المناضلة بوخطاية تستعيد أمجاد الثورة

‘’الوطنية ليست شعارا وإنما قيـم يحملهـا المـواطـن’’

سعيد بن عياد

عادت المناضلة زهور بوخطاية بالذاكرة إلى مرحلة ما قبل الاستقلال حينما كان الجزائريون لا يرقون إلى مرتبة مواطن وإنما صنفهم الاستعمار مجرد ‘’انديجان’’ التهمهم الفقر والتهميش والجوع والجهل. تذكرت بمرارة تلك الحقبة القاسية لما كان غالبية أبناء هذا الوطن يسكنون في أكواخ عرضة للبرد والاحتقار، لكن بالمقابل كانت جذوة الروح الوطنية قوية قوة الارتباط بالهوية والصلة الوثيقة بالانتماء للإسلام مصدر العزة. في تلك السنوات تقول مستذكرة مشاهد متميزة كانت للمدارس الحرة والكشافة الإسلامية الأدوار البارزة والطلائعية في إنارة طريق الحرية أمام الشعب الجزائري بدءا من التمسك بالهوية الجزائرية الأصيلة.

في بلكور كما في غيرها من أرجاء البلاد كانت للمدارس الحرة الأثر العميق في المجتمع الجزائري، بينما كانت الإدارة الاستعمارية وبوليسها القمعي تطارد الشباب الجزائري الذي يتردد على تلك المدارس باعتبارها مصدرا لنشر الوعي والتحسيس بالهوية. كانت مقاومة صلبة للوجود الاستعماري، وكانت ذات طابع شعبي واسع بمشاركة المرأة والرجل بنفس العزيمة.
وشددت على أن الثورة الجزائرية تميزت حقيقة بالطهارة بفضل ما يحمله رجالها ونساؤها من قيم الشرف والعزة والأنفة. في تلك الملحمة لم يكن البحث عن المال والجاه، وإنما الهدف المنشود اكبر كبر هذا الوطن وعظمة شعبه ويتمثل في استرجاع السيادة الوطنية وانتزاع الحرية من قبضة استعمار بغيض لا يتورع في ممارسة أبشع ألوان التعذيب والنهب. لم يكن أيامها ممكنا المرور عبر كبريات شوارع الجزائر العاصمة. وتتأسف اليوم لتخلي الإنسان الجزائري عن تلك القيم التي حملها في ظل الفقر والاستعمار، وتقل لماذا تخلينا عن الأخوة العميقة والأصالة والنضال الجماعي وكلها قيم نبيلة سقطت أمام سطوة الأنانية وطغيان المال والشهرة المزيفة.
وعن مكانة التاريخ اليوم في الضمير والحياة اليومية، أجابت بحسرة قائلة ‘’ للأسف تراجع موقع التاريخ في أولويات المواطن حتى عادت اللغة الفرنسية بقوة في مختلف الأوساط حتى المواطن البسيط’’. وتساءلت هل يعقل أن هناك نساء حوامل يفضلن وضع مواليدهن بالخارج من اجل الجنسية الأجنبية، إنها أمور تستوقف الأذهان. وهذا لم يكن أيام المقاومة والثورة. ودعت إلى توسيع إطلاق أسماء الشهداء الأبرار على الشوارع والمؤسسات في وقت تتزايد فيه المعالم التنموية. وتوقفت عند الشهيد بشير عطار المدعو الكابيتان سي بوعلام الذي سقط بجبال الورسنيس،  وهو من أبناء الكشافة وابن بلكور إلى جانب رفاقه مثل الأخوين أديم والشيخ احمد عبد الحفيظ مدير مدرسة التهذيب الحرة الذي اختطفه الاستعمار وعاد في تابوت مسجى بالعلم ليدفن بسيدي أمحمد وكثير من النساء الحرائر مثل وتيكي وصليحة فرحات، وأمثال هؤلاء علمونا الوطنية وافهموا الجزائريين أن لا صلة لفرنسا بمجتمعنا ووطننا ومن ثمة يجب الكفاح من اجل الحرية. ويستحقون رد اعتبار في الذاكرة الجماعية بتنظيم ندوات عنهم ومعارض بما يمكن الأجيال من التعرف على عظماء اسقطوا جبروت اعتى قوة استعمارية.
وبقلب يعتصر وهي تتذكر كل تلك المعاناة أشارت بنبرة فيها نوع من الألم إلى أن الوطنية ليست شعارا يرفع وإنما هي قيم يحملها المواطن وثقافة يتعامل بها يوميا متسائلة هل تنكرت المدينة والريف للذاكرة المليئة بالأمجاد تنتظر أن ينفض الغبار عنها حتى لا يطويها النسيان.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19449

العدد 19449

الجمعة 19 أفريل 2024
العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024