تستعد الجزائر لاحتضان فعاليات الدورة السابعة عشرة من المهرجان الدولي للشريط المرسوم (2025 FIBDA)، المزمع تنظيمها في الفترة من 01 إلى 05 أكتوبر المقبل بساحة رياض الفتح. وقد أُعلن عن تفاصيل هذه الطبعة خلال ندوة صحفية احتضنتها قاعة فرانس فانون، بحضور وزيرة الثقافة والفنون مليكة بن دودة، التي أشرفت على تقديم الخطوط العريضة لهذا الموعد الثقافي الكبير.
تأتي الدورة تحت شعار “طبعة الأطفال”، في خطوة تسعى من خلالها إدارة المهرجان إلى فتح المجال أمام الناشئة، وتشجيعهم على اكتشاف عالم القصص المصورة، بما يحمله من متعة بصرية وسردية قادرة على تغذية الخيال وتنمية الإبداع لدى الأجيال الصاعدة.
وأوضح محافظ المهرجان سليم براهيمي، أنّ اختيار جمهورية مصر العربية كضيف شرف يعكس عمق العلاقات الثقافية بين البلدين، ويؤكد المكانة التي يحظى بها الفن التاسع في الساحة العربية. وأضاف أن شعار “طبعة الأطفال” لم يكن اعتباطيًا، بل هو جزء من استراتيجية تهدف إلى جعل المهرجان أكثر شمولية وانفتاحًا على فئات جديدة من الجمهور.
برنامج حافل ومتعدّد الأبعاد
تتوزّع فعاليات الدورة على خمسة أيام كاملة، حيث يشمل البرنامج: تنظيم 17 معرضًا فنيًا و19 ندوة فكرية، تتناول قضايا متعددة مرتبطة بالشريط المرسوم، إضافة إلى إقامة 12 ورشة وفعالية تربوية وثقافية للأطفال واليافعين، وإطلاق 9 ورشات تكوينية لفائدة طلبة المدرسة العليا للفنون الجميلة والمواهب الشابة.
ويشير براهيمي إلى أنّ هذه التظاهرة، منذ انطلاقتها قبل أكثر من 15 سنة، حرصت على المزج بين المتعة الثقافية والبعد التعليمي، ممّا جعلها علامة بارزة في الأجندة الثقافية الوطنية.
17 دولة تؤكّد حضورها
من جهته، كشف المدير العام للمهرجان، جودت قسومة، أن هذه الطبعة ستعرف مشاركة 17 دولة من مختلف القارات، من بينها الجزائر، مصر، تونس، فلسطين، سوريا، لبنان، فرنسا، إيطاليا، إسبانيا، اليابان، الولايات المتحدة، كندا، المكسيك، الكاميرون، جمهورية الكونغو الديمقراطية، سلوفينيا، والاتحاد الأوروبي.
واعتبر قسومة أن هذا التنوع الثقافي سيحوّل فضاء رياض الفتح إلى ساحة عالمية للفن التاسع، تجمع بين الحوار والتفاعل والتجارب المتنوعة، ممّا يعزّز الطابع الدولي للمهرجان ويمنحه بعدًا حضاريًا وإنسانيًا.
وستشهد الفعاليات حضور أسماء لامعة في مجال الشريط المرسوم، من بينها: الكندي Tristan Demers، الإسباني / الفلسطيني Pedro Rojo Perez، الأمريكية Alitha Martinez، اليابانيتان Nao Kurebayashi وKiyomi Koizumi، التونسية Nada Dagdoug، الكاميروني Monthe Youmbi، كما يشارك عدد من المبدعين الجزائريين، مثل سليمان زغيدور وبن يوسف عباس كبير، الذين يمثّلون الواجهة المحلية لهذا الفن ويعكسون غنى التجربة الجزائرية في مجال القصص المصوّرة.
ورشات..كوسبلاي وموسيقى
إلى جانب المعارض والنّدوات، خصّص المهرجان فضاءات للأطفال والمراهقين للاستفادة من ورشات متنوعة، كالرسم والتلوين وتصميم الشخصيات. كما يبرز في البرنامج ورشة مانغا يابانية بإشراف Suneya Kazumi، وورشة نحت ثلاثي الأبعاد ينظّمها طلبة معهد الفنون الجميلة، إضافة إلى مسابقات “كوسبلاي”، بالتعاون مع معهد سيرفانتس الإسباني.
ولم يغفل المنظّمون الجانب الترفيهي، إذ ستُقام حفلات موسيقية تحييها فرق مثل Jugulator وHellcats، في مزيج يجمع بين الإبداع الفني والإيقاعات الشبابية.
نقاشات فكرية ورؤى جديدة
تتناول النّدوات المبرمجة مواضيع متعددة، أبرزها: “دور اللغة الإنجليزية في الشريط المرسوم الجزائري”، “تأثير الذكاء الاصطناعي والغزو الرقمي على الفن التاسع”، “القصص المصوّرة الموجّهة للأطفال”، “تجارب في النشر من مصر وتونس واليابان وإيطاليا والمكسيك”، “الشريط المرسوم بالأمازيغية وبطريقة برايل”، “صناعة الأنمي في الشرق الأوسط والاهتمام الياباني بمهرجان فيبدا”.
مهرجان راسخ في المشهد الثّقافي
منذ تأسيسه، نجح مهرجان الجزائر الدولي للشريط المرسوم في فرض نفسه كأحد أبرز المواعيد الثقافية في إفريقيا والعالم العربي. وقد أصبح فضاءً سنويًا للقاء الرسامين والناشرين والجمهور، ومختبرًا لتبادل الأفكار والخبرات حول مستقبل الفن التاسع.
وبفضل شعاره الجديد “طبعة الأطفال”، يؤكّد المهرجان في طبعته السابعة عشرة على رسالته التربوية والثقافية، وعلى التزامه بتوسيع دائرة جمهوره، ليظل حدثًا يجمع بين الفرجة والتثقيف، وبين متعة الصورة وثراء الكل.