مسعودي عثماني يستعرض مسار النضال الوطني

''الثورة التحريرية أمــام الرهــان الصعــب'' مرجعــي في كتابــة تاريــخ الجزائــر

تطرّق المؤلّف مسعود عثماني في كتابه بعنوان: ''الثورة التحريرية: أمام الرهان الصعب'' الصادر عن دار الهدى بعين مليلة سنة ٢٠١٢، والذي جاء في ٧٣٦ صفحة إلى أهم المحطات التاريخية التي مرت بها الحركة الوطنية وصولا إلى اتفاقيات إيفيان بالتفصيل.
المؤلّف اعتمد على التسلسل الزمني للأحداث دون أن يغفل كبيرة وصغيرة، ويمكن أن نقول أنّه ابتعد عن الذاتية في تقديم الأحداث أو الشخصيات التاريخية.
وقد استعان مسعود عثماني بمراجع ومجلات تاريخية كتبت عن الثورة والحركة الوطنية كمرجع تاريخ الجزائر المعاصر في جزئه الثاني للدكتور محمد العربي الزبيري، واتفاقيات إيفيان لابن يوسف بن خدة، وكتاب منابع التحرير لعبد الرزاق بوحارة ومذكرات العقيد الطاهر الزبيري ومجلة أول نوفمبر الصادرة عن المنظمة الوطنية للمجاهدين، ومذكرات أمل للجنرال شارل دوغول وغيرها من الكتب التاريخية.
فضّل المؤلّف تجزئة كتابه إلى عشرة أبواب كل باب اشتمل على ثلاثة فصول، فالباب الأول تحدث فيه عن خلفيات الصراع الفرنسي الجزائري الذي تمتد جذوره إلى الحروب الصليبية الحاقدة على الاسلام، ثم عرج للحديث عن الاحتلال الفرنسي للجزائر وبدايته.
في حين تناول الباب الثاني بالتفصيل ظهور الحركة الوطنية بداية بحزب نجم شمال إفريقيا، حزب الشعب، جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، الحزب الشيوعي، حزب الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري والزوايا الدينية لما لها من أهمية في المحافظة على الهوية الإسلامية الجزائرية، وقد قسّمها الكاتب إلى زوايا ملتزمة أو حيادية وزوايا منحرفة.
بالإضافة إلى أزمة حركة الانتصار للحريات الديمقراطية، وظهور الحركة الكشفية التي كان لها أهدافا تربوية وتحمل أسماءا تبعث على الأمل مثل الرجاء، الصباح، الأمل، الإقبال، القطب والفلاح.
ويعدّ الشهيد محمد بوراس أبرز عناصرها، فقد نشط في تأسيس الأفواج الكشفية وتأطيرها، وكذا موضوع حول نشاط اللجنة الثورية للوحدة والعمل ومضمون بيان أول نوفمبر وأسباب تدوينه، وحزب جبهة التحرير الوطني.

الإعـــــــــــــلام سنــــــــد قـــــــــوي

أما الباب الثالث فيتحدث عن الثورة التحريرية وأصدائها في الأوساط الإعلامية ونتائجها على مستوى المناطق، وكذا ردود الأفعال المحلية والطبقة السياسية الوطنية، وفي الباب الرابع يتناول موقف الجالية الجزائرية في المهجر ونشاط الوفد على الصعيد العسكري، السياسي والدبلوماسي وغيرها من الأحداث التاريخية.
وبالنسبة للأبواب الخامس، السادس والسابع، فاشتملت على موضوع هجوم الـ ٢٠ أوت ١٩٥٥ في الشمال القسنطيني وأصدائه على الصعيدين المحلي والسياسي، ومؤتمر الصومام ونتائجه، وعملية الزرقوية واختطاف الزعماء الأربعة وأزمة جيش النمامشة، المعتقلات، الحياة في المحتشدات وموضوع الخطوط المكهربة: خطي شال وموريس، وكذا إنشاء الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية وحركة ١٣ ماي وسقوط الجمهورية الفرنسية الرابعة، ودوغول ومصيدة تقرير المصير، وسلم الشجعان.
في حين تحدّث مسعود عثماني في الباب الثامن والتاسع والعاشر عن مفهومي الاستعمار والاستدمار وحرب العصابات، القمع والتعذيب والانتهاكات، وكذا فكرة المصير المشترك ومظاهرات الـ١١ ديسمبر وحادثة ملوزة ودور المرأة خلال الثورة والصحة ومصير الجزائر بعد الاستفتاء ومناورات فصل الصحراء، وموضوع حول الأطماع المغربية والتونسية في الصحراء ومنظمة الجيش السري الإرهابية وغيرها.
وتطرّق المؤلف في مقدمة هذا الاصدار إلى ضرورة الالتزام بالموضوعية في معالجة الأحداث التاريخية، كون التاريخ وقائع وعبر. وحسبه، فإذا لم نستق العبر من هذه الوقائع، فالتاريخ يصبح مجرد ملهاة يغلب على سردها الطابع الدرامي وتسيطر عليها الخرافات والأساطير.
وفي هذا الصدد، يوضّح مسعود عثماني أنّ سرّ عظمة الثورة يكمن في الشمولية والسرعة في التنظيم والتعبئة المتجدّدة وفي أسلوب المواجهة، بالرغم من محاولة الإدارة الفرنسية تطهير قادة الثورة عبر استمالة بعض الجزائريين ممّن وجدت لديهم القابلية على الترويض، وفتحت جبهات مناوئة كانت أخطر على الثورة. إلاّ أن جبهة التحرير الوطني صمدت أمام هذه التحديات وحطمت كل العراقيل التي صنعتها أجهزة الامن الاستعمارية، مؤكدا أنّ السنتان الأولى والثانية من عمر الثورة كانت أصعب.
ولهذا فقد تعرّض الكاتب إلى الأهم من المهم وتغاضى عن بعض المراحل لقلة المصادر التاريخية، حيث اكتفى بما يراه مفيدا للقارئ.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19449

العدد 19449

الجمعة 19 أفريل 2024
العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024