تقريــب المنتجين مــن الزبائــن المحليّـــين والدوليّــــين
نجحت المنتجات الجزائرية في اختراق أسواق عالمية جديدة، فلم يعد حضورها مقتصرًا على الفضاءين الإفريقي والعربي، بل باتت تنافس بقوة داخل القارّتين الأوروبية والأمريكية. ويعود هذا التوسّع إلى سياسة الترويج المبنية على تنظيم المعارض الدولية والمشاركة فيها، ما جعل منها ورقة طريق لفتح آفاق أوسع أمام التجارة والإستثمار.
شكّلت المعارض التي نُظمت عام 2025 في لندن، سلوفينيا، موريتانيا وإيطاليا، منصات استراتيجية للتعريف بالمنتوج الوطني وعرض أحدث التقنيات الصناعية، فضلًا عن كونها جسورًا حقيقية للتواصل مع الأسواق والزبائن، وفرصًا واعدة لتنمية المبادلات التجارية وتعزيز الاقتصاد الوطني.
وأدركت الجزائر خلال السنوات القليلة الماضية أهمية تنظيم المعارض وأثرها الإيجابي في ترقية وتسريع وتيرة تجارتها الخارجية، بالنظر إلى أنها تسمح بتفعيل الحضور الاقتصادي البارز على الساحة الدولية.
وخلال عام 2025، شاركت الجزائر وما زالت تشارك بنشاط وحركية في المعارض الدولية والمحلية من أجل التعريف بجودة وأهمية منتجاتها ذات القدرة التنافسية في عدة قطاعات خارج المحروقات، كما تحرص على الإستمرار بجدية في عرض منتجاتها وخدماتها وجذب الاستثمارات.
وتشمل جملة المشاركات المحلية والإقليمية، إلى جانب الدولية، تنظيم معرض الجزائر الدولي الذي يعكس جاذبية السوق الوطنية، إضافة إلى مشاركات خارجية مثل المعرض العالمي في أوساكا-كانساي باليابان سنة 2025 المنظم مؤخّرًا، ومعرض الصناعات الغذائية بلندن، ومعرض “بارما إكسبو” بإيطاليا، والمعرض الدولي للسياحة في موسكو. وتستهدف هذه المشاركات تنشيط آلة الصادرات، وتطوير الشراكات، وتهيئة الأرضية لتدفّق الاستثمارات الأجنبية نحو الجزائر.
مقاربــة حاسمــة لتدفّــق الـــثروة
تعوّل وزارة التجارة الخارجية على إعطاء دفع قويّ للتجارة الخارجية عبر ترشيد الواردات وتشجيع الإنتاج الوطني في الأسواق المحلية والخارجية، واتخذت من المعارض رافعة اقتصادية ومقاربة حاسمة لتدفّق الثروة. وتشكّل المعارض الدولية المنظمة محليًا سنويًا موعدًا ثابتًا لجذب الاستثمارات وبناء فضاءات للقاء المتعاملين الاقتصاديّين وتقريب المنتجين من الزبائن المحليّين والدوليّين، بهدف ترقية وتطوير المؤسسة الإنتاجية الجزائرية، سواء كانت عمومية أو خاصة.
وعلى هامش كل معرض تُوقَّع الاتفاقيات وتُمدّ جسور التعاون، ما يمنح للتجارة الداخلية والخارجية فرصًا جديدة تعود بالفائدة على الاقتصاد الوطني الناشئ.
ومن بين أهم المعارض الدورية، يبرز معرض الجزائر الدولي باعتباره تظاهرة اقتصادية كبرى سنوية، تُعد مرآة عاكسة لوضعية السوق الوطنية وتُبرز جاذبيتها وطبيعة مناخ الاستثمار، إذ يستقطب مشاركة العشرات من الدول والمئات من الشركات الدولية الباحثة عن استثمارات وشركاء جزائريّين، فضلًا عن زوار من متعاملين أجانب مهتمين بالسلع والمنتجات ذات التكلفة الأقل والجودة المعتبرة.
وينبغي التأكيد على أنّ المنتوج الوطني جذب اهتمام الزبائن من عدة دول في معارض أساسية بأسواق مهمة، كما نُظمت معارض خلال الأشهر الماضية وتنتظر أخرى في الأربعة أشهر المقبلة.
