يرى الدكتور جمال أحميداتو، الباحث في قضايا الفلسفة، أن السمة الأولى لبرامج الذكاء الاصطناعي هي استخدامها رموزًا غير رقمية، ما يشكّل ـ بحسبه ـ نقدًا للفكرة القديمة القائلة إن الحاسوب لا يتعامل إلا مع الأرقام. وأوضح أن البنية القاعدية للحاسوب تقوم على نبائط ثنائية لا تعرف إلا حالتين 0 و1، لكن الذكاء الاصطناعي منح هذه البنية أفقًا أوسع، إذ جعل الآلة قادرة على تمثيل رموز ودلالات مختلفة ومحاكاة بعض عمليات التفكير البشري.
ذكر الدكتور أحميداتو أن من بين أهداف الذكاء الاصطناعي الكبرى فهم طبيعة الذكاء الإنساني، من خلال إعداد برامج تحاكي السلوك الذكي، فيصبح الحاسوب قادرًا على حل المسائل واتخاذ القرارات في مواقف محددة استنادًا إلى أوصافها ومعطياتها.
أما فيما يخص الترجمة، فيرى الدكتور أحميداتو أنها عملية أعمق من مجرد نقل كلمات من لغة إلى أخرى، فهي تحمل أبعادًا لغوية وثقافية ومعرفية، وتنقل المعاني والدلالات بما يتناسب مع ثقافة اللغة المستقبلة. وأكد أن الترجمة تتطلب فهمًا عميقًا للمعنى قبل إعادة صياغته بلغة أخرى دون الإخلال بالمضمون.
وشدّد على أن الترجمة التقنية في ظل الذكاء الاصطناعي تواجه تحديات أساسية، أبرزها دقة المصطلحات في المجالات المتخصصة، نقص البيانات لبعض المواضيع، ضعف فهم السياقات، هيمنة الترجمة الحرفية التي تتجاهل المعنى الثقافي، والحاجة المستمرة للمراجعة البشرية. كما أشار إلى المخاطر الأخلاقية والقانونية مثل سرية المعلومات والملكية الفكرية، وضرورة تكوين مترجمين مؤهلين لضبط الجودة.
ويرى أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الترجمة يظل نسبيًا، ويتوقف على طبيعة النص واللغة المستهدفة والغرض من الترجمة، سواء كان للفهم الشخصي أو للاستخدام المهني أو الطبي.
وختم بالقول، إن الترجمة الآلية تطرح رهانات كبرى في مقدمتها تعميم المعرفة، تسريع البحث والابتكار، حل المشكلات المعرفية، توحيد المصطلحات العلمية والتقنية، وتعزيز التواصل بين الحضارات.