في ظل المجاعة المتفاقمة والنقص الحاد في المواد الغذائية الأساسية، يضطر الفلسطينيون بقطاع غزة لطحن ما تبقى من بقوليات قليلة متوفرة لديهم لصناعة الخبز، بعد نفاد الدقيق نتيجة الحصار الصهيوني لمتواصل منذ مارس الماضي، في ظل حرب إبادة جماعية لا تتوقف.
أمام إحدى مطاحن الحبوب بمدينة خان يونس جنوب القطاع، يصطف مئات الفلسطينيين بطوابير طويلة، يحملون أكياسا من العدس والفاصولياء والفول وحتى المعكرونة، في مشهد يعكس معاناة شعب يبحث عن لقمة تسد جوع أطفاله وسط الحصار والمجاعة، وانهيار منظومة الحياة بالكامل.
وفي الزحام أمام المطحنة، يبرز حضور الأطفال بوجوه شاحبة وملابس بالية، وهم يحملون أكياسا صغيرة تكاد تسقط من أيديهم النحيلة، لطحن ما لديهم من حبوب على أمل الحصول على طعام يسد جوعهم.
والجمعة، حذّرت حكومة غزة، من خطر المجاعة التي تهدد حياة أكثر من 65 ألف طفل في القطاع، في ظل استمرار الحصار الصهيوني ومنع إدخال المساعدات والمواد الأساسية منذ أكثر من شهرين في إطار الإبادة التي ترتكبها سلطات الاحتلال.
وأعلن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، الأربعاء، قطاع غزة “منطقة مجاعة” بفعل الحصار الصهيوني والإبادة الجماعية، في وقت حذّر فيه مسؤولون فلسطينيون وأمميون مرارا من تداعيات استمرار إغلاق المعابر، ومنع إدخال الغذاء والدواء والوقود منذ نحو شهرين.
وليست هذه المرة الأولى التي يلجأ فيها الفلسطينيون إلى طحن الحبوب لصناعة الخبز، إذ سبق لهم العام الماضي تحويل أعلاف الحيوانات وأوراق الشجر إلى طعام، في ظل المجاعة التي اجتاحت القطاع آنذاك، واستمرت لأشهر في ظل الإبادة الصهيونية.
ورصد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان “وفاة 14 مسنًا فلسطينيًا” في قطاع غزة خلال الأسبوع الماضي، نتيجة مضاعفات الجوع وسوء التغذية ونقص الرعاية الطبية.
البقوليـات بــدلا من الدقيـــق
محمد أبو خاطر، صاحب المطحنة، قال للصّحافة: “في مبادرة بسيطة نطحن الحبوب مقابل مبلغ رمزي من المال، لمساعدة الأهالي الذين لم يعد لديهم دقيق”. وأضاف: “الناس تجلب ما تملك من البقوليات كالعدس والفول والأرز لطحنها وصناعة الخبز منها، في ظل غياب الدقيق، وإغلاق المعابر ومنع إدخال المساعدات”.
وأشار إلى أنّ بعض البقوليات التي تصلهم تالفة، لكن العائلات تأمل بالحصول على أي شيء يؤكل، موضحا: “هناك من لم يتناول الخبز منذ يومين أو ثلاثة أيام”.
ودعا أبو خاطر العالمين العربي والإسلامي إلى “التحرك الفوري لإنقاذ سكان غزة من المجاعة، وتوفير المساعدات الإنسانية”.
مجاعـة مستمـــرّة
بالقرب من المطحنة، وقف الطفل محمد (6 أعوام) حاملا كيسا من العدس والأرز والفاصولياء، وقال: “جئت لطحن العدس والرز لأنه لا يوجد خبز في البيت، نحن جائعون ولا يوجد طعام”.
وأوضح الطفل أنّ المعابر مغلقة، وأنّ عائلته لا تقوى على تحمل الجوع، معربا عن أمله في فتح المعابر سريعا وإدخال المساعدات. أمّا الطفل زين، فقال: “أحضرت الأرز والعدس والفول والفاصولياء لطحنها لأننا لا نملك دقيقا”. وأشار إلى أنه وإخوته يعانون من الجوع منذ أيام، مع تواصل المجاعة التي تضرب القطاع المحاصر.