تكييف الآليات الوقائية مع تغيّر النمط الاستهلاكي للمواطن.. ضرورة
تفعيل دور مكاتب النظافة والصحة على مستوى البلديات
أصبحت التسمّمات الغذائية مشكلة صحية تتفاقم خلال فصل الصيف بسبب ارتفاع درجات الحرارة وانتشار ظاهرة سوء حفظ الأطعمة وعدم الالتزام بقواعد النظافة، خاصة في المناسبات الجماعية والمحلات التجارية، هذه المتلازمة الصيفية التي كثيرا ما أوصلت ضحاياها إلى المستشفيات وآخرين إلى موت محقّق، رغم كل الجهود المبذولة لأجهزة الرقابة والحملات التحسيسية.
تعد التسمّمات الغذائية واقعا معاشا يزداد حدة مع كل موسم الصيف مع اختلاف مسبّباتها، إلّا أنّ خطورتها في السنوات الأخيرة لم تعد تتمثّل في تسجيل حالات معزولة، بل في تسجيل حالات جماعية ما يمسّ بالصحة العمومية ويدقّ ناقوس الخطر بضرورة التحلي بالحذر والحيطة والتحرّك من أجل وضع حدّ للظاهرة.
في السياق، يرى رئيس جمعية «أمان» لحماية المستهلك حسان منور، أنّ ارتفاع مخاطر التسمّمات الغذائية بالجزائر سيما خلال فصل الصيف، مرتبط أساسا بتغيّر النمط الاستهلاكي بالجزائر، والذي أصبح موحدا تقريبا عبر كل مناطق الوطن رغم اختلاف المعطيات المناخية، والذي يطغى عليه الأكل السريع وتناول المنتجات السريعة التلف.
وأوضح منور في تصريح لـ»الشّعب»، أنّ استهلاك الأطعمة الخفيفة، أصبحت عادة منتشرة وسط الجزائريّين وهي تعد مصدرا رئيسيا للتسمّمات، ومع فصل الصيف يصبح هذا السلوك الاستهلاكي خطير جدا، خاصة بالنسبة لمرتادي الشواطئ والمنتزهات، ما يجعل الخطر جماعيا بسبب تجمّعات الأفراد في مراكز العطل الصيفية والترفيه والحفلات، ما يخلق ظروفا خطيرة لاستفحال الظاهرة، إذا لم يتمّ احترام معايير النظافة، خاصة وأنّ حالات التسمّم الغذائي المسجلة تكون نتيجة تلوث الطعام وانعدام النظافة وشروط الحفظ.
ودعا رئيس جمعية «أمان» إلى عدم التهاون في التعامل مع الأغذية الحساسة، باعتبارها أكثر المنتجات تسبّبا في التسمّمات الغذائية، في مقدمتها الحليب ومشتقاته، اللّحوم بمختلف أنواعها سيما البيضاء واللحم المفروم والبيض، والأطعمة الصناعية على غرار «الكاشير»، والنقانق، سريعة التلف لأنها تتطلب وقت قصير لاستهلاكها، أو شروط حفظ صارمة، وفي حال اختلال هذه الشروط تصبح سمّا قاتلا.
وحسب المتحدّث، يتعيّن توحيد الجهود الوقائية لمحاربة التسمّمات الغذائية قبل الذهاب للرّدع، بداية ضرورة تكيّف الإجراءات الرقابية مع المتغيّرات الاستهلاكي للمجتمع الجزائري، فمن غير المعقول أن تبقى بنفس النمط المعمول به منذ عشر سنوات، في حين أنّ الاستهلاك الوطني تغيّر، واستحداث آليات قادرة على وقف هذا الخطر المحدق بالصحة العمومية، ناهيك عن تعزيز التعاون بين وزارتي التجارة والصحة والبلديات لتنفيذ حملات وقائية وتوعوية مشتركة.
في هذا الإطار، شدّد منور على أهمية قيام مكاتب الصحة والنظافة على مستوى البلديات بدورهم في المراقبة والتدخّل باعتبارها أول نقطة جوارية، وأنها الأدرى بانتشار وتوزيع المحلات التجارية، خاصة وأنّ القانون منحها الحق في القيام بزيارات ميدانية للأسواق الجوارية مصحوبة بالقوة العمومية سواء الأمن الوطني أو الدرك الوطني، ووضع حدّ للتجاوزات المسجّلة أو وقف أي عملية بيع لا تتوفر على شروط الأمن والسلامة، لا سيما عملية بيع الأسماك وقت الذروة الحرارية في حدود منتصف النهار.
في المقابل، حثّ رئيس جمعية «أمان» على ضرورة تحلي المواطن الجزائري بثقافة استهلاكية، وتبني سلوكات استهلاكية صحية، ولم لا تغيير العادات الاستهلاكية نحو الأحسن، بما يفيد صحته والحفاظ عليها، والاعتماد على الأكل الصحي والطبيعي والابتعاد عن الأكلات السريعة وسريعة التلف وتجنّب تناول الأطعمة المعروضة على الأرصفة أو في ظروف غير صحية، وتجنّب شراء الأطعمة التي تبدو تالفة أو فاسدة، ناهيك عن الحرص على النظافة من خلال غسل اليدين بانتظام، وتنظيف أدوات المطبــــــخ والأسطــــــح، والــــتأكّد من نظافـــــــــة الأواني المستخـــــــــدمــــــــــة في إعداد الطعام.