في شهر رمضان، يحتار المرضى بالأمراض المزمنة والمتعلقة بالجهاز الهضمي حول إمكانية الصيام. من أجل المزيد من التوضيحات حول الموضوع، استشارت جريدة «الشعب» الدكتور سفيان حرمالي، مختص في أمراض الجهار الهضمي والكبد والتشخيص بالمنظار.
«الشعب»: هل يُسمح الصيام للأشخاص الذين يشتكون من أعراض مختلفة تصيب الجهاز الهضمي، لاسيما الاحساس بانتفاخ وغازات أو تغيّرات في حركة الأمعاء كالإسهال أو الإمساك؟
الدكتور سفيان حرمالي: في شهر رمضان، تتغير العادات الغذائية لدى معظم الأشخاص الصائمين، مما يؤدي حتما إلى التأثير على نوعية حياة المرضى وبالخصوص المصابين باضطرابات هضمية من إسهال وإمساك، وهذا ما نلاحظه خاصة عند المصابين بمتلازمة القولون العصبي حيث يؤدي ذلك في كثير من الحالات إلى تعقيدات مختلفة نتيجة تغير النمط الغذائي لدى هؤلاء، وتأتي هذه الأعراض على شكل انتفاخ في البطن، وسماع غرغرة لغازات يرافقه إسهال أو إمساك. الصوم بالنسبة لهذه الفئة ممكن بشرط اتباع حمية غذائية غنية بالألياف، وأقصد هنا الألياف الجيدة النوعية منها أي القابلة للذوبان والتحلل، مثل حبوب الشوفان والشعير مع الإنقاص من تناول الألياف الصعبة الذوبان أي بمعنى الصعبة الهضم، وهي أصلا مهيجّة لجدار القولون مثل القمح ونخالة القمح. كما من المهم تجنّب كلية تناول المواد الدهنية والسكريات التي تحتوي على مادة الفركتوز والسوربتول اللذان يتسببان في تكوّن غازات تؤدي الى انتفاخ البطن، مما يضع الصائم في حالة غير مريحة. ضف إلى ذلك يجب تعويض البهارات بالأعشاب العطرية مع شرب المياه باستمرار، ومن الضروري ممارسة الرياضة ساعات قبل الإفطار، مما يحسّن حالة المصاب بمثل هذه الأعراض.
وماذا عن المرضى الذين يعانون من قرحة المعدة النشطة أو الذين أصيبوا بنزيف جراء ذلك؟
في رمضان أو في سائر الأيام، يمنع الصيام منعا باتا لدى فئة المصابين بالقرحة المعدية النشطة أو الذين سبق لهم وأن أصيبوا بنزيف حاد على مستواها، لأنه يؤدي الى تعقد أعراض النزيف والتي يمكن أن تؤدي الى ثقب خطير في المعدة. أما بالنسبة للمرضى الذين سبق لهم وأن أصيبوا بقرحة المعدة، منذ فترة زمنية طويلة، وكان لديهم نزيف في السابق، يسمح لهم الصيام بعد التأكد من تماثلهم للشفاء، وذلك بعد أخذهم العلاج اللازم، ولكن في هذه الحالة الامساك عن الطعام يكون بحذر شديد ويشترط استعمال مثبطات مثل مضخة البروتون كحامي لجدار المعدة مع الافطار فورا عند ملاحظة تعقيدات مثل الاحساس بالألم، الغثيان أو التقيؤ، وهي كلها أعراض تدعو الى توّخي الحذر وتنذر بالخطر في مثل هذه الحالات.
كيف يصوم المصابون بأمراض مزمنة، مثل التهاب القولون التقرّحي أو داء «كرون»؟
يمكن للمصابين بأمراض مزمنة، مثل مرض التهاب الأمعاء التقرّحي ومرض كرون الصيام بالنظر لفوائده الصحية، فبإمكانه تحسين الحالة الصحية للمريض بنسبة معتبرة بشرط اتباع حمية غذائية تكون تحت متابعة طبيب أو مختص في التغذية بالاعتماد على أسس مهمة منها:
- الابتعاد عن تناول الوجبات الثقيلة التي تحتوي كمية كبيرة من السكريات والدهون، ومن الأحسن تفضيل الوجبات الصغيرة المقسّمة على ساعات الافطار مع شرب كميات من السوائل تتراوح بين 1,5 لتر إلى 2 لتر من الماء في فترة المساء. أما الفئة التي ننصحها فيما يتعلق دائما بمرض كرون والتهاب الأمعاء التقرحي بعدم الصيام تمثل المرضى الذين تكون إصابتهم في مرحلة الانتكاسة الحادة أوقد تعرضوا إليها منذ أقل من شهر، لأنه في هذه الحالة يكون المصاب قد تعرض للجفاف بسبب الاسهال . كما أنه يمنع أيضا على الأشخاص المصابين بفقر الدم الحاد أو أنهم في حالة فقدان الوزن المستمر جراء سوء التغذية ونضيف إليهم المرضى الذين تعرضوا لعملية جراحية وتم اقتطاع جزء كبير من الأمعاء الدقيقة لديهم، أقول يمنع على الأربع فئات التي ذكرتها سابقا الصيام فهو لا ينصح به ويضرّ بصحتهم بالنظر للتعقيدات التي تنجم عنه
هل تنصحون هذه الفئة بعدم الصوم، فهم بين وبين؟
أقصد هنا أنه لا ينصح به، ففي هذه الحالات الأربع تختلف درجات الاصابة فنذكر مثلا الأشخاص المصابين بتعقيدات جراء المرض مثل الأنيميا، فهنا نسجل درجات من الأنيميا، الأولى عندما يكون فقر الدم طفيف أي بنسبة ضعيفة فهنا يسمح الصوم للمصابين به ولكن مع أخذ مكملات غذائية تحتوي على الحديد، ولكن إذا كان فقر الدم حادا هنا لا يسمح لهم بالصوم إطلاقا حتى تتحسن حالتهم الصحية، وتبقى مثل هذه الحالات التي يمنع أو يسمح بها الصيام تترواح بين درجات الإصابة المتفاوتة والطبيب المعالج هو الشخص الوحيد الذي يمكنه التقرير في كل حالة على حدة، على عكس المصابين بقرحة المعدة الحادة فهنا الصيام ممنوع، كما سبق وأن ذكرت، لأنه مرتبط مباشرة بحياة الأفراد، وخطر النزيف الحاد أو انتقاب المعدة.
