الـبروفيـسور صالح بلـعيـد

رهانات المجلس.. عولمة اللغة العربية وتعميم المنصات الرقمية

حوار:حبيبة غريب

كشف رئيس المجلس الأعلى للغة العربية البروفيسور صالح بلعيد من خلال هذا الحوار، عن الإستراتيجية التي اعتمدها المجلس لتعميم استعمال اللغة العربية توظيفها في المنصات الرقمية والحياة اليومية وحلحلة كل العراقيل التقنية التي تقف أمام المكتبة الرقمية.

«الشعب ويكاند»: سجّل المجلس الأعلى حضوره في صالون الجزائر «الكتاب حياة» بتقديم حصيلة مجهودات وفيرة على أكثر من صعيد في توظيف لغة الضاد في شتى المجالات من حياة المواطن الجزائري، ما هو الجديد المقدم هذه المرة؟

البروفيسور صالح بلعيد: بعد سنة من وباء كورونا الذي خّيم علينا  بدأت والحمد لله الأمور تجد الطريق إلى الحل بكسر هذه السلسلة من الوباء مع احترام بروتوكولات الصحة والسلامة.
تعود الثقافة الى الواجهة ومعها قصر المعارض «سافكس» إلى نشاطه. ربما هو معرض وطني للكتاب وإنما فاتحة طريق لمعارض أخرى على المستوى المحلي وربما إلى الصالون الدولي للكتاب طبعة 2021.
نحن نساهم كعادتنا في تنشيط الفعل الثقافي ونحن في الواجهة.. برمجنا أربع محاضرات وآتينا بمجموعة من الأعمال التي أنجزها المجلس الأعلى للغة العربية، منها الجديد والقديم كما يقتضيه العرف.
لكن المميز هذه المرة هو عرضنا المرجع التاريخي في المجلدات الثمانية والمساعدة الجزائرية  في مجلدين والدليل الوطني في الدبلوماسية والنقل والفندقة والسياحة؛ والذي يمكن الولوج إليه  وتحميلها على الجوال من خلال تطبيق أو رمز القراءة المشفرة السريعة أو ما يسمى بتقنية «QR» شأنه شأن الموسوعة الجزائرية.
هذه الأعمال هي فاتحة جديدة لمنظومة الرقمنة  في المجلس والتي انطلقنا فيها مند مدة استعدادا للمستقبل ولتواجد أوسع لموقعنا في المكتبة الرقمية.

- ما هي المحاور التي تناولتها المحاضرات التي ينظمها المجلس؟
هناك محاضرة حول المكتبة الورقية والمقروئية وأخرى خاصة بالمعجم الطوبونومي الرقمية. لقد وضعنا دراسة كولومبو لكل الأسماء الجزائرية بلدية ببلدية، أي 1541 بلدية وقفنا عليها وعرّفنا بالمعالم الكبرى، إضافة الى تصحيح النظرة اللسانية للكتاب والتسميات وقدمنا الكثير من الأشياء ذات العلاقة بالأخطاء التي اقترفت من قبل البعض، ثم حدّدنا منظومة القيم الطوبونومية من الجانب اللساني. لقد علقت بعض الأخطاء والتوجهات بالأسماء مما أدى إلى خدشها بما لا يمجه الذوق وهناك أسماء تحمل المنع اللغوي وتدخل في ما يسمى بالمحظور، قمنا بتصحيحها. لقد اجتهدت ونأمل أننا أصبنا في الكثير ويبقى المستعمل هو الحكم.

- على ذكر المكتبة الرقمية.. أين وصل المشروع الذي أضاف له المجلس الأعلى للغة العربية الكثير من المجهودات؟
تقوم إستراتيجية المجلس مند سنة 2016 على الرقمنة. وضعت منصات رقمية بذكاء صناعي قابل للتطوّر وملاحقة كل جديد في مجال التكنولوجيات الحديثة. نحن الآن نستشرف متغير سنة 2024، عندما تتعامل اللغة العربية في الجزائر. وهناك متغير جديد سنة 2026 أين نجيب على سؤال كيف يكون موقع اللغة العربية في العالم ويأتي بعدها متغير كبير في سنة 2030، والوصول الى الرقمنة الكلية لكل الأمور.
يجب أن تأتي اللغة العربية على جناح التقنية المعاصرة ولتجسيد ذلك انطلقنا من لغات أجنبية كقاعدة ثم عملنا على تطويرها. اننا اعتمدنا نمطية «انجلو- سكسونية» ماضية بأعمالنا وقمنا بتطويرها. ونقدّم اليوم مكتبة رقمية وجعلنا كل أعمال المجلس مقسمة وفق قاعدة النظام العشري اي وتمّ تحميلها في شريحة توزع بالمجان، إضافة الى مواصلة مشروع تطوير المنصة.

