برز جناح الجزائر في المعرض العالمي “أوساكا 2025” باليابان كأحد أبرز الأجنحة استقطابا للزوار من مختلف أنحاء العالم، بفضل محتواه الغني وتنوّع مكوّناته، ليشكل بذلك منصة ثقافية وإنسانية تروي من خلالها الجزائر قصتها العريقة، وتؤكد مجددا على موقعها المحوري في تاريخ البشرية.
في تظاهرة عالمية تتباهى فيها الدول بإرثها وإنجازاتها، قدّمت الجزائر رؤية متكاملة عبر وزارة الثقافة والفنون، وبالتعاون مع المركز الوطني للبحوث في عصور ما قبل التاريخ، الأنثروبولوجيا والتاريخ (CNRPAH)، من خلال عرض علمي نادر ضمّ 15 قطعة أثرية أصلية تجسد مراحل مفصلية في تاريخ الإنسان القديم.
ومن بين هذه الشواهد البالغة الأهمية، أدوات حجرية مكتشفة في موقعي “عين حنش” و«عين بوشريط” بولاية سطيف، واللذين أعادا رسم خريطة البدايات الأولى للإنسان على وجه الأرض، بعدما أكدت الأبحاث أن عمر القطع يعود إلى نحو 2.4 مليون سنة، ما يجعل من “عين بوشريط” ثاني أقدم موقع بشري معروف عالميًا.
وتواصل سرد الذاكرة عبر “فؤوس حجرية آشولية” عُثر عليها في هضبة “إيمدير” بالحظيرة الثقافية للأهقار، عاكسة تطورًا لافتًا في أدوات الإنسان القديم. كما استوقف الزوار العرض الخاص بالفأس المكتشفة في موقع “الماء الأبيض” بولاية تبسة، لما حملته من رمزية علمية وجمالية وتاريخية.
أما في الجانب المتعلق بالتحولات الاجتماعية والاقتصادية الكبرى، فقد تم عرض أدوات للطحن ورؤوس سهام دقيقة، تُبرز الخطوات الأولى نحو الزراعة واستئناس الطبيعة، مثلما وثّقته الحفريات في موقع “أميكني” الذي يُعدّ من بين أقدم المواقع التي سجلت فيها بدايات الحياة الزراعية في شمال إفريقيا.
ما حمله الجناح الجزائري لم يكن مجرّد استعراض تاريخي لحقب منسية، بل كان بمثابة رسالة حضارية تقول إن الجزائر، من “عين حنش” إلى “الطاسيلي”، كانت شاهدة وفاعلة في تشكل ذاكرة الإنسان، ورافدا أساسيا في بناء الحضارة الإنسانية في أقدم فصولها.