أكدت هدى سميرة جعفري المفتشة البيطرية والخبيرة المستشارة في المجال الفلاحي أن تأسيس لجنة وطنية متخصصة في انعاش إنتاج اللحوم الحمراء عبر تنمية الثروة الحيوانية يمثل خطوة إيجابية وفرصة لتحقيق نقلة نوعية في هذا القطاع الحيوي، على أن يكون ذلك بمساهمة الأطباء البياطرة، على اعتبار أن الطبيب البيطري يمثل أمن الدولة في الإنتاج الحيواني المستدام، ووفق خطة عمل تخضع لرزنامة محددة برؤية استشرافية قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى.
اعتبرت د. جعفري في تصريح لـ «الشعب» انتاج الثروة الحيوانية ذو أهمية كبيرة نظرا لارتباطه بأهداف استراتيجية تتعلق بالأمن الغذائي من خلال ضمان توفير اللحوم الحمراء بسعر معقول وبجودة عالية للمستهلك المحلي، والمساهمة في التنمية الاقتصادية عبر استحداث فرص عمل جديدة، وزيادة الدخل القومي، ولما لا التصدير، إلى جانب تحقيق الاستدامة باعتماد ممارسات زراعية مستدامة تحافظ على الموارد الطبيعية.
وترى المفتشة البيطرية أن اللجنة المستحدثة ستضطلع بوضع استراتيجية وطنية شاملة لتطوير خطة عمل واضحة المعالم تحدد أهداف قصيرة وطويلة الأجل، وتحدد الموارد اللازمة لتحقيقها، بهدف تنمية الثروة الحيوانية لزيادة أعداد رؤوس الماشية وتحسين سلالاتها، وتوفير الأعلاف والخدمات البيطرية اللازمة.
وبحسب المتحدثة يتعين العمل على تطوير سلسلة القيمة من خلال تحسين عمليات الإنتاج والتسويق والتوزيع، وتطوير صناعة الأغذية الحيوانية، ناهيك عن دعم المربيين وذلك بتوفير الدعم المالي والتقني للمربيين الصغار والكبار، وتسهيل حصولهم على التمويل، إلى جانب البحث والتطوير وذلك بتشجيع البحث العلمي في مجال الثروة الحيوانية، وتطوير تقنيات جديدة لزيادة الإنتاجية، والانفتاح على التعاون الدولي في هذا المجال من خلال بناء شراكات مع الدول الأخرى لتبادل الخبرات والتكنولوجيا.
وقدمت الخبيرة المستشارة في المجال الفلاحي مقترحات مهمة لتنفيذ الاستراتيجية التي تعكف اللجنة على التحضير لها حتى تكون شاملة وواقعية، توفر الدعم اللازم للمربيين، وتمكن من تحقيق أهداف الأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية والاستدامة، خاصة وأنه يتم الاعتماد على استيراد اللحوم الحمراء والبيضاء كإجراء استعجالي للمحافظة على القدرة الشرائية للمواطن، علما أنه بالنسبة للأغنام يمكن الاعتماد على تطوير السلالات المحلية أما الأبقار فلا مهرب من الاستيراد.
ومن بين المقترحات المقدمة، تشكيل لجنة تقنية تضم خبراء في مجال الثروة الحيوانية والاقتصاد الزراعي والتسويق، تقييم الموارد المتاحة للقطاع سواء كانت طبيعية، بشرية أو مالية، في المقابل يتعين بحسب د. جعفري تحديد العقبات والتحديات التي تواجه قطاع الثروة الحيوانية، مثل نقص المياه، وتدهور الأراضي، وانتشار الأمراض، واقتراح حلول عملية للتغلب على هذه التحديات، مع تحديد مؤشرات لقياس أداء القطاع وتقييم نجاح الاستراتيجية والذي لن يكون إلا بمتابعة تنفيذ الاستراتيجية وتقييم نتائجها بشكل دوري.
