فيروس كورونا يقلب الخيارات

المورد البشري مفتاح ازدهار الاقتصاد

فضيلة بودريش

من شأن فيروس «كوفيد-19» أن يغير معالم الاستراتجيات الاقتصادية وخيارات التنمية ويعيد النظر في الرهانات الاستثمارية في عديد دول العالم من بينها الجزائر، التي وجدت نفسها في امتحان صعب ومطالبة بتطوير البنى التحتية للصناعة الصيدلانية وتوسيع نسيج الصناعات الأخرى، مثل الغذائية وتطوير الفلاحة، خاصة ما تعلق بالحليب واللحوم بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي.
فرض هذا الفيروس تحديات لا يستهان بها في المرحلة المقبلة، أي صار من الضروري في مرحلة ما بعد الفيروس العناية الفائقة بالرأسمال البشري، نقطة انطلاقة أي تنمية صحيحة.
يبدو أن «كورونا» الفتاك لن يقتصر تغييره على الأنظمة الصحية والغذائية والسياسية والاجتماعية، بل الاقتصاد سيكون في قلب التغيير وكل دولة سوف تتجه لبناء قاعدتها الصناعية وتوظيف طاقاتها البشرية في سبيل خلق الثروة والإنتاج لتلبية الطلب المحلي مستفيدة من دروس الوباء.

خبرة الأدمغة

بالنسبة للجزائر كشف الظرف الصعب عن قدرة الطاقات البشرية على الاجتهاد لإيجاد حلول واقعية ملموسة، تم رصدها من خلال ابتكارات تستحق التشجيع، من بينها جهاز للكشف عن الفيروس وكذا كمامة طبية إلكترونية يمكنها أن تصدر إنذارا في حال وجود حالة حاملة للفيروس المعدي، إلى جانب قيام بعض شباب ولاية البليدة بصناعة عازل بلاستيكي للطبيب، يمكنه أن يفحص المريض، بالإضافة إلى حامل للمريض يكون عازلا للعدوى من أجل نقل المصابين، يضاف إليها تطبيق إلكتروني لحصر الفيروس توصلت إليه شركة ناشئة «ستارتاب»، وما إلى ذلك من مبادرات تظهر يوميا عبر وسائل الإعلام أو وسائط التواصل الاجتماعي.
إن الاستثمار في الرأسمال البشري ضرورة وأولوية، خاصة على مستوى الجامعات ومراكز البحث ويمكن تفعيل نشاطها بالاستعانة بخبرات الأدمغة المتواجدة بالخارج للاستفادة من تطور البحث العلمي وتطوير الأداء الاقتصادي والنسيج الصناعي خاصة. ويمكن طرح إشكالية المانع من بناء جسور تواصل بين العلماء والمخترعين الجزائريين مع مراكز البحث الجزائرية والاحتكاك بهم في ظل وجود عدد معتبر ممن يرغبون في العودة لخدمة وطنهم؟
يبقى التفكير الجدي ثم التخطيط واتخاذ القرار أمرا ضروريا في ظل كلفة تحويل التكنولوجيا المرتفعة، وأمام وفرة المورد البشري الذي يعد قوة النمو ومفتاح ازدهار الاقتصاد، ينبغي أن تنصب كل الجهود حول تأهيل ومرافقة وتأطير الطاقات المتميزة التي تحمل روح الابتكار.
التعلم والعمل عن بعد

هذا الفيروس التاجي الشرس سيغير نمط سوق العمل أكثر فأكثر في الدول المتقدمة وحتى في العالم الثالث، حيث ستتوسع خيارات العمل والتعلم عن بعد وبالتالي تفادي الاكتظاظ في الطرق وادخار كلفة التنقل والبنزين وما إلى ذلك، فبإمكان عديد المهن أن تعطي أكثر وبسخاء من أماكن تواجدها، لذلك الفيروس الذي عصف بالأنظمة الصحية سيغير كثيرا في ملامح سوق الشغل وفي منظومة البحث والتعليم.
والجزائر معنية بهذا التغير، خاصة في ظل تطلعها إلى النهوض بمنظومة التعليم والبحث وتنويع اقتصادها الذي يحتاج إلى تكنولوجيا واستثمارات منتجة تخلق الثروة، ففي الصناعة الصيدلانية يمكن جعلها تتبوأ مكانة أفضل من خلال تنويع وتوسيع الإنتاج والبحث عن أسواق خارجية لتشجيع الآلة الإنتاجية على تطوير قدراتها وتحسين منتوجها.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024