الأستاذ ولد الصديق ميلود ابن امحمد لـ«الشعب»

المغرب يخوض حملة خاسرة ضد الشرعية الدولية

أجرت الحوار : آمال مرابطي

تقريـر المصـير بالصحراء الخيـار الوحيـــــد

توقّف أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية ولد الصديق ميلود ابن امحمد عند الهجمة الشرسة والحملة المسعورة التي يشنها المغرب ضدّ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، واعتبرها ردّة فعل غير محسوبة العواقب على الصفعة القويّة التي تلقّتها المملكة إثر اعتراف بان كي مون الصريح والحازم بأنها قوّة احتلال، وتأكيده بأن الأراضي الصحراوية محتلّة، وبعد أن أدان وتأسّف للأوضاع الإنسانية المأساوية التي يعيشها الصحراويون.وأشار الاستاذ ولد الصديق إلى أنّه من خلال هذه الهجمة يكون الاحتلال المغربي قد فتح جبهة مواجهة جديدة مع الأمم المتحدة بعد الاتحاد الأوروبي وقبله الاتحاد الافريقي الذي لديه مواقف متقدّمة مؤيدة للقضية الصحراوية العادلة التي يبدوبأنّها ستشهد دفعا قويّا  نحوالانفراج في قادم الأيام.
 «الشعب»: ما هي قراءتكم للهجمة الشرسة التي يشنّها المغرب وترسانته الإعلامية ضد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون؟
ولد الصديق ميلود ابن امحمد: المعروف بداية أن المغرب - حسب بعض الأوساط - لم يستقبل الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون لأنه أراد أن يتمّ ذلك في العيون المحتلة وهو الشيء الذي لم تقبله الأمم المتحدة  التي لا تعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية.
أما الهجمة الشرسة، فتأتي على خلفية تصريحات بان كي مون اثر زيارته للأراضي الصحراوية يوم السبت 5 مارس، ثاني محطة له بعد موريتانيا ثم الجزائر، حيث أوضح علانية وصراحة أن الأراضي الصحراوية هي «أراضي محتلة» والجدير بالذكر أن الصحراء الغربية مسجّلة منذ سنة 1966 على قائمة الأقاليم غير المستقلة المعنية بتطبيق اللائحة رقم 1514 الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تنصّ على منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة.  
لقد خلّف تصريح بان كي مون الذي جاء ضدّ ما تشتهيه سفن الاحتلال المغربي، صدمة غير متوقعة لدى المخزن، مما انجرّ عنه هجومه الإعلامى الشرس واتهامه الأمين العام الأممي بخروجه عن حياده وموضوعيته ونزاهته، وبالوقوع في «انزلاقات لفظية» على حدّ زعمه بهذا الأمر لا يكون  المغرب في مواجهة مع الأمم المتحدة وحسب، بل مع الاتحاد الأوروبي أيضا بعد إلغاء قرار من قبل المحكمة العليا الأوروبية يرفض تجديد الاتفاقية المتعلقة بالصيد البحري لشمولها الثروات في المنطقة الصحراوية المحتلة ،وقبل ذلك الاتحاد الإفريقي الذي لديه مواقف متقدمة مؤيدة  لقضية الصحراء الغربية.
 أكيد زيارة بان كي مون إلى المنطقة حملت شيئا جديدا للقضية وشكلت ضغطا على الاحتلال فما الجديد الذي حملته؟
 تعد زيارة بان كي مون خامس زيارة الأمين عام الأمم المتحدة بعد زيارة كل من كورت فالد هايم، خافيير بيريز دي كويلار، بطرس بطرس غالي، كوفي عنان، وكانت آخر زيارة من هذا المستوى إلى المنطقة لبحث النزاع حول الصحراء الغربية، قام بها الأمين العام الأممي السابق كوفي عنان في ديسمبر 1998.
وإن كانت زيارة بان كي مون تأتي قبيل انعقاد الجلسة السنوية لمجلس الأمن حول القضية الصحراوية الشهر القادم، فإنها هدفت في الأساس إلى  بحث سبل الدفع بمسار التسوية لنزاع دام أكثر من 40 سنة في آخر مستعمرة في إفريقيا.
