لا يشبه المرض في بلادنا، المرض في أية بلاد أخرى، ففي أفضل الظروف، تعاني المنظومة الطبية من نقص في المعدات والخبرات، ويقنن حصار الاحتلال وتشديده من كمية الأدوية والإجراءات العلاجية، كما تمنع سلطاته السفر إلا بشروط مشددة، ويضاف إلى ذلك الصعوبة في التنقل بين القرى والمدن والمحافظات بسبب الحواجز المنتشرة، وتقطيع أوصال البلاد، فالمرض هنا عذاب مضاعف، وماذا لو علمنا أن الاحتلال قد لا يرقه هذا الضعف فيزيده إلى ضعفين، باعتقال المرضى؟!
في تاريخ 24-2-2025 كانت فداء عساف عائدة من مدينة رام الله، إلى قريتها كفر لاقف قضاء قلقيلية، بعد أن أجرت فحوصات طبية في مجمع رام الله الطبي، وكانت تفكر في مستقبل مرضها، ومستقبل أبنائها، في حال ازداد الوضع سوءاً، لكن في طريق عودتها، فاجأتها قوات الاحتلال بما هو أسوأ من ذلك بكثير، فتم اعتقالها من هناك.
معتقل لا إنساني
تعرّضت عساف للتفتيش العاري عدة مرات، وشتمت بأقذر الشتائم خلال عملية اعتقالها، وخلال وجودها في الزنزانة التي ألقيت فيها، حيث كانت قذرة للغاية، ومليئة بالحشرات، ولا يوجد بها ماء، ولم يقدم لها طعام لأيام. بدأت رحلة فداء الاعتقالية القاسية واللاإنسانية، ومعاناتها مع الأسيرات في سجن الدامون.
فهنّ محرومات من أبسط حقوقهن، كمستلزمات النظافة والعناية الشخصية والنسائية، إضافة إلى النقص الحاد في الملابس والحرمان من الكنتينة (الشراء من المقصف) كما حرمت إدارة سجن الدامون الأسيرات بشكل كامل من الفورة (الخروج من الزنزانة)، كما أنّ الأسيرات مقطوعات عن العالم الخارجي بشكل تام، خاصة مع فترة حالة الطوارىْ التي أعلنت في سجون الإحتلال منذ السابع من أكتوبر، وتمنع المحامين من زيارة الأسرى، إضافة إلى أنهن يتعرضن للتفتيش الليلي المفاجئ من قبل السجانين.
تحدّثت فداء عساف بألم عن الأسيرتين زهراء كوازبة ودعاء بدوي، حيث تحمل كل منهما جنيناً في الشهر السابع من الحمل، ويفتقدن لأدنى مقومات الحياة، وبحاجة لرعاية صحية خاصة، حيث يعانين الجوع والتعب، والإهمال الطبي.
أمّا فداء، المريضة التي بالكاد تحصل على رعاية مناسبة في الظرف الطبيعي، فهي في هذه الظروف المأساوية تعاني من استفحال مرض السرطان، الذي ازدادت حدته جراء الظروف، رغم أنه كان مستقراً قبل الاعتقال، ولكن تبين مؤخراً أنه نسبته ازدادت خمسة أضعاف!