الخبير الاقتـصادي الدولي البروفسـور فريد كورتـل لـ«الشعـب»:

المعــرض التجــاري سيحـوّل الجزائـر إلــى مركـز اقتصادي قـارّي

حوار: فضيلة بودريش

رئيـــس الجمهورية أمر بتقديم كـل التسهيـلات للمشاركــين الأفارقـة..

المعــرض..منصـة استثنائــية للوصــول إلـى مختـلف الأسـواق الإفريقيـة

لقـاءات أعــمال واتفاقيـات الاستثمـار لتعزيــز التـبادل التجــاري

أجنــدة المعـرض..فـرص غــير مسبوقـة في 11 قطاعــا حيويــا

تستعد الجزائر لاحتضان معرض التجارة البينية الإفريقية، سبتمبر المقبل، في موعد اقتصادي استثنائي مرشح لتحويلها إلى قبلة للاستثمار والتعاون القاري، ويراهن الحدث، الذي يغطي 11 قطاعاً حيوياً، على إبراز فرص وأسواق ضخمة تدعم مسار التكامل الإفريقي، ويؤكد الخبير الدولي فريد كورتل لـ»الشعب» أن المعرض يحظى بمتابعة خاصة من رئيس الجمهورية الذي وجّه بتسهيل مشاركة الشركاء الأفارقة وتوفير كل الظروف لإنجاح هذا المحفل القاري لفائدة الاقتصادين الوطني والإفريقي.

