تكويــن الكفــاءات البشريـــة وتحديث أساليـب العمـل الميدانــي
أكد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أن الفلاحة لم تعد اليوم مجرد نشاط تقليدي يعتمد على الوسائل القديمة، بل أصبحت علماً قائماً على التكنولوجيا الحديثة وتقنيات الإنتاج الذكية، مشدداً على أن عصرنة ورقمنة هذا القطاع الحيوي باتتا ضرورة وطنية لضمان الأمن الغذائي، تعزيز الإنتاج المحلي، وفتح آفاق أوسع للتصدير.
أشار رئيس الجمهورية، خلال لقائه الأخير مع وسائل الإعلام، إلى أن تطوير الفلاحة بات يشكل ركيزة أساسية في بناء اقتصاد وطني متنوع ومستدام، لافتاً إلى أن الهدف الاستراتيجي يتمثل في الرفع من الإنتاج وتحسين الجودة من خلال اعتماد تقنيات مبتكرة تضمن الاستخدام الأمثل للموارد، خاصة المياه، وتحافظ في الوقت نفسه على البيئة. كما شدد على أن تطوير الفلاحة يسهم في تقليص الاعتماد على الاستيراد ويدعم قدرات البلاد التصديرية نحو الأسواق الخارجية.
رؤية جديدة يقودها وزير شاب
ويأتي تعيين ياسين وليد على رأس القطاع الفلاحي، في هذا السياق، كخطوة تعكس إرادة الدولة في ضخ دماء جديدة داخل القطاع، إذ يمتلك الوزير خبرة واسعة في مجال التسيير والابتكار التكنولوجي، ما يجعله قادراً على إدخال الرقمنة وتحديث أساليب العمل بما يرفع الإنتاجية ويعزز استغلال الموارد الطبيعية.. هذه المقاربة الجديدة تهدف – بحسب الرئيس – إلى تحويل الفلاحة من نشاط تقليدي إلى صناعة ذكية تستند إلى البيانات والمعطيات العلمية الدقيقة.
وفي هذا الإطار، يواجه الوزير الجديد جملة من التحديات، على رأسها إدماج التكنولوجيا في جميع مراحل الإنتاج الفلاحي، من الزراعة إلى التخزين والتسويق، وهو ما يتطلب تكوين الكفاءات البشرية وتحديث أساليب العمل الميداني، لتمكين القطاع من مواكبة التطورات العالمية والمنافسة في الأسواق الدولية.
الفلاحة ركيزة الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل
وأكد رئيس الجمهورية، في أكثر من مناسبة، أن تحديث القطاع الفلاحي لم يعد خياراً، بل هو أساس بناء اقتصاد وطني متين، حيث يتيح ذلك رفع الإنتاج وتحسين جودة المنتجات الفلاحية، ما يساهم في تقليص فاتورة الاستيراد وتوفير العملة الصعبة، كما أن تشجيع الاستثمار في الفلاحة وتبني الحلول التكنولوجية سيُسهمان في دفع التنمية المحلية وتعزيز مكانة الجزائر كقوة إنتاجية وتصديرية في المنطقة.
وأضاف أن الفلاحين الذين تبنوا التقنيات الحديثة في عمليات الزراعة والري والتسويق نجحوا في إيصال منتجاتهم إلى الأسواق الخارجية، مؤكداً أن التجارب الأخيرة أثبتت أن التكنولوجيا تفتح آفاقاً واسعة أمام المنتوج الجزائري وتزيد من تنافسيته على المستوى الدولي.
الرقمنة.. أداة لتحقيق الأمن الغذائي
من جانبه، أشاد الخبير الفلاحي لعلا بوخالفة بتوجهات رئيس الجمهورية، واعتبر أن تعيين وزير شاب متمكن من أدوات التكنولوجيا، سيساعد في تسريع وتيرة الرقمنة داخل القطاع، مؤكداً أن الرقمنة تمثل اليوم عاملاً أساسياً في تنظيم الإنتاج ومتابعة التوزيع بدقة، وبالتالي في تحقيق الاكتفاء الذاتي وضمان الأمن الغذائي، خصوصاً في ظل التغيرات المناخية والجفاف.
وأوضح بوخالفة أن الوزير الجديد شرع بالفعل في زيارات ميدانية واجتماعات مع مختلف الفاعلين في القطاع، تمهيداً لإحداث قفزة نوعية في طرق التسيير والانتقال من الفلاحة التقليدية إلى العصرية. وأبرز أن استخدام التقنيات الذكية، خصوصاً في مجال الري، سيُسهم في ترشيد استهلاك المياه ورفع الإنتاجية وتحسين الجودة. كما دعا إلى فتح المجال أمام الشباب للاستثمار في القطاع من أجل القضاء على العراقيل البيروقراطية.
تكوين وتأطير لضمان الانتقال الرقمي
ويرى الخبير أن نجاح هذه التحولات يتطلب مرافقة ميدانية وتكويناً مستمراً للفلاحين حتى يتمكنوا من استعمال الوسائل الحديثة بفعالية، ما يعزز فرص التصدير ويدعم تنافسية المنتوج الجزائري في الأسواق الخارجية. كما أكد أن الرقمنة تسهّل اتخاذ القرارات المبنية على المعلومات الدقيقة، وتساعد على متابعة سلسلة الإنتاج بشكل أفضل، فضلاً عن تطوير أنظمة رقمية حديثة لدعم عمليات التصدير وتحقيق التوازن بين حاجات السوق المحلية والانفتاح على الأسواق العالمية.
وأشار بوخالفة إلى أن الانفتاح على أسواق جديدة يمثل فرصة حقيقية لرفع حجم الصادرات وتنويعها، وهو ما يمنح الفلاحين إمكانيات أكبر للتنافسية وتحسين مداخيلهم. فكلما اتسعت دائرة الأسواق الخارجية، زادت قيمة المنتوج الوطني وتعززت مكانته في السوق الدولية.
إمكانات ضخمة وفرص واعدة
وأضاف الخبير أن الجزائر تخطو بثبات نحو جعل الفلاحة رافعة أساسية للاقتصاد الوطني، بفضل ما تملكه من مساحات زراعية شاسعة وإمكانات طبيعية وبشرية تؤهلها لتحقيق الاكتفاء الذاتي وضمان الأمن الغذائي للأجيال القادمة. كما أن تبني الرقمنة والتقنيات الحديثة سيمكن البلاد من دخول أسواق جديدة بقوة والمنافسة على المستوى الدولي.
وأكد أن استخدام التكنولوجيا في الزراعة والتسويق يتيح للفلاحين إدارة أعمالهم بشكل أفضل وتزويدهم بمعلومات دقيقة حول الأسعار واحتياجات السوق، ما ينعكس إيجاباً على جودة المنتجات ويعزز ثقة المستهلكين، ويفتح المجال لعقد شراكات استراتيجية مع دول أخرى.
نحو فلاحة ذكية ومستدامة
وفي المحصلة، تسير الجزائر بخطوات واضحة نحو عصرنة قطاعها الفلاحي وتحويله إلى قطاع ذكي قائم على التكنولوجيا والرقمنة.. هذه التحولات ستسهم في رفع الإنتاج وتحسين الجودة والنوعية، وتضمن الأمن الغذائي، وتفتح آفاقاً أوسع أمام التصدير، ومع دعم الدولة وتشجيع الشباب على الاستثمار في هذا المجال، تبدو الفلاحة في طريقها لأن تصبح إحدى الركائز الأساسية التي تدفع عجلة التنمية الاقتصادية وتعزز مكانة الجزائر في الساحة الدولية.