سنتان بعد الإعلان عنها

إصلاحات في الإتجاه الصحيح

سلوى روابحية

قبل عامين وفي مثل هذا اليوم، طرح الرئيس بوتفليقة، حزمة من الإجراءات لتعديل الدستور وقوانين الانتخابات والأحزاب والإعلام وتوسيع مشاركة المرأة في المجالس المنتخبة، ما الذي تحقق، وهل تم الوفاء بهذه الإلتزامات.قد يكون من الصعب وفي مدة زمنية محدودة، تقييم مسار تنفيذ هذه الإجراءات التي جاءت في ظرف متميز، طبعته بداية عملية تحول عميقة في العديد من دول العالم ولا سيما في المنطقة العربية، حيث اختارت شعوبها نمط التغيير كل حسب تجاربها، بينما فضّل الجزائريون صنع تجربتهم الوطنية بطريقة سلسة بعيدا عن تكرار نموذج العنف الذي فرض عليهم قبل عقدين من الزمن، من خلال تبني حزمة من الإصلاحات المعلنة عنها من طرف رئيس الجمهورية.
الإصلاحات السياسية التي كان الغرض منها تحقيق الانتقال الديمقراطي وتجسيد دولة القانون، كانت في نفس الوقت من أجل تجنيب الجزائر «ربيعا عربيا» ثبت فيما بعد أنه لم يكن أبدا بريئا ولم يؤد إلى تحقيق الأهداف المنتظرة من خلال آلية «العنف» التي كانت القاسم المشترك تقريبا في كل الدول العربية المعنية بالإضطرابات الشعبية.
أول محور أساسي في سياسة الإصلاح السياسي أعطى نتائجه المباشرة، كان في إشراك المرأة وبقوّة في الانتخابات التشريعية والمحلية، حيث ولأول مرة، ارتفع التمثيل النسوي في المجالس المنتخبة ليتجاوز ٣٠٪ وكان مكسبا حقيقيا للمرأة عموما وللعمل السياسي في الجزائر، رغم التحفظات التي لا تزال بعض الجهات تبديها من توسيع مشاركتها سياسيا.
وبالموازاة مع تجسيد أول بند في الإصلاحات السياسية، فقد باشرت الجهات المعنية سلسلة مشاورات واسعة مع فعاليات المجتمعين السياسي والمدني من أجل جمع أكبر قدر ممكن من الأفكار ووجهات النظر حول التعديلات المحتملة في الدستور ومراجعة بعض بنوده بما يتلاءم ومقومات المجتمع الجزائري وثوابت الأمة، وهي الاقتراحات التي تعكف اللجنة الدستورية على دراستها، بعد أن تم إنشاؤها قبل حوالي أسبوعين ومكونة بالأساس من حقوقيين وكفاءات يعوّل عليها لصياغة دستور جديد في إطار إجراءات التعديل.
الإعلان عن مراجعة الدستور كانت رغبة الرئيس التي لطالما عبّر عنها، ولكن في نفس الوقت تعدّ ضرورة ملحّة وتعبيرا عن طموح ورغبات المواطنين من أجل التجسيد الفعلي للنظام الديمقراطي التعددي، بعيدا عن تلك الديمقراطية الصورية، على اعتبار أن الإصلاح السياسي هو أساس جميع الإصلاحات الأخرى في مختلف القطاعات والمجالات، ونجاحها أو فشلها سيؤثر لا محالة على الحياة العامة للمواطنين.
البند الآخر الذي لا يقل أهمية، ويعدّ رافدا أساسيا في عملية التحول الديمقراطي، يمسّ قطاع الإعلام، حيث وبعد سنوات من الإجحاف في حق حرية التعبير، يعلن الرئيس بوتفليقة عن رفع التجريم عن الجنح الصحفية، على اعتبار أن الإعلام يفترض أن يساهم في محاربة الفساد بمختلف أشكاله في ظل حماية القانون له وتعزيز الديمقراطية. أما عن الإنفتاح المنشود لقطاع السمعي ـ البصري، فإنه يبدو أن أولى اللبنات قد وضعت من أجل تكريس حرية التعبير، حيث أعلن مؤخرا عن بعض تفاصيل قانون الإعلام، قبل عرضه على البرلمان بغرفتيه لمناقشته والمصادقة عليه.
بعد عامين من إقرار الإصلاحات السياسية بكل سيادة، تأخذ الإجراءات المعلن عنها طريقها نحو التجسيد التدريجي، وتبرز من خلالها بعض المحاور الأساسية التي ستكون ـ بلا شك ـ مقدمة لإحداث التغيير المنشود لبناء مؤسسات الدولة على أساس سلطة وسيادة القانون، يمارس فيها المواطن حقه في المواطنة بكل ما تعنيه الكلمة من حقوق وواجبات، بعيدا عن البيروقراطية والفساد والتلاعب بالأموال العمومية لإزالة كل أشكال الاحتقان الذي طال شرائح واسعة من المجتمع الجزائري.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19450

العدد 19450

السبت 20 أفريل 2024