-  الشعب: ما هي المحاور الكبرى لأجندة معرض التجارة البينية الإفريقية في طبعته الرابعة، باعتباره أضخم تقاطع للآلة الاقتصادية الإفريقية ولقاء تاريخيا يكشف عن أسواقها الواعدة؟
 الخبير الدولي فريد كورتل: من المقرر أن تتم برمجة العديد من الفعاليات، بينها معرض تجاري كبير بمشاركة شركات كبرى ومتوسطة وصغيرة متخصصة في الإنتاج والخدمات، إلى جانب تنظيم منتدى التجارة والاستثمار، ومن المرتقب أن يستمر لمدة أربعة أيام ويجمع شخصيات إفريقية ودولية بارزة، وبالإضافة إلى إقامة منصات متخصصة لروابط افريقية إبداعية «كناكص»، إضافة إلى أن هذا المعرض يضرب موعدا مع لقاءات الأعمال الثنائية واجتماعات تعزيز التبادل التجاري واتفاقيات الاستثمار بين مختلف المتعاملين والدول الحاضرة..ولعل من أبرز الفعاليات المنتظرة، معرض سيارات إفريقيا، ويوم خاص بالأفارقة في المهجر لمناقشة سبل تعزيز مساهمتهم في تنمية القارة في مختلف المجالات، ويتضمن المعرض برنامجا وفضاءات مخصصة لرواد الأعمال الشباب من أصحاب الشركات الناشئة والطلبة الجامعيين والباحثين، وستبرمج أيام خاصة مفتوحة أمام الدول والقطاعات الخاصة والعمومية، من أجل إبرام عقود تجارية وسياحية وثقافية، علما أن النسخة الرابعة من المعرض الإفريقي للتجارة البينية ستغطي 11 قطاعا مختلفا تشمل جميع مجالات التعاون بما في ذلك ورشات التكوين الفني وفنون الطهي الإفريقية.
في ضوء التحضيرات والرهانات المرفوعة من طرف الجزائر..ماذا ينتظر من معرض التجارة البينية الإفريقية ؟
يجب أن نسجل أن الطبعة الرابعة من المعرض الإفريقي للتجارة البينية 2025 الذي سيقام بالجزائر العاصمة، في الفترة الممتدة بين 04 و10 سبتمبر الداخل، في قصر المعرض الصنوبر البحري بالعاصمة، تكتسي أهمية خاصة بعد الطبعة الثالثة التي عقدت في مصر..تبقى الأهداف الأساسية التي تسعى الجزائر إلى تحقيقها، وتطمح من ورائها بلدان الاتحاد الإفريقي، هي الحرص على تعزيز التكامل الاقتصادي في إفريقيا أولا، ثم تشجيع التجارة البينية بين دول القارة الواحدة؛ فقد أدركت إفريقيا ضرورة تكثيف التبادل والتعاون، وهي حريصة - في الوقت الراهن - على التكامل فيما بينها، فهي تدرك أهمية التكامل في العالم المعاصر، وهذا لا يمر إلا من خلال تحقيق تعاون ثنائي فيما بين دولها، حتى تتمكن من الاعتماد على نفسها دون الحاجة إلى الخارج، خاصة أن حجم الواردات الإفريقية تجاوز 500 مليار دولار، وهذا رقم كبير في قارة تعتبر من أفقر القارات، ولعل هذا ما يفرض بعث التعاون بما يقلل فاتورة الاستيراد المتنامية.إن الأهمية القصوى لهذا المعرض، تتجلى في حجم الجهات المنظمة له، والمتمثلة في البنك الإفريقي للاستيراد والتصدير ومفوضية الاتحاد الإفريقي وأمانة منطقة التجارة الحرة الإفريقية «زليكاف»، علما أن هذه الهيئات الثلاث تساهم في تمويل وتنظيم هذه التظاهرة بالاشتراك مع الجزائر ممثلة في وزارة التجارة والوزارات ذات العلاقة.
ويجب التأكيد على أن للمعرض جملة من الأهداف الأساسية، تسعى كل دولة إلى تحقيقها، من بينها تعزيز التكامل الاقتصادي في القارة، والعمل على تكثيف التعاون البيني مع الدول الإفريقية، بشكل يجعلها لا تلجأ إلى الخارج، خاصة فيما هو متوفر في الدول من منتجات وخبرات..تعمل إذن على تشجيع التجارة البينية الإفريقية والاستيراد من دول القارة عوض اللجوء إلى بلدان من خارج القارة، وهذا يوفر تكاليف النقل، ويلغي مدة الانتظار، إلى جانب توفير الموارد المالية في خزينة كل دولة، ومن أبرز مزايا هذا المعرض أنه يعد فرصة هامة لكل دولة من أجل جذب الاستثمارات وطرح العقود، وتسعى الجزائر لجعل المعرض فرصة لتتحول إلى مركز اقتصادي إقليمي.
ومن المتوقع أن يشارك في هذا المعرض أكثر من ألفي عارض من أكثر من 75 دولة إفريقية وضيوف الشرف، ومن المتوقع أن يزوره 35 ألف زائر من رجال الأعمال والشخصيات المهمة من مختلف الدول الإفريقية.