وفي هذا الإطار، تحرص وزارة التجارة الخارجية على مشاركة أقوى وأهم الشركات الجزائرية العمومية والخاصة، التي حقّقت قفزة نوعية في طرح منتجات ذات تنافسية عالية.
ومن أبرز المعارض التي تُراهن عليها الجزائر للعثور على زبائن وشركاء، المعرض العالمي 2025 أوساكا-كانساي باليابان، حيث شاركت الجزائر عارضة قدراتها الإنتاجية ومقدمة سلعًا ذات جودة وبتكلفة منخفضة. كما تشارك الجزائر بشكل دوري سنويًا في المعرض الدولي للسياحة بموسكو، من أجل الترويج لجاذبية الوجهة السياحية الوطنية.
والجدير بالذكر أنّ مشاركة الجزائر الحالية في معرض “أغرا 2025”، الممتد من 23 إلى 28 أوت الجاري بسلوفينيا، حقّقت نجاحًا معتبرًا على ضوء التوافد القوي للزوار السلوفينيّين المهتمين بالمنتجات الجزائرية المعروضة، حيث شاركت فيه نحو 15 مؤسسة جزائرية رائدة في قطاعات الفلاحة والصناعات الغذائية.
بوابــة للتعريــف بالمزايــا التنافسيـة
وعلى ضوء هذه الحركية الكبيرة، يمكن القول إنّ المنظومة الإنتاجية الجزائرية تتواجد بشكل مستمر في معارض دولية متخصّصة، مثل معرض الصناعات الغذائية بلندن، وصالون “ميديك ويست أفريكا” في مدينة لاغوس، وصالون “أكوا فارم” في إيطاليا. بالإضافة إلى المشاركة في معرض طرابلس الدولي بليبيا، ومعرض صفاقس الدولي بتونس، وكذا معرض داكار الدولي بالسنغال وغيرها.
وقد رسمت الجزائر خارطة طريق متعدّدة الأهداف ومتكاملة، تتيح إنعاش صادراتها خارج قطاع المحروقات، إلى جانب بناء شراكات اقتصادية نوعية مع شركات عالمية رائدة واستقطاب زبائن جدد.
ويأتي ذلك في إطار الطموح الكبير لتكثيف الاستثمارات الأجنبية عبر بوابة التواجد القوي في المعارض الدولية والإقليمية بما يسمح بالانفتاح على أسواق كبرى. علما أنّ هذه المعارض تُعد بوابة حقيقية للتعريف بالمزايا التنافسية للبيئة الاستثمارية والحوافز المتاحة والأقطاب الصناعية الناشطة.
وبنظرة شاملة، يمكن القول إنّ ما تعرضه الجزائر من منتجات صناعية وخدمات وتعدين وسياحة وطاقة ومشتقاتها، يحظى بمكانة جيدة في مختلف المعارض، حيث تجذب أجنحتها الاهتمام.
وقد حقّقت صناعتها الغذائية في معرض لندن نجاحًا كبيرًا، إلى جانب صناعة الأدوية والمنتجات الفلاحية وغيرها من السلع التي استقطبت المستهلكين في دول إفريقية وعربية. وتؤكّد مشاركة الجزائر في التظاهرات الاقتصادية الدولية المستوى المتقدم الذي بلغه اقتصادها في مسار التنويع والتطور، وانفتاحه على شراكات نوعية تعزّز التنمية وتتيح نقل التكنولوجيا والخبرة والمعرفة، بما يقوي سلاسل الإمداد الصناعية.
وفي هذا السياق، تشهد العلاقات الجزائرية مع الدول الصديقة ونظيراتها الإفريقية نموًا متسارعًا على مختلف الأصعدة، مدفوعة بتطور الشراكة الاقتصادية والتجارية، خاصة مع دول غرب إفريقيا، وهو ما بدأ أثره ينعكس بوضوح على حجم المبادلات التجارية. ومن جهة أخرى، يُنتظر أن يشكّل “معرض التجارة البينية الإفريقية” المزمع تنظيمه مطلع سبتمبر المقبل، تظاهرة اقتصادية وتجارية هامة للجزائر وللدول المشاركة، بما لا يقل عن 11 قطاعًا حيويًا واستراتيجيًا.