العوامل، قد تساهم في تحويل إفريقيا إلى قرص دوار للإرهاب والجريمة العابرة للحدود».

المخدرات، التقليد، وتجارة الأسلحة ضمن 11 موردا لتمويل الإرهاب

ونبّه الوزير مساهل في سياق موصول، إلى أن هذا الواقع كان محل اهتمام مبكر من قبل الاتحاد الإفريقي، وكذا مجلس السلم والأمن، اللذان أولياه كل الاهتمام من خلال عمل تحسيسي هام، وكذا مبادرات على المستوى القاري»، ولم يغفل الإشارة إلى المذكرة التي عرضها رئيس الجمهورية على نظرائه الأفارقة، بصفته منسق الوقاية من التطرف العنيف ومكافحة الإرهاب في إفريقيا، والتي تضمّنت هذا المحور كأهم نشاط مستقبلي تهتم به إفريقيا في مكافحة الإرهاب».
وبالمناسبة توقّف مساهل عند أدق التفاصيل المتعلقة بمنابع تمويل الإرهاب، والتي وردت ضمن تقارير هيئات مهمة، بينها الفوج ما بين الحكومات لمكافحة تبييض الأموال في إفريقيا الغربية، والذي كشف عن 11 موردا لتمويل الإرهاب، والتي يأتي ضمنها التجارة والنشاطات المربحة لبعض المنظمات غير الحكومية، وكذا الاقتطاعات من النشاطات الخيرية، وكذا مهربي الأسلحة، والمخدرات، والتقليد في مختلف المنتجات لاسيما منها الأدوية والمهلوسات، وإلى ذلك تحدث عن القرصنة، واحتجاز الرهائن والمطالبة بفدية، وتزوير الأملاك الثقافية، والهجرة غير الشرعية، وتحويل رؤوس الأموال والتسول.

نشاطات الجريمة المنظمة تشكل 3.6 بالمائة من الناتج الداخلي الخام لـ 15 دولة

واستنادا إلى تقرير نشر شهر فيفري من السنة الجارية، من قبل مؤسسات جهوية ودولية، فإن نشاطات الجريمة المنظمة تشكل 3.6 بالمائة من الناتج الداخلي الخام  لـ 15 دولة من غرب إفريقيا، فيما أشارت الشبكة الدولية واتحاد الصانعين في تقريرها الصادر شهر ديسمبر الأخير، إلى كيفية استخدام الإرهاب التقليد للتمويل الذاتي، كلها مجالات ومنابع تجفيفها بات ضرورة ـ حسب مساهل ـ للحيلولة دونما تمويل الإرهاب.
وباتت اليوم متابعة التحولات التي تمرّ بها هذه الموارد في القارة السمراء ضرورة، لاسيما في السياق الظرف الجهوي الراهن، المتميز أساسا بتوسع الفضاءات المعنية بالتهديد الإرهابي، وزيادة درجة المخاطر التي تهدّد السلم والأمن والاستقرار عديد الدول الإفريقية، وشدّد مساهل على ضرورة تقييم نجاعة الاستراتيجيات المنتهجة في مكافحة تمويل الإرهاب، وكذا الوسائل المتاحة في هذا الإطار، مرافعا لشراكة أحسن بين الدول الإفريقية، وعلى المستوى الجهوي والدولي، لاسيما على مستوى التشريعي والقضائي والمالي وكذا الشرطة، بما يضمن التكامل وتبادل التجارب والتضامن في مواجهة، تهديد لا يعترف بالحدود ولا الضوابط مهما كانت طبيعتها.
من جهته أثنى منير إدريس لعلالي المدير المساعد لمركز الدراسات و الأبحاث حول الارهاب
«كايارت» في مداخلة ألقاها بالمناسبة على الجهود التي تبذلها الجزائر، في مجال التصدي للإرهاب ومكافحته، ودعم السلم والأمن في إفريقيا، مصنفا الاجتماع في خانة المبادرة التي تعزّز جهود الجزائر وقارة إفريقيا في مواجهة الإرهاب، ولم يفوت المناسبة ليذكر بأن تعيين الرئيس بوتفليقة من قبل نظرائه الأفارقة، منسقا للاتحاد الإفريقي للوقاية من التطرف العنيف والإرهاب، يأتي اعترافا بحكمته.
وحذر لعلالي من المنحى التصاعدي للإرهاب في المنطقة، رغم كل الجهود لمحاربته، لاسيما في ظلّ تطور موارد تمويليه، التي ذكر منها المخدرات والقرصنة البحرية، معتبرا لقاء الجزائر سانحة لمناقشة المخاوف، وتحيين الاستراتيجيات المعتمدة، وكذا تعزيز العمل المشترك.
كما شدّد ممثل الاتحاد الإفريقي، على ضرورة منع التدفقات المالية الممولة للإرهاب، التي لابد أن تكون محور الاستراتيجيات المقبلة للإطاحة بالإرهاب،  لافتا إلى أن التعاون بين الدول ضمن إطار سياسي، قد يساهم في تجفيف منابعه، وبرأيه فإن إقامة حوار حقيقي ومتين، يفتح الطريق أمام عمل مشترك منسجم، بما يضمن وضع إفريقيا في مأمن من التهديدات الإرهابية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19471

العدد 19471

الأربعاء 15 ماي 2024
العدد 19470

العدد 19470

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19469

العدد 19469

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19468

العدد 19468

الأحد 12 ماي 2024