والمعرض، كما سبق وأشرت، يستهدف كثيرا من القطاعات، وليس قطاع التجارة وحده، فهو يركز على قطاعات الزراعة والصناعة والطاقة والتمويل والبحث والابتكار، إضافة الصحة والنقل، وحتى الشركات الناشئة، وهو فرصة حقيقية لإبراز مقدرات كل دولة في مختلف القطاعات حتى تكون هناك فرصا حقيقية للتبادل والتعاون البيني الإفريقي، وفي هذه القطاعات المنتجة، من المنتظر أن تعكف المؤسسات المشاركة على عرض منتجاتها وخدماتها قصد التعريف بها والترويج لها بقصد استقطاب أسواق وبناء شراكات داخل القارة السمراء.ويكتسي المعرض أهمية كبيرة؛ لأنه يعتبر منصة استثنائية للشركات لعرض منتجاتها وخدماتها والوصول إلى أسواق إفريقية، ومن المتوقع أن يتم إبرام العقود وصفقات بقيمة 44 مليار دولار، وهي أكبر قيمة منتظرة منذ بداية تنظيم المعرض، وهنا تبرز فرصة كبيرة ومهمة للجزائر والدول الإفريقية، كي تدعم اقتصادياتها، وترفع من نسبة نموّها، وتحرك آلة الاستثمار التي توفر لها احتياجاتها.
كيف يمكن استغلال المنجز الجزائر من بنى تحتية ومن تطور في قطاعات حيوية، ليعود بالفائدة على أهداف المعرض، وهل يمكن أن يتيح للجزائر تكثيف شراكاتها والتموقع الجيد في الأسواق الإفريقية؟
 أمام الجزائر فرص كبيرة ومتعددة بعد شق طرق السكك الحديدية، في إطار تعزيز البنى التحتية من الشمال إلى تندوف وتمنراست، وطريق الوحدة الإفريقية العابر للصحراء، وربط الجزائر بموريتانيا عبر طريق رئيسي هام، وإنشاء معبر حدودي في منطقة «الزويرات»..كل هذه البنى التحتية ستكون عاملا مساعدا على تسهيل وصول السلع والبضائع الجزائرية إلى الأسواق الإفريقية، بل حتى البضائع المستوردة من طرف دول الساحل يمكن أن تمر عن طريق الجزائر، وتعبر إلى حدود الدول المجاورة، وتكون أقل تكلفة وأسرع وصولا إلى مقاصدها، ومن ثم، من شأن هذه البنى التحتية التسريع من وتيرة إيصال الواردات لهذه الدول، كما تتيح لصادرات الجزائر التدفق في أوقات قياسية، ما يقلل التكاليف مقارنة بما كانت عليه من قبل.
شعار المعرض «التكامل والازدهار»..في تقديرك، ما هي مفاتيح هذا التكامل والتطور؟
 عند التطرق لـ»التكامل»، يمكن القول إن دول القارة السمراء، مدركة جيدا أن جميع الدول في العالم تهمها مصلحتها وتضعها فوق كل اعتبار، ولقد تفطنت إلى ضرورة الاعتماد على بعضها البعض خاصة من خلال الاتحاد الإفريقي، البيت الذي يجمع دول القارة الواحدة بكلمة وصف موحد..هذا التكامل هدفه التكاتف بين دول القارة، وسد كل ما ينقصها من المنتجات والخدمات التي تحتاج إليها..ونلاحظ أن وتيرة التعاون والتكامل الإفريقي لاحت في الأفق من خلال زيادة حجم المبادلات بين عدة الدول.. نأخذ - على سبيل المثال - الجزائر مع كل من موريتانيا والسنغال وكوت ديفوار والعديد من الدول الإفريقية، فبعد أن كانت التبادلات ضعيفة، ارتفعت بشكل مهم ملايين الدولارات، ولقد فاقت واردات موريتانيا من الجزائر حدود 86 مليون دولار وهي مرشحة لتبلغ مستويات أعلى. هذه الفرص المتاحة تخدم جميع الأطراف الإفريقية باعتبارها توفر مختلف الحاجيات للشعوب، علما أن كل دولة تسعى إلى توفير الحاجيات بأقل تكلفة وأسرع وقت، وهذا لن يتحقق إلا بتكثيف وتقوية التعاون الإفريقي البيني..ولعل الامتياز الأبرز أن الدول الإفريقية تربطها حدود وبإمكانها في إطار اتفاقية التجارة الحرة، أن تمرر السلع والخدمات التي تستورد أو تصدر من بلد لآخر، بسلاسة وانسيابية، ويكون أثرها الايجابي على جميع الأطراف بما يوفر أموالا طائلة لخزائن الدول الإفريقية، وبما يخدم اقتصاديات وأسواق القارة الواحدة، عن طريق إنعاشها بشكل حيوي ينعكس على رفاهية شعوبها ويعطي استقرارا لأسواقها ويلبي حاجيات مواطنيها.
ماهي الدول التي يمكن أن تستهدف الجزائر أسواقها وتقيم بها مشاريع استثمارية مربحة؟
يمكن للجزائر أن تتواجد في العديد من الدول، خاصة أنه لديها اهتمام كبير للتوجه الإفريقي بعد دخول منطقة التبادل الحر «زليكاف» حيز التنفيذ، وحرصت الجزائر على التواجد في قلب الأسواق الإفريقية ووطدت تعاونها مع دول غرب إفريقيا مثل السنغال وكوت ديفورا وموريتانيا؛ وهي حاليا تصدر للعديد من الدول الإفريقية، مثل أوغندا وأنغولا والنيجر ومالي وتشاد وتونس وليبيا ومصر.. تقريبا، معظم الدول الإفريقية تصلها المنتجات الجزائرية، وهذا ما يؤكد أن الجزائر تبنت الاتجاه الإفريقي، وقطعت أشواطا متقدمة، بل حققت نجاحا كبيرا في هذا المسار، وما زالت وترمي بكل ثقلها في الأسواق الإفريقية، كي تكون عونا للأشقاء الأفارقة على تحقيق نهضة شاملة..الجزائر تقيم معارض دائمة للمنتجات الجزائرية، مثل معرض موريتانيا الذي يسمح للمتعاملين بطلب تلك المنتجات وتقريبها من المستهلك الموريتاني، بالإضافة إلى معرض دائم بالسنغال، وهي تسعى إلى توسيع هذه المعارض في العديد من الدول الإفريقية، إلى جانب إنشاء فروع لبنوك جزائرية، وبنوك يكون رأس مالها مختلطا بين بنكين جزائريين سواء فروع بنكية أو إنشاء بنوك بهذه الدول لتسهيل التعاملات بين الجزائر وتوسيع التعاملات، وهذا ما رفع من حجم الصادرات الجزائرية إلى موريتانيا والسنغال وساحل العاج..