مكتبة رقمية بـ100 ألف عنوان

-  ماهي ميزات هذه المكتبة الرقمية وهل سيتمّ إطلاقها قريبا على شبكة الانترنت؟
 بالنسبة للمكتبة الرقمية يجب العودة إلى نظام المكتبات العالمية منها مكتبة جورج بونبيدو في فرنسا ومكتبة الإسكندرية بمصر وبعض المنشآت الفردية، مثل مكتبة العامودي والمكتبة الشاملة التي تحتوي على 32 ألف كتاب. أخدوا من كل هذه الأمثلة المذكورة نمطية المنطلق وبدأنا تطويرها.
نحن قمشنا ما يتجاوز أكثر من 100 ألف عنوان وهذا النظام العشري المتطور موجود عندنا على مستوى السيريست «cerist». إذا أخدنا نمطية الجزائر مع التحوير وأردنا ضخ ما جمعتها لكن وجدنا أن التدفق الشبكي المتواجد عندنا لا يكفي لأن الكتب بها صور ولا يمكن تحميلها بالسرعة المطلوبة.

- وهل من حل لهذه المعضلة؟
 لجأنا إلى وزارة البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية في إطار اتفاقية شراكة معهم على أن عندنا بأجهزة ذكية جدا «سكانير»، رفعنا  نسبة التدفق لكن لم يستطع الذكاء الاصطناعي أن يقرأ بكل المكتبات قالوا إطلاق المنصة الرقمية ذات العلاقة مع المكتبة إلى غاية أن نستلم هذه الأجهزة وسنواصل الخطوة بمرافقة وزارة البريد. وفي انتظار ذلك جمعنا المادة في أجهزة خارجية وبنيران شبكة المنظومة نهائيا وهي أيضا قابلة للتغيير.

الرقمنة مجهود يشارك فيه  فقيه اللغة ورجل العلم

- كيف هي علاقة المجلس الأعلى للغة العربية مع الجامعات ومخابر البحث العلمي وهل يتمّ إدراكهم في كل عام المشاريع الرقمية؟
 الهيئة التي تشتغل أكثر وبقوة معنا هي وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، نظرا لوجود المختبر ولأن مسعى المجلس هو العمل على ازدهار اللغة العربية،  فهذا الأمر لا يتمّ دون التعليم العالي
والجامعة والأساتذة والمختبر وكذلك مهمة استعمال اللغة العربية في العالم لا يمكن تعميمها دون اللجوء إلى الجامعة، ناهيك٢عن الترجمة.
بالمناسبة، أقدم شكري لمعالي الوزير الذي ساعدنا العام الماضي وهذه السنة وأقترح حين قدمنا له مشروعا بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، ان نحتفي بها لمدة شهر في السنة عوض يوم واحد. وهذه السنة أيضا سيكون شهر ديسمبر شكرا للاحتفال بها. وهذه السنة سنحرص على اشراك المخابر والجمعيات الثقافية في عرس اللغة العربية الذي لا يمكن أن يكتمل دون استعمال الرقمنة والتكنولوجيا الحديثة.
الرهان قائم على البحث العلمي والتقنيات لأن العالم اليوم يتقدم بسرعة معتمدا على التطور الرقمي والعصرنة. ونحن في حاجة إلى أساتذة يقدمون الأفكار لتطوير هذه المنصات لأننا في المجلس إداريين ولغويين وما نقوم به من مشاريع يحتاج إلى فقيه لغة وعالم المعلومات في ان واحد.

- إذن هو تزاوج بين فقه اللغة ودقة العلوم والتكنولوجيا، أين وصل هذا المشروع بالنسبة باستراتيجية الرقمنة التي وضعها المجلس؟
كل اللغات لديها قاسم مشترك وهو المنطق. العموميات يقترحها  علينا رجل الإعلام الأالي والخصوصيات فقيه اللغة.. مثلا اللغة العربية بها المثنى الذي لا يوجد في اللغات اللاتينية. وهذا مشكل اللغة العربية الذي حال دون تطويرها في ما يخصّ المنظومات الشبكية، عكس اللغات الأخرى. فهي تحمل علامات الإعراب التي لا يقرأها الذكاء الاصطناعي.
لكننا استطعنا التغلب على هذا العائق، هذا التراث الكبير والذخيرة اللغوية، نحن لدخول في مشاريع ذات علاقة بالرقابة مند 2018. أنجزنا المعجم التاريخي للغة العربية وفيه قرابة 170 ألف جذر  ولكي نبحث عن أصل الجذور الأولى من الحاميات من عصر النقائش إلى واقعنا الحالي هناك خمسة عصور: الجاهلي، الاموي، العباسي، عصر الدويلات والعصر الحاضر واذا لم نعد إلى هذه المدونات الرقمية الموجودة لا يمكن أن نستحوذ على كل ما أنتجته اللغة العربية عندنا. ما هو موجود عندنا كمكتوب يعود الى سبعة عشر قرنا وهناك يعود إلى واحد وعشرون قرنا إلى حقبة اللغات السامية أو اللغات الأوروبية.
قمنا بإدخال 150 قاموس في المنصة، يضمّ بعضها 42 مجلدا واليوم وبفضل الذكاء الاصطناعي تمكنا أن نستثمر في اللغة العربية ونحمل المعجم التاريخي الذي كان ينتظره الناس مند 1936.

