مبتول وحسني يدعوان إلى اعتماد الطاقة الشمسية الحرارية

إستراتيجية تقوم على شراكة وطنية مع القطاع الخـاص، وأجنبية على تقـاسم المخاطـــر

سعيد بن عياد

خيار الطاقات المتجدّدة في صدارة المشهد

لم يعد اللجوء إلى الاستثمار في الطاقات المتجددة خيارا بل أصبح حتمية مثلما تؤكده المؤشرات الراهنة. لذلك تتجه الجهود إلى تنمية هذا المجال من خلال إطلاق عمليات لمشاريع ينبغي أن تكون دقيقة ومحسوبة النتائج محليا ودوليا بالنظر إلى تغيرات سوق الطاقة.
في هذا الإطار، قام الخبير عبد الرحمان مبتول والمختص في الشأن الطاقوي توفيق حسني بدراسة تدعو نتائجها إلى ضرورة التركيز على المشاريع التي تساهم كثيرا في انجاز الأهداف المسطرة بعيدا عن السقوط في متاهات التمييز بين نمط الألواح الشمسية (فوتوفولتاييك) والطاقة الشمسية الحرارية (تيرميك) التي تندرج في إطار البرنامج الجهوي المخصص للجنوب.
ويعتبر الخبيران أن اختبار كافة التكنولوجيات قبل إرساء الاختيار على النمط الملائم ليس بالسبيل الأمثل كون هذا التوجه من شأنه أن يغفل ويتجاوز كافة الدراسات التي تمّ انجازها حول الموضوع قبل انجاز محطة حاسي الرمل. وأوضحا أن كل تلك الدراسات تمت بالتعاون مع مراكز للبحث في أمريكا (اينيرال) وألمانيا واسبانيا (سييمات) مشيرين إلى أن محطة إنتاج الطاقة الشمسية الحرارية (كرامر جونكسيون) تشتغل بأمريكا منذ 1980 بطاقة إنتاج تقدر بحوالي 300 ميغاواط وهي بنفس التكنولوجيا المستعملة في محطة حاسي الرمل.
وبعد التذكير بنجاح الأبراج الشمسية بإسبانيا بحيث أظهرت نجاعتها وفقا لما توصل إليه الخبيران، لفتا الانتباه إلى أن أوروبا لوحدها سوف تستورد ما يعادل 15 بالمائة من احتياجاتها من الكهرباء في أفق سنة 2030 (ما بعادل 24 جيغاواط من الكهرباء)، وهو الحجم الذي يوازي 50 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي في السنة.
 وتوصّلت الدراسة إلى أن التكنولوجيات التي سوف يتم اختيارها يجب أن تكون متطابقة مع القدرات الهامة التي ينبغي الحرص على تثمينها من خلال التركيز على الرفع من مستوى الاندماج لفائدة المتعاملين المحليين وتوفير فرص العمل والملائمة لواقع السوق وكذا من حيث جانب تقليص الكلفة المالية (مع إمكانية منافسة الطاقة التقليدية).
وتحسبا لكسب الرهان دعا الخبيران مبتول وحسني إلى المبادرة بإلحاق فرع الصناعة البتروكيماوية بالشركة الوطنية للمحروقات «سوناطراك» وذلك من خلال اعتماد صيغة الشراكة «رابح/ رابح» ذلك أن شركة سوناطراك تملك خبرة تساعد على إنضاج مشاريع الطاقة الشمسية الحرارية وهي من صميم مهامها.
وعلى صعيد آخر بينت خلاصة البحث أن الطاقة الشمسية الحرارية المدمجة مع الغاز الطبيعي (المحطات الهجينة) يمكن أن تساعد على كسب معركة اقتصاد الطاقة في هذه المرحلة الصعبة الواقعة تحت تداعيات صرامة للميزانية مع منافسة قوية في سوق الغاز العالمية.
وتمّ التوضيح أن كميات هائلة من الغاز الطبيعي تضيع جراء احتراقها على مستوى الآبار البترولية والغازية بنسبة 30 بالمائة مقابل 70 بالمائة من الإنتاج للتسويق)، وهي كميات يمكن -يؤكد الخبيران - استرجاعها واستعمالها في تنمية إنتاج حوالي 29 ألف ميغاواط من الكهرباء الهجينة.
وتساءل الرجلان كيف أن بلدا مجاورا وهو المغرب يستعمل الطاقة الشمسية الحرارية المكثفة في تنمية مشاريعه الموجهة للتصدير باعتماده على تركيبة مالية هي نسخة من المشروع الذي خاضته الجزائر على مستوى محطة حاسي الرمل، مما يشير إلى أن التجربة الجزائرية يمكن البناء عليها لتسطير مستقبل هذه الطاقة، علما أن التكنولوجيات التي تدخل في صناعة الطاقة الشمسية الحرارية تملك فيها الجزائر ما يساعد على تنميتها إذ لديها أكبر مصدر يعادل 170 ألف  TWH أي حوالي 45 ألف مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي.
وتوصلت النتائج إلى أن صيغة الطاقة الحرارية مقارنة بالألواح الشمسية أظهرت نجاعتها، ولذلك فإنه ضمن المدى القصير وتطابقا مع توجيهات رئيس الجمهورية بشأن الدفع بملف الطاقات المتجددة إلى صدارة الساحة الطاقوية أكد مبتول وحسني على ضرورة أن يتم إطلاق المشاريع بنطاق واسع مع قطاعات شرعت في التعاطي مع هذا الملف وهما أساسا وزارتي الدفاع والمديرة العامة للأمن الوطني وهم قطاعان اثبتا تمتعهما بقدرات النجاعة في التعامل مع التكنولوجيات الجديدة والتوجه الحديث للاستثمار الحقيق، كما هو في الصناعة الميكانيكية.
ودعما هذا الطرح بالتجربة التي حققتها بلدان راهنت على مثل هذه القطاعات كما هو في كوريا من خلال المركبات الصناعية العسكرية الأمريكية وكذا في روسيا والصين وفرنسا.
 ولذلك، فإنه بفضل الكفاءات البشرية التي يتمتع بها هذان القطاعان وكذا ميزة الانضباط فيهما، يمكن الوصل بسرعة إلى الأهداف المسطرة فتكون التجربة مثالا لباقي القطاعات المدنية، فيما يمكن لآلاف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الظهور على الساحة خاصة في مجال الربط بين الشبكات نحو أوروبا، فيمكن للجزائر حينها التحول حقيقة إلى بلد مصدر للكهرباء الشمسية والهجينة مع كسبها لرهان تلبية احتياجات السوق المحلية في مجال الكهرباء، علما أن وزارة الطاقة حددت هدف تلبية 40 بالمائة بالطاقة الشمسية في أفق 2030.
ويقود كل هذا- حسب الخبيرين- إلى التركيز على بناء معالم إستراتيجية لتنمية الطاقة الشمسية الحرارية من خلال اعتماد شراكة وطنية منفتحة على القطاع الخاص الاحترافي مع شراكة أجنبية قائمة على تقاسم المخاطر ترسي قواعد التحول من بوابة المزج الطاقوي
 (MIX ENERGETIQUE) وإدخال ليونة على القاعدة 51/49 بما يحمي الموارد بالعملة الصعبة بالنظر لحجم التحويلات ومراجعة نمط الحصول على القروض الخارجية بإلغاء نظام «ريمدوك» (الدفع المسبق) وإعادة العمل بالكريدوك (الدفع البعدي).

 

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024