الألعاب التعليمية يمكن أن تكون جزءا من استراتيجية ثقافية شاملة
قال الباحث في اللسانيات والمهتم بالشأن الثقافي الأمازيغي، واحمد صالح، “إن الألعاب الالكترونية ليست مجرد لهو، بل يمكن أن تتحول إلى أداة قوية لتعزيز التعليم ونقل الهوية الثقافية للأطفال والناشئة، إذا صممت بذكاء ووفق أسس تربوية”. وأوضح أن هذه الألعاب “تشبع حب الاستطلاع لدى الطفل بالإجابة عن الكثير من تساؤلاته، وتساعده على التفكير في كل كبيرة وصغيرة، كما تدربه على الملاحظة والانتباه”. وأضاف “يمكن تحويل هذه الألعاب إلى أنشطة مصحوبة بالمرح والشعور بالإنجاز، مما يزيد من كفاءة الدماغ وقدرته على التفكير والتحليل والتفسير”.
يرى الأستاذ واحمد أن الألعاب الرقمية “يمكن أن تجعل الطفل يتعرف على هويته وتاريخه وهو مستمتع”، وأضاف أن “القصص والبطولات إذا تحولت إلى ألعاب مغامرة وتشويق، ستجعل الطفل يتفاعل معها أكثر من الكتب الجامدة. فالتراث يتحول في هذه الحالة إلى مغامرة رقمية، يمكن للطفل أن يتمشى داخل مدينة أثرية، يجرب حرفة قديمة، أو يلبس زيا تقليديا داخل اللعبة، شرط أن يشترك في تصميمها مختصون من مجالات مختلفة، ثقافية وتربوية وتقنية”.
وأكد المتحدث أن” دمج المعلومات التاريخية والثقافية في قالب ترفيهي يجعل المعرفة أكثر قربا وجاذبية، بينما تقديم القصص الشعبية والأساطير والملاحم الوطنية في شكل مغامرات رقمية شيقة يفتح أمام الطفل آفاقا جديدة للتفاعل مع مكونات هويته”.
وأشار الأستاذ إلى أن “بعض الشركات العالمية نجحت في تحويل قصص وأساطير محلية إلى ألعاب رائجة، مثل سلسلة Assassin’s Creed التي أعادت بناء مدن وفترات تاريخية كاملة في قالب رقمي تفاعلي”، مؤكدا “أن الجزائر قادرة على استلهام هذا التوجه لتطوير ألعاب مستوحاة من القصص الشعبية أو شخصيات وطنية صنعت التاريخ، ما يجعل الطفل الجزائري أكثر التصاقا ببيئته الثقافية وأكثر اعتزازا بانتمائه”. كما لفت إلى أن” تقنيات الواقع الافتراضي تتيح إعادة بناء المدن القديمة، المواقع الأثرية، الحرف التقليدية، وحتى الأزياء الشعبية، مما يمنح الناشئة فرصة فريدة للغوص في عمق الذاكرة الوطنية والتفاعل معها بشكل حي، مع غرس القيم الحضارية والوطنية من خلال مهام داخل اللعبة تعزز التعاون والوفاء والشجاعة والعمل الجماعي”.
وبخصوص الدور الثقافي والتربوي لهذه الألعاب، شدد الباحث على ضرورة “تصميم ألعاب تعليمية هادفة، مع توظيف مصممين ومطورين وأخصائيين في التراث والثقافة للعمل بشكل تكاملي”. ويرى أن “تشجيع إنتاج الألعاب بلغات ولهجات محلية، والتركيز على القصص التي تعكس هوية المجتمع، يعد خطوة أساسية. كما أشار إلى أهمية إدماج بعض الألعاب التعليمية في المناهج التربوية أو الأنشطة الموازية، ما يجعلها وسيلة لإثراء المحتوى التربوي، مع توعية الأسرة بجدوى هذه الوسيلة الحديثة”.
وأضاف أن “تطوير هذه الصناعة الثقافية يتطلب إطلاق مبادرات وطنية تجعل من الألعاب التعليمية جزءا من استراتيجية ثقافية شاملة، وعقد شراكات بين وزارات الثقافة والتعليم والمؤسسات التقنية، والتعاون مع الجامعات ومراكز البحوث لتطوير ألعاب قائمة على أسس تربوية وثقافية سليمة، وتكوين جيل من المطورين والفنانين والكتاب القادرين على إنتاج محتوى محلي جذاب”.
وأكد أن “تنظيم مسابقات ومهرجانات للألعاب ذات بعد ثقافي من شأنه تحفيز الإبداع وتشجيع المنافسة الإيجابية في هذا المجال.