تحسين مداخيل العمال والموظفين والمتقاعدين وحماية الفئات القطاعية

أربع زيــادات متتاليـة للأجـور تضمن كرامة الأجـراء

زهراء.ب

تخفيـف الضغـط الجبائـي علـى ذوي الدخـل المتوسّط والمنخفــض

 جعل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، منذ اعتلائه سدّة الحكم في الجزائر، من رفع ودعم القدرة الشرائية للمواطنين، أولوية في برنامجه الرئاسي، حيث التزم بتحسين مداخيل العمال والموظفين والمتقاعدين وحماية الفئات محدودة الدخل، عن طريق أربع زيادات متتالية للأجور وإعادة النظر في المنح والعلاوات، عكست حرصه على ضمان دخل لائق للموظف والأجير وصون كرامته، والحفاظ على الطابع الاجتماعي للدولة.

 التزم رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، في بداية عهدته الرئاسية، بالحفاظ على مناصب العمل ودعم الفئات الهشّة، ولم تسجّل أي زيادات ملموسة في الأجور خلال السنة الأولى من عهدته بسبب أزمة مزدوجة، صحية ناجمة عن تفشي جائحة “كورونا”، واقتصادية بسبب تراجع أسعار النفط، ومع ذلك التزم بمراجعة سلّم الأجور تدريجيا.
لم تكن الزيادات في الأجور والمنح التي أقرّها رئيس الجمهورية بين 2022 و2024 مجرّد إجراءات ظرفية، بل مسار متدرّج ومدروس، يعكس التزام الدولة بتحسين معيشة المواطنين، ويجسّد رؤية رئيس الجمهورية الذي جعل من حماية القدرة الشرائية للمواطن “معركة حقيقية” وأولوية وطنية.
شرعت الحكومة في إعداد مراجعة شاملة للنظام التعويضي، وفي العام 2021، مع دراسة تخفيف الضغط الجبائي على ذوي الدخل المتوسّط والمنخفض، وتمهيدا لذلك تقرّر إلغاء الضريبة على الدخل الإجمالي للأجور التي تقلّ عن 30 ألف دينار، وهو ما اعتبر خطوة أولى لزيادة صافية في الأجور.
وأقرّ رئيس الجمهورية أول زيادة في مارس 2022، جاءت بعد سنوات طويلة من الجمود قاربت 15 سنة، عن طريق مراجعة الشبكة الاستدلالية للأجور، بغطاء مالي قدّر بـ300 مليار دينار جزائري، كما تمّ في نفس السنة إعفاء الأجور التي تقلّ أو تساوي 30 ألف دينار جزائري نهائيا من الضريبة على الدخل الإجمالي، وتخفيض الضريبة بالنسبة للأجور الأعلى.
كما تمّ استحداث منحة البطالة لأول مرّة في المنطقة العربية، حيث استفاد منها قرابة 1.9 مليون شابّ مسجّل في المنصة الرقمية “منحة”، مع ضمان التغطية الصحية وفرص للتكوين المهني، في وقت تمّ إطلاق عملية إدماج واسعة للمستفيدين من أجهزة المساعدة على الإدماج المهني والاجتماعي، شملت أكثر من 245 ألف شخص خلال سنة 2022.
ومع نهاية ديسمبر 2022، أعلن الرئيس تبون عن دعم جديد للجبهة الاجتماعية، يقضي برفع الأجور على مدى سنتين (2023-2024) بمعدل سنوي يتراوح بين 4500 و8500 دينار جزائري بحسب الرتب، وقد رصد للعملية غلاف مالي قدره 350 مليار دينار جزائري للتكفّل بزيادة أجور 2.8 مليون موظف وعامل.
وفي سنة 2023 تقرّر إضافة 75 نقطة استدلالية، و75 نقطة أخرى سنة 2024، لضمان استفادة أكبر للموظفين ذوي الدخل المنخفض، وصرفت الزيادات بداية من 10 مارس 2023 إلى غاية 20 من نفس الشهر، كما أمر به رئيس الجمهورية.
