جيل الخوارزميات يعبّد طريق الخلاص من اقتصاد الريع
من الصين إلى سيليكون فالي.. جزائريون يفتحون آفاق العالمية
الجامعيون أمام لحظة تاريخية فارقة.. كل المؤشّرات خضراء
في عالم يتغير بوتيرة غير مسبوقة، حيث تتحول موازين القوة من النفط والغاز إلى البيانات والخوارزميات، تخطو الجزائر بثبات نحو بناء اقتصاد جديد، قاعدته المؤسّسات الناشئة ومحركّه اقتصاد المعرفة.. هذا المسار صار واقعا جعل من الابتكار معيارًا رئيسيًا للتنافسية، ولقد جدّ الجدّ وبدأ العمل فعلا مع مجموعة من المؤسسات الناشئة الجزائرية، استفادت من برنامج رحلات استكشافية إلى كبرى عواصم الابتكار في العالم: بكين، سيول، وسيليكون فالي، أين احتكّ الشباب الجزائري مباشرة بقادة التكنولوجيا ورواد الأعمال، وعايش نماذج متقدمة في تحويل الأفكار إلى مشاريع، في مشهد يلخّص تزاوج الطموح المحلي مع الخبرة العالمية.
الإنفتاح على التجارب الدولية لم يكن للسياحة، بل مثّل مختبرا ميدانيا لمعاينة أسرار نجاح منظومات ريادة الأعمال، فقد عاد المشاركون بخلاصات عميقة حول دور التسهيلات الحكومية، ديناميكية الجامعات، وأهمية رأس المال الاستثماري الجريء.
ولا يقف الأمر عند حدود التعلّم من الخارج، بل يتعداه إلى بناء شراكات استراتيجية. فالصينيون الذين التقى بهم الوفد الجزائري أبدوا اهتماما بالسوق المحلية باعتبارها بوابة نحو إفريقيا، فيما فتح الكوريون آفاقا في مجالات التكنولوجيا الخضراء والزراعة الذكية، بينما عرض الجزائريّون مشاريعهم في وادي السيليكون أمام مستثمرين وخبراء عالميين، ولقد مثّل هذا التفاعل صورة الجزائر الجديدة.. بلد يمتلك طاقات بشرية هائلة، يسعى إلى توظيفها في مشاريع مبتكرة قادرة على الاندماج في الاقتصاد العالمي.
لكن التحول الأكبر الذي يلوح في الأفق يرتبط بالذكاء الاصطناعي الذي لم يعد ترفًا تقنيا، بل تحوّل إلى شرط للبقاء في سوق متسارعة، وأصبحت الرّقمنة واقعا معيشا، بدءا من دفع الفواتير إلى المعاملات الإدارية عبر الإنترنت، ما يضع المؤسسات الناشئة أمام فرصة ثمينة لتقديم حلول عملية للمشكلات اليومية. غير أنّ الطريق ليس خاليا من التحديات، ما يقتضي بذل جهود حقيقية، وإن كانت السلطات العليا بالبلاد تسعى إلى تذليل كل ما يعكّر صفو رواد الأعمال..
إنّ الجزائر تعيش لحظة اقتصادية فارقة.. ولم يبق أمام الشباب الجامعي سوى أخذ زمام الأمر بمعارفه، ليحجز مكانته الراقية في الاقتصاد العالمي الجديد، ويضمن للوطن الخلاص النهائي من اقتصاد الريع.. لم يبق إلا بذل الجهد، فالمؤشّرات كلها خضراء.