سبعة فروع تتخصص في التأمين على الأشخاص

توقع ارتفاع رقم الأعمال إلى 10 ملايير دج في 2014

سلوى روابحية

تزامن احتفاء الشركة الوطنية للتأمين وإعادة التأمين بالذكرى الخمسين على تأسيسها في جوان الماضي مع اتخاذ المجلس الوطني للاستثمار قبل نهاية السنة الماضية قرار دخول الشركة إلى بورصة الجزائر، ضمن عشر مؤسسات عمومية، تمثل الدفعة الأولى من سلسلة الشركات العمومية التي تنوي السلطات العمومية إدراجها في المؤسسة المالية بهدف بعث وتنشيط السوق المالية في الجزائر، التي ظلت تراوح مكانها لسنوات طويلة، وحرمت الاقتصاد من ادخار مالي معتبر كان كفيلا برفع حجم تمويل الاستثمار المنتج خارج دائرة الدعم العمومي، مثلما هو عليه الحال منذ سنوات عديدة.

ولأن الشركة الوطنية للتأمين وإعادة التأمين تعد عميدة شركات التأمين في الجزائر ورافقت مختلف المراحل التي عرفها هذا النشاط طيلة الـ 50 سنة الماضية، فقد تم اختيارها ليس فقط للمساهمة في بعث السوق المالية وإنما إشراكها في مجهود ترقية السوق الوطنية للتأمينات من خلال تنمية فرع التأمين على الأشخاص الذي كان ولا يزال دون المستوى المطلوب على الرغم من التطور النسبي الذي عرفه خلال السنتين الماضيتين، وذلك بعد أن تم اتخاذ قرار الفصل بين التأمين على الأشخاص من التأمين على الأضرار في سنة 2011، ومنحت للشركات المعنية مهلة خمس سنوات لإنهاء عملية الفصل من أجل تطوير التأمين على الأشخاص.
و لتجسيد هذا الهدف تم على مستوى الشركة الوطنية للتأمين وإعادة التأمين إنشاء فرع سمي “الكرامة” في مارس 2011، ودخل حيز التجسيد في جويلية من نفس السنة، وحقق بحسب أولى النتائج حصيلة مقبولة نسبيا وذلك مقارنة بالفروع الأخرى التي تمّ استحداثها على مستوى شركات الـتأمين الأربعة الأخرى المعنية بترقية التأمين على الأشخاص، ومن بينها الشركة الوطنية للتأمين وشركة التأمين الشامل، حيث بينت أولى الأرقام أن سوق التأمين على الأشخاص لا يمثل سوى 10 في المائة، في أحسن الأحوال من إجمالي سوق التأمينات في الجزائر على اعتبار أن هذا النوع من الـتأمين لا يزال ينظر إليه على أنه نشاط هامشي وكان جزاءا من التأمين على الأضرار، ولهذا السبب تم فصل الإثنين للسماح للنوع الأول من الانطلاقة الفعالة، وبالتالي المساهمة في تطوير نشاط التأمين على العموم، وإحداث التوازن بين المردود التقني والمالي، وفي نهاية المطاف الوصول إلى تحقيق الهدف الآخر الذي لا يقل أهمية عن الأول ويتعلق الأمر بتطوير قناة أخرى أكثر فعالية للادخار من أجل المساهمة في تمويل النشاط الاقتصادي عبر الأموال المودعة لدى الفروع التي استحدثت لهذا الغرض.
وإذا كان سوق التأمينات في الجزائر الذي حصد ما يناهز 111 مليار دج في سنة 2013، كرقم أعمال إجمالي فإن نصيب التأمين على الأشخاص لم يبلغ سوى 7,8 مليار دج فقط في العام الماضي مقابل 6,9 في المائة في سنة 2012، وبارتفاع قدرت نسبته بـ 13 في المائة. فيما قدر رقم أعمال الفرع التابع للشركة الوطنية للتأمين وإعادة التأمين “الكرامة” بـ 2 مليار دج في العام الماضي مقابل 1,7 مليار دج في سنة 2012، أي بحصة تعادل نسبتها 25 في المائة من سوق فرع التأمين على الأشخاص.