ما هي الفرص التي تتوقعون أن يكشف عنها هذا المعرض الكبير؟
 تتمثل هذه الفرص في العقود والاتفاقيات التي ستبرم وتتمثل فيما قيمته 44 مليار دولار، والفرص متاحة أمام جميع الدول الإفريقية؛ لأن كل دولة تسعى للظفر بجزء من هذه العقود، سواء تعلق الأمر بالاستثمار أو حجم المبادلات التجارية فيما يخص التصدير والاستيراد، والفرصة سانحة لكل دولة ومتعامليها للظفر بجزء من هذه الصفقات التي ستسجل ضمن صادرات كل دولة بالنسبة لعقود التجارة المتعلقة بالتصدير، وهذا مهم جدا بالنسبة للجزائر، باعتباره يرفع من حجم الصادرات خارج المحروقات، وكذلك فرصة للدول المستوردة التي لا تنتج من أجل توفير المنتجات التي تحتاجها وإبرام عقود واتفاقيات وصفقات بأقل تكلفة وجهد ووقت أسرع..نذكر أن الواردات من الصين تستغرق وقتا بعد إبحار الباخرة، والمعرض يختزل المدة الزمنية والمسافة في نفس الوقت، ما يمثل فرصا ثمينة للدول لدفع عجلة عقد الاتفاقيات للتصدير والاستيراد.
ما أثر المعرض على مسارات النمو والآلة التصديرية على المدى المتوسط؟
 من المنتظر أن يترك المعرض أثرا بارزا على مسارات النمو، في ظل فرص متعددة تسمح بدفع عجلة النمو الاقتصادي خاصة بالنسبة للدول التي ستظفر بالعقود للتصدير؛ لأنه يفضي إلى زيادة في الإنتاج، ما ينعكس على معدل النمو والناتج الداخلي الخام، وينوع من زخم الاقتصاد ويرفع مكانته الإفريقية..المعرض يقدم فرصا أخرى تتمثل في تبادل الخبرات والمعلومات والتجارب فيما بين الدول العارضة، بما يخدم كل طرف، وهذا مؤشر جد إيجابي، وبالموازاة مع ذلك، ينبغي التأكيد أن المعرض يحمل معه تحدي كبير قائم ومفروض على الجميع بالنسبة للمتعاملين الاقتصاديين والمسؤولين وأصحاب المؤسسات الاقتصادية سواء كانت عمومية أو خاصة، من أجل الذهاب إلى إفريقيا والظفر بأكبر قدر من اتفاقيات الشراكة في هذا الموعد الاقتصادي الكبير.
ويذكر أن المعرض البيني يحظى باهتمام ومتابعة خاصة من طرف رئيس الجمهورية وأمر طاقمه الحكومي بتقديم تسهيلات كبيرة للشركاء الأفارقة للمشاركة في هذه التظاهرة الاقتصادية، واتخاذ كل الإجراءات والتدابير لإنجاحها لفائدة الاقتصاد الوطني والإفريقي، وسينعكس نجاح المعرض على المنظومة الاقتصادية الوطنية بإعطائها دفعا قويا نحو الأمام، كما سينعكس على نجاح الاقتصاد الإفريقي عبر تشجيع التجارة البينية بين الدول الإفريقية وزيادة معدلات التبادل التجاري والاقتصادي، بما يعود بالفائدة على جميع الأطراف في هذه المعادلة البينية، ويجدر بنا أن نشير إلى أن الطبعة الثالثة من معرض التجارة البينية الإفريقية عرفت مشاركة أكثر من1900عارض من 130 دولة وجذبت نحو 28 ألف زائر، وبلغت قيمة الاتفاقيات الموقعة 43.8 مليار دولار وفي مقارنة بين المعرضين، يحمل معرض الجزائر طموحات كبيرة وتحسنا بزيادة عدد العارضين وحجم الاتفاقيات المنتظرة؛ فالمتوقع أنه سيصل إلى 44 مليار دولار، ويراهن على جذب 35 ألف زائر، وكل الأرقام المرتقبة، تؤكد أن معرض الجزائر للتجارة البينية الإفريقية سيعرف قفزة معتبرة وقياسية، تعكس مكانة الجزائر وسمعتها وقدرتها على تنظيم مثل هذه التظاهرات الاقتصادية الهامة، مع الإشارة إلى أنه يعد أهم حدث عرفته الجزائر خلال 2025، بغض النظر عن جميع المعارض المنظمة بقصر المعارض، غير أنه يبقى معرضا مميزا وكبيرا على عدة أصعدة ومن حيث المعطيات والأرقام.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19856

العدد 19856

السبت 23 أوث 2025
العدد 19855

العدد 19855

الخميس 21 أوث 2025
العدد 19854

العدد 19854

الأربعاء 20 أوث 2025
العدد 19853

العدد 19853

الثلاثاء 19 أوث 2025