تمثل السياحة أحد البدائل الاقتصادية الواعدة التي تراهن عليها الدولة الجزائرية في إطار تنويع مصادر الدخل وتجاوز التبعية للمحروقات. وإدراكا من السلطات العليا بأهمية هذا القطاع كخلاق للثروة ومولد لمناصب الشغل، فقد حظي بعناية خاصة من طرف رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، الذي جعله التزاما من التزاماته 54، وتحديدا الالتزام رقم 19.
بعد سنوات طويلة من الركود، بدأ قطاع السياحة في الجزائر يشهد ديناميكية جديدة، مدفوعة بإصلاحات تشريعية وتنظيمية تهدف إلى بعثه وتطويره وفق منظور حديث، يقوم على الاستثمار المستدام والمنتج. ولتحقيق هذا المسعى، برزت الحاجة الماسة إلى تطوير البنى التحتية السياحية، من خلال إنجاز منشآت جديدة، وتحديث الهياكل الفندقية، وتحسين نوعية الخدمات وتنويع المنتجات السياحية لتلبية متطلبات السوق المحلية والدولية.
وفي هذا السياق، خضع الإطار القانوني المنظم للنشاط السياحي إلى مراجعة شاملة، شملت قوانين أساسية من بينها: قانون التنمية المستدامة للسياحة، قانون وكالات السياحة والأسفار، قانون تهيئة وتسيير المناطق السياحية، فضلاً عن القوانين ذات الصلة بالاستثمار الفندقي. وتهدف هذه المراجعات إلى التكيّف مع التحولات العالمية والتجارب الناجحة.
وتعكس مقاربة رئيس الجمهورية في هذا الملف، إرادة سياسية واضحة لبناء نموذج سياحي جزائري مستقل، يحترم مقوّمات الهوية الوطنية والسيادة الثقافية، ويرفض الإنخراط في نماذج تعتمد الانفتاح المفرط أو تقديم تنازلات ثقافية لاستقطاب السياح. وقد أكّد الرئيس في أكثر من مناسبة أنّ “السياحة عمود فقري للتنمية”، وهو ما يعكس رؤية تعتمد على التوازن بين الأصالة والانفتاح.
وفي جانب الترويج والتسويق السياحي، تلعب المعارض الوطنية والدولية دورًا محوريًا، أبرزها الصالون الدولي للسياحة والأسفار “سيتاف”. ويشكل هذا المعرض منصة مهمة للمتعاملين والمهنيّين في القطاع، كما يسمح بإبراز التنوّع السياحي الجزائري والترويج له على المستويين المحلي والدولي.
إنّ ما تشهده السياحة الجزائرية اليوم من حركية تشريعية وميدانية، يعكس قناعة بأنّ هذا القطاع يمكن أن يتحول إلى قاطرة تنموية حقيقية، إذا ما تم استغلاله وفق رؤية استراتيجية تضع الهوية في قلب النموذج، والتنمية في صلب الأهداف.