توقع رفع رقم الأعمال إلى حوالي 10 مليار دج في سنة 2014 وبزيادة تتجاوز بقليل ملياري دج لا يوحي أن القطاع سيشهد تطورا سريعا وفعالا، مما يعني من وجهة نظر بعض المختصين في القطاع أنه لا يمكن الحديث عن ترقية القطاع ما لم يتم إعادة النظر بل وإصلاح عميق في نوعية وطبيعة المنتجات المعروضة على الزبائن المنحصرة في الأساس في أنواع محدودة للغاية مثل التأمين على الصحة في المؤسسات أو تأمينات السفر وفي شقها الإجباري المرتبط خاصة بالسفر إلى الخارج، ما عدا ذلك فإن التنوع يبقى يشكل المحور الحساس في تطوير هذا النوع من التأمينات ومن الأسباب التي تجعله لم يشهد تلك النقلة النوعية المنتظرة رغم الفرص العديدة المتاحة في السوق الوطنية للتأمينات. الأمر الذي أدى بالعديد من الخبراء في القطاع إلى مطالبة شركات التأمين بضرورة تنويع منتجاتها خاصة على مستوى الادخار طويل المدى والتقاعد التكميلي والأحرى المرتبطة بالوقاية الاجتماعية والصحية.
قد تختلف الآراء حول طبيعة نمو وتطور سوق التأمينات في الجزائر خاصة في ظل التخصص الذي أصبح يفرض نفسه على شركات التأمين الوطنية الخاصة والعمومية وقد أدت ببعض المسؤولين في القطاع إلى دق ناقوس الخطر حول وتيرة وطبيعة نموها التي يطغى عليها فرع التأمين على السيارات بنسبة تناهز 55 في المائة وبنسبة تعويضات فاقت 78 في المائة من إجمالي ما تم تعويضه في سوق التأمينات المقدر بحوالي 50 مليار دج والذي يضم 23 شركة تأمين سبع منها متخصصة في التأمين على الأشخاص، فضلا عن الانفتاح على الرأس المال الأجنبي في إطار 49 و51 لصالح الشريك الوطني.
سوق التأمين في الجزائر التي تظل إلى حد ما متأخرة بالنظر إلى الامكانيات الهامة المتوفرة دفعت بالعديد من المسؤولين إلى التفكير في رفع مستوى أداء القطاع من خلال إعادة التقييم أولا ثم البحث عن طرق تطوير منتجات جديدة و قنوات أكثر مرودوية على غرار التأمينات على الأشخاص وتلك التي تمس المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتأمين على الكوارث الطبيعية الموجودة أصلا، لكن مردودها يظل هزيلا للغاية ويكاد التأمين على الأشخاص يفوقه بكثير على الرغم من أنه لا يزال في أولى بداياته، وذلك في إطار التخصص الذي دخل حيز التنفيذ قبل عامين.
لكن على الرغم من هذا التأخر المسجل في القطاع إلا أن الآفاق المستقبلية تبدو واعدة إذا تم الأخذ بعين الاعتبار المعطيات الموجودة في العديد من المجالات، خاصة في إطار الأشخاص من المهنيين والتجار والحرفيين وكل المؤسسات الصغيرة ومعها أيضا المتوسطة، فضلا عن التوسع الكبير الذي تشهده الحظيرة الوطنية للسيارات وارتفاع نسبة العاملين الناشطين وما يتطلبه ذلك من إجبارية التأمين عليهم بقوة القانون والذي قابله تراجع في حجم البطالة، وارتفاع محسوس في أجور العاملين وانعكاساته المباشرة على ارتفاع حجم ونسبة التأمين.
كل هذه العوامل والمعطيات تبدو مؤهلة لأن تعطي لسوق التأمينات دفعا قويا ترشحه لأن يلعب أحد الأدوار الأساسية في بعث نمو الاستثمارات المنتجة من خلال ما يمكنه أن يوفره من قدرات مالية معتبرة تأتي خارج سياق المداخيل المتأتية من المحروقات وتكون بمثابة السد المنيع أمام أي تذبذب محتمل في أسعار النفط على مستوى الأسواق العالمية التي عادة ما تؤثر بطريقة مباشرة وسريعة في عملية تمويل المشاريع الاستثمارية وأدت في الكثير من الأحيان إلى إعادة النظر فيها بعد التراجع المسجل في الإيرادات.
الإيرادات المتأتية من منتجات قطاع التأمين يمكن إدراجها في إطار تطوير ورفع القدرات المالية للبلاد في شكل ادخار طويل وحتى متوسط المدى خارج تلك الموارد التي توفرها مدا خيل النفط التي يفترض أن ينظر إليها على أنها من بين البدائل الأساسية لرفع الادخار الموجه لدائرة الاقتصاد ضمن المساعي التي تبذل لتنويع مصادر التمويل المحلية، بعيدا عن التأثيرات الخارجية غير المتحكم فيها.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024