- عودة للحديث عن إستراتيجية المجالس الخاصة بعولمة اللغة العربية في الجزائر في غضون 2024 .. ما هي الرهانات الكبرى التي سطّرت في هذا السياق؟
ستساعد الاستراتيجية المنهجية المجلس على القضاء على وضع حدّ للحديث عن ماهية اللغة الوطنية العربية ام الأمازيغية. كان اول رهان طرح الأفكار للمدرسة والإعلام والإدارة. ودخلنا سنة 2020 مرحلة نوعية عولمة اللغة العربية تقنيا ومع إنهاء هذا العمل القومي الذي تقوده 3 مؤسسات كبرى هي اتحاد المجامع اللغوية، مجمع اللغة العربية بالشارقة والمجلس الأعلى اللغة العربية. اليوم نشتغل على الذكاء الاصطناعي مع خبراء من مقدونيا لا يتقنون اللغة العربية، لكن مناطق الحروف.
2026 سينتهي كليا من وضع شبكة نمطية لقراءة كل المكتوب بالعربي. وفي 2030 ندخل في منظومة لغة langua franka  أو لغة التواصل العالمية، لأن هناك متغير في عالم المكتبات، ستزول المكتبة الورقية وتفرض الرقمية وجودها.

خطواتنا محتشمة مع وزارة التربية

-  ما هو نصيب المدرسة الجزائرية من أفكار ومشاريع المجلس الأعلى للغة العربية؟
 المجلس هيئة استشارية لقد كان لنا تواصل مع وزارة التربية الوطنية بخصوص ما يسمى بالمناهج والبرامج.
ومنذ 2018 فقط، بدأت وزارة التربية تستشير المجلس.. وفي 2019 اعطينا 3 مناهج فقط وهم كتابي السنة الرابعة والسنة الخامسة ابتدائي وكتاب السنة الثالثة متوسط التقويم. لقد وجدنا أخطاء كارثية عديدة وقمنا بالتدقيق والتصحيح، لكن لست مسؤول عن الكتاب الذي ادليت فيه برأيي مازال بأخطائه. لكن يحذر القول ان هذه التجربة هي خطوة جيدة  في التعاون مع الوزارة.
نحن ننتج الأفكار ولكن لا نجبر الوزارة على تطبيقها. سبق وأن قدمنا برنامجا للألعاب اللغوية وتطبيق يسمح بتنمية الذكاء عند الطفل عبر المهارات الأربعة الاستماع، الحوار، القراءة، والكتابة. لقد قبلته الوزارة لكن لم يطبق بعد.

- لكن هناك تجاوب وشراكة جيدة بين المجلس والوزارات الأخرى كان آخرها  الدليل الوظيفي الخاص بالدبلوماسية والنقل والفندقية والسياحة، ما هو البرنامج الذي سطر بالنسبة للدلائل الأخرى؟ كيف نجعل بلدنا يهتم بالثقافة السياحية وكيف يمكن أن ندر الثروة الطبيعية التي انعم الله عز وجل علينا من مساحة وجغرافية ومعالم، موردا للعملة الصعبة؟ كيف نخرج من ريع البترول إلى ريع الثقافة الذي لا يزول؟
يتمّ كسب هذه الرهانات، من خلال العمل على توظيف اللغة العربية في سائر مجالات حياتنا اليومية وفي الإدارة ومجال التدريس والتعليم العالي والبحث العلمي والاستثمار في المعرفة الثقافة عوض الاعتماد على ريع المحروقات.
لقد انجزنا كما سلف الذكر معجم مفردات الحياة العامة الذي تم اصداره وتقديمه مؤخرا بمناسبة إحياء اليوم العالمي للغة العربية،  وقدمنا في الفاتح مارس الجاري بمناسبة يومها العربي الدليل الوطني للغة الوظيفية في الدبلوماسية، السياحة، الفندقة، والنقل.
وهذا ما يجعل قائمة المعاجم والقواميس وأدلة المجلس تصل إلى 22 اصدارا  منجزا ومطبوعا إلى جانب 8 أخرى قيد الانجاز. وهي: دليل مصطلحات البريد والمواصلات  دليل مصطلحات الصيد البحري وتربية المائيات ثلاثي اللغات، قاموس موحد في الحفاظ على الفهرسة والارشفة، معجم ألفاظ الحياة العامة في الجزائر بجزئيه الثاني والثالث، المعجم الطوبونومي الالكتروني للمجلس الأعلى للغة العربية، معجم النباتات والحيوان، معجم الأشغال العمومية، دليل لغة النقل، دليل لغة التجارة ودليل مصطلحات الإدارة.
نحن نسعى إلى ضرورة وضع أرضيات معرفية لكل مجالات الحياة  لأن الرهان اليوم هو أن يخرج العالم والباحث الجزائري من ريع الثروات الباطنية إلى مجال ريع المعرفة على غرار الهند وفيتنام والصين وماليزيا، لأن من لا ينتج المعرفة سيصبح متخلفا. 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19462

العدد 19462

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19461

العدد 19461

الأحد 05 ماي 2024
العدد 19460

العدد 19460

السبت 04 ماي 2024
العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024