التحدي وطول النفس ضرورة حتمية

«الباحث الجزائري ليس ماديا ولو تنشر أعماله يكون أسعد الناس»

سعيد بن عياد

دافع البروفيسور كمال صنهاجي عن الباحث الجزائري نافيا أن يكون هذا الأخير ماديا كما يروجه البعض وأكد بالمقابل أن الباحث يتطلع للفوز بالثقة في قدراته العلمية وإحاطته بالتقدير من خلال تثمين أعماله العلمية ومرافقته في تجسيدها، ذلك أنه ليس ما هو أشد مرارة من أن يشعر الباحث باللامبالاة أو إستهدافه بأحكام مسبقة.

وأكد محدثنا - المتخصص في البحث حول داء فقدان المناعة المكتسبة- بروح مسؤولة أنه لو تمنح للباحث الإمكانيات اللازمة في نشر أبحاثه العلمية على الساحة العالمية سيكون من أسعد الناس ويغمره الارتياح مما يعزز الثقة لان ذلك يفتح له المجال العلمي العالي المستوى للمشاركة في ملتقيات وندوات توفر مساحة لائقة للاحتكاك بالباحثين الكبار على الصعيد العالمي.
 وأوضح في هذا الاطار أن نشر الأعمال العلمية كان في الماضي من أصعب المراحل التي تعترض الباحث الجزائري وتتطلب المهمة الكثير من الوقت لكن اليوم وبفضل التطور التكنولوجي ووسائل التواصل المتقدمة أصبح أمام الباحث أكثر من إمكانية وفرصة لنشر أعماله ومن ثمة يمكنه مع قليل من الدعم وضع ابحاثه في عالم مفتوح.
وبهذا الصدد أشار صنهاجي الى الدور الذي يمكن للادارة القيام به كمكمل للباحث والإحاطة بانشغالاته والاصغاء لتطلعاته وعدم تثبيط عزيمته في التقدم على مسار أعماله العلمية القائمة على أبحاث معمقة تبحث عن إجابات علمية لقضايا قائمة تتعلق بمصلحة ومستقبل المجموعة الوطنية ومنها ما يتعلق بالصحة العمومية والأمن الصحي سواء ما يخص علاج أمراض بطرق فعالة أو انتاج أدوية جيدة.
وينطلق إهتمام الإدارة في كل القطاعات المعنية بما فيها الخاصة بالصحة والبحث العلمي من متابعة واقع المخابر التي تستجيب للمعايير الى الاهتمام بالباحث كونه العنصر البشري المنتج للقيمة المضافة مرورا بتوفير الوسائل والمراجع العلمية وإدماجها في شبكة معلوماتية تتميز بالسيولة والتدفق العلوماتي ضمن شبكة للمخابر عالية المستوى يؤطرها أساتذة من ذوي الكفاءة العلمية المؤكدة والذين يتحملون مهمة إرساء تقاليد احترافية في هذا المجال تقوم على أخلاقيات عالية.
وفي هذا السياق ألح البروفيسور كمال على الأهمية الكبيرة لانفتاح الباحثين والاساتذة المؤطرين على جانب الاعلام الموجه للجمهور بطريقة منتظمة ومبسطة وهادفة من خلال ربط جسور التواصل مع وسائل الإعلام المختلفة ولو بالتضحية بقليل من الوقت وبذل شيء من الجهد لتمرير رسالة إعلامية متخصصة كما هو الشأن في ميدان الطب والصحة. وهنا نبه الى مساوئ الانعزال عن محيطه العام وبقائه في عالمه الخاص حيث يقوم بأعمال ذات معنى لكنها حبيسة جدران المخبر أو مركز البحث العلمي.
وأبدى اشمئزازا من فئة قليلة تعاني من أزمة اتصال مع محيطها الإعلامي ويتصرف أصحابها بتعال مما يعكس صورة غير طبيعية لمسألة جوهرية تتصل مباشرة بالمصلحة العامة خلافا لما هو في البلدان المتطورة حيث الباحث في مختلف القطاعات ينخرط في عمق الحركية الاجتماعية دون أن يفقد من ثقله ولا يبقى على الهامش ذلك أن البحث العلمي خاصة في الميدان الطبي يرتبط مباشرة بالأمن الصحي للمجتمع ومن ثمة لا يمكن لصاحبه ان يصادره لذاته او لمجموعة من مساعديه وانما يهديه للمجتمع وللإنسانية كما قام به كبار العلماء الباحثين على غرار باستور الذين وهبوا عصارة جهودهم الخلاقة للبشرية جمعاء.
ويراهن محدثنا الذي تنقل شخصيا الى مقر الجريدة تعبيرا عن قناعة التواصل مع المحيط من خلال وسيلة إعلامية جادة على توسيع مساحة الإعلام المتخصص الذي ينبغي أن يجد مكانة لائقة في المنظومة الإعلامية الشاملة وتمكين القراء من كافة الشرائح من الاطلاع على المستجدات الابتكارات حتى يمكنه من إمتلاك قدرات علمية مما كانت بسيطة لمواجهة ظروف محتملة قد تصادفه ذلك أن للإعلام أكثر من دور في إرساء ثقافة الوقاية التي كما يعرف خير من الف علاج.
وفي هذا السياق لا يعقل أن تبقى بعض المراكز والمخابر تشتغل خارج التغطية الاعلامية المتخصصة بالتاكيد ولذلك سيكون إنخراط أصحابها في هذا المسار بالانفتاح أكثر، أمرا مهما للغاية مما يضمن إعطاء الاعتبار المستحق للباحث وكذا ترويج دقيق للمعلومات التي ينتجها فيتحقق التطور المضطرد لعملية البحث محليا ودوليا بفضل شفافية الاتصال طالما أن الامر يدخل في إطار خدمة الانسانية خاصة في مواجهة أمراض مستعصية وتتعدى الحدود الجغرافية للبلدان.
ولم يتوقف البروفيسور كمال صنهاجي عن التأكيد على العلوم والمعارف في كافة القطاعات وبالذات المرتبطة بالصحة العمومية هي مفتاح المستقبل لضمان حماية المجتمع متمثلا في الإنسان بكافة الفئات العمرية كونه مصدر توليد الطاقة الابتكارية ومن ثمة القوة الدافعة للنمو.
ومهما كان صحيحا إختلاف الأوضاع بين الضفتين فإن الرسالة الكبيرة التي يحملها الباحث بكونه من صفوة النخب ذات الكفاءة والقوة الذهنية تفرض على صاحبها التمتع بنزعة التحدي وتطويع المعوقات التي تعترضه بما لديه من قدرات فكرية وطول النفس في السعي لايجاد الحلول المطلوبة لكل اشكالية خاصة في قطاع الطب والصحة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024