تنطلق اليوم بدار الثقافة لولاية الطارف فعاليات الطبعة الأولى من الملتقى الوطني حول المسرح الجزائري، تحت شعار “المسرح الجزائري، مسارات التجربة ورهانات الحاضر”، وذلك بالتنسيق مع جامعة “الشاذلي بن جديد” كلية الآداب واللغات، ومخبر التراث والدراسات اللسانية، وبمشاركة المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية لولاية الطارف.
يأتي هذا الملتقى الذي ينظّم (حضوريا وعن بعد) على مدار ثلاثة أيام، لإعادة تسليط الضوء على تاريخ المسرح الجزائري الحافل بالمحطات المهمة، بداية من إرهاصاته الأولى في بدايات القرن العشرين، مرورا بدوره النضالي أثناء الاحتلال الفرنسي، حيث لعب المسرح دورًا هامًا في التعبير عن الهوية الوطنية ومقاومة الاستعمار ثقافيًا، إلى جانب دوره في الحفاظ على الذاكرة الجماعية وتوثيق الوجدان الشعبي.
كما يشكّل الملتقى مناسبة لتقييم مسار المسرح الجزائري بعد الاستقلال، من حيث الإنتاج، اللغة، المضامين، وأساليب الإخراج، إضافة إلى رصد أهم التحولات التي طرأت عليه في ظل السياقات السياسية والاجتماعية المتغيّرة.
يسعى المنظّمون من خلال هذا الحدث الثقافي إلى فتح نقاش جاد ومسؤول حول التحديات الراهنة التي تواجه المسرح الجزائري، خاصة في ظلّ تراجع حضوره في المشهد العام، ومحاولاته المتواصلة لمواكبة التحوّلات التكنولوجية الحديثة، والانفتاح على تجارب عالمية دون التفريط في خصوصيته وهويته الثقافية. كما يسعى الملتقى إلى توثيق التجارب الرائدة في تاريخ المسرح الجزائري، والاحتفاء بأسماء لامعة كان لها الفضل في وضع أسس هذا الفن محليا.
ويشرف على تنظيم هذا الملتقى ثلة من الأكاديميين والمتخصصين في المجال الثقافي، حيث يتولى إدارة دار الثقافة السيد نور الدين قويدر، بينما يتولى إدارة مخبر التراث والدراسات اللسانية الأستاذ الدكتور حني عبد اللطيف. وتترأّس الملتقى الدكتورة امباركة مسعودي، في حين تترأّس اللجنة العلمية الدكتورة فتيحة عاشوري، وتتكفل الدكتورة سهام سلطاني برئاسة اللجنة التنظيمية.
يتناول الملتقى عدّة محاور بحثية، تتقاطع فيها الجوانب التاريخية، الفنية، السوسيولوجية، والأنثروبولوجية، من بينها بدايات المسرح الجزائري وجهود الرواد في إرساء الفعل المسرحي الوطني، تحوّلات الخطاب المسرحي بعد الاستقلال، توظيف الأشكال التراثية والشعبية في العروض المسرحية، إشكالات اللغة بين الفصحى والعامية، إضافة إلى قضايا التأصيل والتجريب والانفتاح على المدارس المسرحية العالمية.
ويناقش الملتقى “حضور المسرح الجزائري في السياق المحلي والعربي والدولي، وعلاقته بالقضايا الكبرى كالثورة الجزائرية، القضية الفلسطينية، والهجرة”. ولا يغفل الملتقى الحديث عن تأثير التحولات الرقمية على الفن المسرحي، من خلال طرح قضايا المسرح الافتراضي والعروض الرقمية، وتحديات التوثيق والرقمنة.