إعادة تقييم النقطة الاستدلالية في سلّم الأجور، انعكس إيجابا على معظم موظفي الوظيفة العمومية، حيث تشير المعطيات الرّسمية إلى أنّ هذه الزيادات المتتالية التي شملت القطاع العمومي منذ 2019، بلغت في مجموعها 47 بالمائة من الأجر القاعدي، ووضع هدف استراتيجي لرفعها إلى 100 بالمائة بحلول سنة 2027، وهو ما يترجم رؤية بعيدة المدى تضمن تحسينا تدريجيا ومتواصلا لمستوى معيشة الموظفين.
في نفس السياق، رفعت منحة البطالة إلى 15 ألف دينار صافية مع تغطية صحية شاملة، بينما ارتفعت منحة التقاعد إلى 15 ألف دينار، وإلى 20 ألف دينار للذين كانت منحهم 15 ألف دينار جزائري.
واستفاد المتقاعدون من خمس زيادات متتالية في معاشاتهم ومنحهم، آخرها في 2024 بنسبة تراوحت بين 10 و14 بالمائة، في خطوة وصفت بـ«غير المسبوقة”، مسّت ما يقارب 2.9 مليون متقاعد عبر مختلف ولايات الوطن، وهو ما يؤكّد أنّ حماية القدرة الشرائية شملت جميع الفئات، وليس الأجراء الناشطين فقط.
وفي سنة 2024، تمّ تطبيق نفس المنهجية، بإضافة نقاط استدلالية جديدة رفعت مستوى الأجور بشكل ملموس، حيث وصل الحجم الإجمالي للزيادات منذ بداية إقرار الزيادات إلى مستويات غير مسبوقة قاربت نصف الراتب القاعدي، كما استفادت قطاعات حيوية مثل الصّحة والتعليم والجماعات المحلية من مراجعات خاصة في المنح والتعويضات، الأمر الذي ساهم في تحسين المناخ الاجتماعي وتعزيز الاستقرار في هذه القطاعات، فعلى سبيل المثال لا الحصر ارتفع راتب أستاذ في قطاع التعليم بأكثر من 13 ألف دينار خلال سنتين فقط، فيما تراوحت الزيادات السنوية بين 4500 و8500 دينار، بحسب السلّم والرتب.
وتشير معطيات وزارة العمل، إلى أنّ عدد المستفيدين من قرارات الزيادة في الأجور والمنح، بلغ 8 ملايين جزائري، 2.8 مليون موظف 90 بالمائة دائمون، و10 بالمائة متقاعدون، و2.9 مليون متقاعد، وقرابة مليوني مستفيد من منحة البطالة، وهي أرقام ضخمة تعكس البعد الاجتماعي لهذه الإجراءات.
وفي 2025، جدّد رئيس الجمهورية التأكيد على أنّ هذه السياسة ليست وليدة ظرف اقتصادي عابر، بل هي توجه استراتيجي للدولة، وقال في لقائه الدوري الأخير مع ممثلي وسائل الإعلام الوطنية، إنه السياسة المنتهجة لا علاقة لها بالتقشّف، بل تهدف إلى إيجاد توازن بين الإنتاج المحلي والاستيراد مع الحفاظ على الدعم الاجتماعي والاستمرار في تحسين الأجور كآلية لامتصاص التضخّم، وهو ما يعكس إصرار الدولة على أن تكون حماية القدرة الشرائية للمواطنين ركيزة في السياسات العامة، مهما كانت التحديات الاقتصادية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19893

العدد 19893

الأحد 05 أكتوير 2025
العدد 19892

العدد 19892

السبت 04 أكتوير 2025
العدد 19891

العدد 19891

الخميس 02 أكتوير 2025
العدد 19890

العدد 19890

الأربعاء 01 أكتوير 2025