وتيرة الإنتاج تتزايد مدفوعة بارتفاع مستوى الاستهلاك
يؤكّد الخبير الاقتصادي عبد القادر سليماني، أنّ قرار رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، القاضي برفع الأجور بنسبة مائة بالمائة خلال السنتين القادمتين، يأتي تنفيذًا لالتزامه بحماية القدرة الشرائية وتحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية للمواطن، وهو ما سيكون له انعكاسات إيجابية على الاقتصاد ككلّ، حيث ستزيد وتيرة الإنتاج مدفوعة بارتفاع مستوى الاستهلاك، الأمر الذي من شأنه تحسين الاقتصاد الوطني وتشجيع الإنتاج المحلي.
أوضح الخبير الاقتصادي عبد القادر سليماني، في اتصال مع “الشّعب”، أنّ الزيادات في الأجور ورواتب ومعاشات الموظفين والمتقاعدين ومنح البطالين والطلبة، تدخل دائمًا في إطار سياسة الدولة الرامية إلى حماية القدرة الشرائية، وهو الطابع الذي يكرّسه الدستور الجزائري، وكرّسه قبل ذلك بيان ثورة أول نوفمبر. وقد أكّد الرئيس أنه ستكون هناك زيادات في 2026 و2027، وهذا تنفيذًا لالتزاماته التي تعهّد بها أمام الشعب الجزائري، خصوصًا الفئات المذكورة.
وقال المتحدث إنّ الزيادات ستكون في حدود 53 بالمائة لاستكمال التزام رفع الأجور بنسبة مائة بالمائة، استمرارا لما بدأه السيد الرئيس من تدابير لحماية القدرة الشرائية، إذ سبق أن تمّ رفع الأجور سابقًا بنسبة 47 بالمائة، بالإضافة إلى الإعفاء من الضريبة على الدخل الذي يساوي أو يقل عن 30 ألف دينار، وحملة كبيرة للتوظيف في قطاعات التربية والتعليم العالي وغيرها من القطاعات.
تطويــر الاقتصــاد
أوضح الخبير سليماني أنّ الزيادات التي ستكون في السنتين القادمتين، ستساهم في تحسين الظروف المالية للموظف ورفع القدرة الشرائية وحمايته من كل المطبات والمشاكل، من خلال الحفاظ على مؤشّرات الأسعار المتحكّم فيها، وكذلك بالنسبة للدينار الجزائري. فبفضل رفع الأجور والمنح والمعاشات، ستكون هناك عوائد على الاقتصاد الوطني، وعندما تزيد القدرة الشرائية سوف يرتفع الاستهلاك المحلي، وبالتالي ستقابله ارتفاعات في معدلات النمو.
كما ستكون هناك ديناميكية اقتصادية متسارعة ومستمرة، بالموازاة مع إنشاء المؤسّسات والشركات وانتعاش القطاع الخاص، حيث سيتعزّز نشاط السوق، خاصة في التجارة والاقتصاد خارج قطاعات المحروقات. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، عندما نحرّر وندعم القدرة الشرائية – يؤكّد الخبير – فإننا ندعم الاستهلاك وبالتالي ندعم الاستثمار والادخار، وكل هذا يتزامن مع مؤشّرات على تعافي الاقتصاد الوطني، سيما وأنّ الاقتصاد الجزائري أصبح اقتصادًا ناضجًا.
دعـم قــوة الدينــار
أضاف المتحدث أنّ ما سبق ذكره سيدعم قوة الدينار الجزائري مقابل العملات الصعبة، كما سيسمح بفتح مجال أوسع للاستثمار، بحيث يكون هناك توطين للإنتاج وزيادة نسبة الإدماج، لأنّ كل الشركات العالمية وحتى المستثمرين سوف ينجذبون إلى السوق الجزائرية. وبالتالي سيكون هناك ارتفاع في ما يسمى معدل الدخل، أي أن الدخل الفردي سوف يرتفع، وعندما يرتفع هذا الأخير مقارنة بالدول الإفريقية والدول العربية، سيصبح عامل جذب للاستثمارات الأجنبية، لأنّ السوق الجزائرية سوق واعدة ومستهلكة ونامية وديناميكية.
كل ذلك – يضيف الخبير الاقتصادي – جاء نتيجة الوضع الاقتصادي للجزائر اليوم، الذي أصبح اقتصادًا قويًا ومرنًا يواجه كل الصعوبات العالمية، منها آثار التضخّم، الذي تمكّنت من تخفيضه إلى أقل من 4 بالمائة، وذلك بفضل التحويلات الاجتماعية والسياسات المرنة. ورغم الصعوبات العالمية وانهيار اقتصادات أوروبية بإعلان عشرات الآلاف من الشركات في أوروبا إفلاسها، حافظت الجزائر على ديناميكية النمو الذي فاق 4 بالمائة، وهذا بشهادة البنك العالمي وصندوق النقد الدولي.
كما نجحت – يقول سليماني – بامتياز في استقطاب استثمارات أجنبية تعد من أحسن الوجهات الاستثمارية على المستوى الإفريقي والعربي، ونجحت أيضًا في تنظيم معرض التجارة البينية، بتوقيع صفقات بنحو 11 مليار دولار، بالإضافة إلى قوانين وإصلاحات تهدف إلى دفع الاستثمار وريادة الأعمال وخلق آلاف الشركات الناشئة لبلوغ عشرين ألف شركة، والتعويل على النسيج الاقتصادي للمؤسّسات المصغّرة والمتوسطة، بالإضافة إلى الحوكمة في تسيير المجمّعات الكبرى المسترجعة وإدخالها في العجلة الاقتصادية.