فقبل زيارته لمخيمات اللاجئين الصحراوين أكد من  نواكشوط أن جولته إلى المنطقة تهدف إلى دفع المفاوضات الهادفة إلى تسوية النزاع بما يمكّن الشعب الصحراوي من تقرير مصيره .. وقال «أنا في المنطقة للأجراء مباحثات حول الوضع في الصحراء الغربية وآمل في إعطاء دفع للمفاوضات الهادفة إلى تسوية هذا النزاع القديم جدا ودفع المحادثات بما يمكن اللاجئين من العودة إلى ذويهم في الصحراء الغربية في أسرع وقت ممكن».
لذا ففي نظري إصرار الأمم المتحدة على إجراء هذه الزيارة في الوقت الحالي رغم محاولات تجميدها وتأخيرها لموعد لاحق من قبل الجانب المغربي، يعد تصرفا جديدا للأمم المتحدة التي أضحت مقتنعة بضرورة فتح أفق لتسوية جدية ونهائية أكثر من أي وقت مضى وذلك بالدعوة إلى ضرورة إيجاد حلّ سلمي بما يضمن حقّ الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وفقا لمقتضيات الشرعية الدولية.
 القرار الذي سيصدره مجلس الأمن شهر أفريل حول الصحراء الغربية سيبنى على التقرير الذي سيلخص زيارة بان كي مون الأخيرة، فهل نرتقب انفراجا؟
 من المعلوم أنه في مطلع شهر أفريل من كل سنة يخصص مجلس الأمن الدولي جلسة نقاش حول قضية الصحراء الغربية ومهام بعثة «المينورسو»، يفتتح الاجتماع بتقرير الأمين العام للأمم المتحدة يليه تدخل الأعضاء الدائمين وغير الدائمين بمجلس الأمن وينتهي بإصدار قراره الذي يحدد خطة السنة المقبلة من ناحية المفاوضات بين طرفي الصراع ... لقد صار هذا تقليدا منذ وقف إطلاق النار سنة 1991.
أهمية زيارة بان كي مون  للأراضي الصحراوية ووقوفه مباشرة على معاناة اللاجئين في المخيمات وإبدائه تأسفا من الأوضاع اللاانسانية التي  يعيشها الصحراويون، قد تحدث هذه المرّة مفارقة وتحمل في الأفق جديدا يمكنه حلحة المشكلة واسدال الستار على مماطلة دامت طويلا، فعلى مدى الخمس والعشرون سنة  الماضية، أي منذ انشاء بعثة الأمم المتحدة   وقرارات مجلس الأمن لاتخرج عن تمديد مهمة المينورسو، ودعوة الأطراف الى التفاوض، ويبقى أن أيّ  قرار أممي مرتبط بما يبديه طرفا النزاع من نوايا حسنة أولا ثم مواقف الأطراف الاقليمية والدولية التي لها صلة مباشرة بالنزاع حول الصحراء الغربية.
هل تتفقون معي في كون القضية الصحراوية قطعت أشواطا نحو الانفراج والحل لم يعد ببعيد؟
 من حيث المبدأ فعلا هناك جهود معتبرة بذلها ويبذلها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية، كريستوفر روس، الذي قام خلال السنة المنصرمة بثلاث جولات إلى المنطقة (مارس سبتمبر ونوفمبر) سعى من خلالها إلى إقناع طرفي النزاع (المغرب وجبهة البوليزاريو) بالعودة إلى المفاوضات المجمدة منذ مارس 2012، بهدف إيجاد حل عادل لهذا النزاع.
لكن على مستوى الأرض هناك تأخر في تفعيل قرارات حلّ القضية الصحراوية، فمن جهة لم يتم تنفيذ قرار مجلس الأمن 690 الصادر سنة 1991 والقاضي بتنظيم استفتاء لتقرير المصير في الاقليم المحتل، ومن جهة أخرى يتم تسجيل انتهاكات مستمرة ومتواصلة من المغرب لحقوق الإنسان الصحراوي داخل مدنه ودُورِه.
إضافة إلى هذا، فإن القضية لا تلقى الاهتمام الكافي من قبل المجتمع الدولي لكونها ليست بؤرة للتوتر كما هوالحال بالنسبة لقضايا الشرق الأوسط مثلا، كما أن مصالح الدول الكبرى غير مهدّدة، مما يستوجب حمايتها وحلها ..دون أن نهمل وجود فرنسا في مجلس الأمن كعضو دائم وحليف تقليدي للمغرب وما تمارسه من معارضة لأي مشروع قرار يكون في صالح القضية، وأخيرا فإن عهدة  الأمين العام الحالي بان كي مون ستنتهي خلال هذه السنة 2016، وهي الورقة التي يستند عليها المغرب  بتكريسه لسياسة المماطلة وربح الوقت وفرض الأمر الواقع.
لذا أعتقد أن أي نجاح للقضية الصحراوية لابد له من التزام أممي وحركية جديدة في التعاطي مع الملف من جهة، ومن جهة أخرى لابد من فتح مفاوضات «جدية ومسؤولة» بين طرفي النزاع، المغرب وجبهة البوليزاريو.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024