تتحول مدينة بجاية، بين 6 و11 سبتمبر، إلى قبلة لعشاق الفن السابع، حيث تستقبل قاعة “السينماتيك” فعاليات الدورة العشرين من اللقاءات السينمائية. هذه التظاهرة، التي باتت من أهم المواعيد السينمائية في الجزائر والمنطقة، لا تكتفي هذا العام بمجرد عرض الأفلام، بل تحتفل بعشرين سنة من التجارب الفنية، والرهان على سينما تحمل هوية محلية، منفتحة على العالم، ومخلصة في الوقت نفسه لروحها القائمة على الحوار والصرامة الفنية.
شكّلت لقاءات بجاية السينمائية منذ انطلاقتها قبل عقدين، مساحة جامعة بين المخرجين، النقاد، والجمهور، حيث تتلاقى الأصوات والتجارب من مختلف بقاع العالم. وقد نجحت التظاهرة في أن تفرض نفسها موعدا لا غنى عنه، بما تحمله من خصوصية في المزج بين الانفتاح على تجارب سينمائية معاصرة عالمية، والوفاء للإبداع الجزائري. هذه الدورة الاستثنائية تعكس ذلك ببرنامج ثري ومكثف، يتضمن العروض السينمائية، النقاشات، الورشات، الموائد المستديرة، إضافة إلى تكريمات ورؤى نقدية جديدة.
سينمــا فـي احتفــال..
تفتتح العروض صباح السبت المقبل، بجلسة خاصة للأطفال على الساعة العاشرة، ثم يكون الجمهور مساء على موعد مع الافتتاح الرسمي بفيلم “بين وبين” للمخرج الجزائري لخضر تاتي. وعلى مدار الأسبوع، تُبرمج حصص يومية على الساعة الثانية، الخامسة والثامنة مساء، تتخللها فضاءات “مقهى ـ سينما”، حيث تفتح النقاشات الحرة بين المبدعين والجمهور، في جو يجمع بين متعة المشاهدة وثراء الحوار.
أما يوم الأحد 7 سبتمبر، يشهد الجمهور لقاء مباشرا مع طاقم فيلم “بين وبين”، يتبعه نقاش حول موضوع الساعة “المسلسلات: واقع وآفاق”، بمشاركة الكاتبتين زوليخة طاهر وكوثر عدي، وتسيير مهدي بن عيسى. وفي اليوم الموالي، يفتح المخرج التونسي علاء الدين سليم حواراً مع الجمهور حول فيلمه “أغورا”. ويوم الثلاثاء، يقدم المخرج خالد منصور فيلمه “Seeking Haven for Mr Rambo” في جلسة نقاش يديرها توفيق حاكم، على أن يتواصل البرنامج يوم الأربعاء 10 سبتمبر بجلسة مع عصام نصر الدين حول فيلم “العواصف” للمخرجة دانيا ريمون.
بانوراما من 30 فيلما و19 بلدا
تتزين شاشة اللقاءات هذا العام بأكثر من ثلاثين فيلما، قادمة من 19 بلدا، تتوزع بين الروائي، الوثائقي والتجريبي، لتضع الجمهور في قلب أسئلة العصر وتحولات السينما الجديدة. ومن بين العروض البارزة “After Oil” لبوِيما تاكر، “رشيد طفل سنجار” لجسنا كراجينوفيتش،”Post Trauma” لنضال بدرني، “السودان، تذكرونا” لهند مدب، “أرض الانتقام” لأنيس جعاد، “الريح ستحملني” لعتمان شعاوي، “سكينة” لعدنان عبد، “Tin Hinan: آخر التوارق” لليلى عرتي بن حاج، إلى جانب “من حياة الهواة” لحميد بن عمرة. هذه الأفلام لا تمثل فقط تجارب سينمائية مميزة، بل تجسد أيضاً تنوع الرؤى واللغات البصرية.
حضــــور خــاص للسينـما الكيبيكـــية
ومن بين الإضافات البارزة لهذه الدورة، تخصيص نافذة للسينما الكيبيكية، حيث ستُعرض أربعة أفلام مميزة “Simo” لعزيز زورومبا، “ثقب في الصدر” لألكسندرا مايوت وجان سباستيان هامل، “Aska” لكلارا ميلو، و«Brotherhood” لمريم جوبور. هذه التجربة ستتوج بنقاشات مع داني لينون، سارة ناصر، وضياء سارة شرتوق، ما يعكس انفتاح اللقاءات على تجارب مختلفة تتقاطع في القضايا والهموم الإنسانية.
ورشـات تكويـن حـول الذكـاء الاصطناعــي والمهـن التقنيــة
لا تقتصر التظاهرة على المشاهدة والنقاش، بل تمنح مساحة واسعة للتكوين. إذ ينظم المخرج والفنان إلياس جيميل ورشة بعنوان “الذكاء الاصطناعي في سؤال تقاطع الفن والتكنولوجيا”، في حين تخصص ورشة ثانية للشباب المبتدئين حول “المهن التقنية في السينما: بين الإبداع والدقة”، وهو ما يؤكد البعد التعليمي والتأهيلي للقاءات، الذي يرافق دائما طموحاتها.
وإلى جانب العروض والورشات، تتواصل تجربة “منحة زرماني”، التي أطلقها العام الماضي الفنان صوفيان زرماني (المعروف بــ«فيانسو”) في إطار “بجاية فيلم لاب”. وتستهدف المنحة دعم السينمائيين الجزائريين الشباب الراغبين في إنجاز أول أفلامهم الطويلة. وقد استقطبت هذه السنة أكثر من عشرين مشروعا، اختير منها عدد مهم من قبل لجنة قراءة مكونة من المخرجة ياسمين شويخ، الكاتب والصحفي بوقلفة أمازيت، والممثل سمير الحكيم.