.. إنشاء شعبة أغذية الأنعام ضرورة..
وترى المتحدثة أنه لإنجاح انتعاش الثروة الحيوانية لا بد من إنشاء شعبة متخصصة في أغذية الأنعام، وهو الأمر الذي يعتبر عنصرا أساسيا في نجاح هذه الاستراتيجية، حيث ستقوم هذه الشعبة بتطوير أعلاف ذات جودة عالية وبتكلفة مناسبة، وضبط الجودة في الأعلاف المستخدمة في تغذية الحيوانات، مع توعية المربيين بأهمية تغذية الحيوانات بشكل صحيح.
ولاستعادة الجزائر لثروتها الحيوانية أكدت المتحدّثة على أهمية رقمنة القطاع الزراعي، لأنه بالرقمنة تبنى الاستراتيجيات، بما فيها انشاء منصة رقمية مركزية على مستوى وزارة الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري للتحكم الفوري في التصريح الصادر عن الطبيب البيطري لمتابعة الحالة الوبائية «النواقل».
..تجريم ذبح الأنثى لضمان التكاثر..
كما يتعين تفعيل عدة إجراءات ميدانية على غرار تفعيل قانوني تجريم ذبح الأنثى وتجريم الذبح العشوائي للحفاظ على الاناث، واعتماد برنامج لمدة 5 سنوات من تربية الأنثى مقابل تجميد التضحية بالخروف المحلي مقابل الخروف المستورد المضحى به في المسلخ «لعدم خلط السلالات».
في المقابل لابد من تفعيل دور المركز الوطني للتلقيح الاصطناعي والتحسين الوراثي من أجل المحافظة على السلالات الجزائرية المحلية من الأغنام خاصة سلالة الدغمة وأولاد جلال، الرامبي، تعظيمت، الدمان والسيداون، واستعمال السائل المنوي المحدد للجنس في عملية التلقيح الاصطناعي من أجل الحصول على الاناث للتكاثر، ناهيك عن تفعيل دور المعهد التقني لتربية الحيوانات في التكوين للحصول على اليد العاملة المؤهلة بالتقنيات الحديثة، ومرافقة البحث العلمي لإنتاج الاعلاف بمواد محلية وادخال تقنيات جديدة كالأزولا والشعير المستنبت والفول.
.. المزارع الذكية للأغنام لزيادة الإنتاجية..
من جهة أخرى ترى الخبيرة المستشارة في المجال الفلاحي ضرورة الذهاب نحو الذكية للأغنام التي تستخدم تقنيات متقدمة لتحسين عملية تربية الأغنام وزيادة كفاءتها، وتشمل هذه التقنيات نظم المراقبة، أجهزة الاستشعار، نظم التحكم الآلي ونظم تحليل البيانات.
وبحسب د. جعفري تسمح المزرعة الذكية للأغنام بزيادة الإنتاجية، تحسين جودة المنتجات الحيوانية والحليب، تقليل التكاليف، تحسين ظروف العمل، فمثلا إن تم توفير محور 50 هكتارا (طول 400 متر) الطاقة الشمسية 150 كيلو واط، توفير من 3300 الى 4000 رأس خروف، ومروج البرسيم 45%، الذرة الرفيعة (السورغو) 50%، المركز 5%، التسمين في 6 أشهر، سينتج الحقل 10 طن للهكتار من المروج في 6 أشهر، وبمعدل استخدام 80%، سيكون لدينا 400 طن لأغنامنا على مساحة 50 هكتارا.
وإلى جانب ذلك لابد من انشاء المزارع النموذجية والتعاونيات الفلاحية لتنظيم المهنة، واجبارية التأمين الفلاحي، والأهم من كل ما سبق حماية الحدود من عمليات تهريب ماشيتنا الى الدول المجاورة للحفاظ على جدوى الجهود المبذولة من الدولة.