في آخر حوار له لـ«الشعب»، قاسي تيزي وزو:

أنا محبط لواقع الإنتاج التلفزيوني والسينمائي ببلادنا

محمد مغلاوي

كان الفنان الراحل  حميد لوراري، المعروف بـ «قاسي تيزي وزو» متواضعا، حريصا على قبول الدعوات التي تصله لحضور مختلف النشاطات السينمائية رغم تقدمه في السن . لا يبخل على كل من يقصده من المواهب الشابة في تقديم النصح والتوجيه لبلوغ النجاح المنشود.

لمست هذا يوم ألتقيته في مهرجان سينما الهواة بالعاصمة قبل ثلاث سنوات، رفيقا ومشجعا للمشاركين الذين جاؤوا من مختلف ربوع الوطن، يجيب على تساؤلاتهم بكل لباقة، ويحاول أن يمدهم بكل ما تعلّمه في الإذاعة والتلفزيون طيلة أكثر من 6 عقود.
لم يمنعه التعب والمرض من قبول طلبي بإجراء حوار معه، شعرت حين بدأ الرد على أسئلتي أنه متألم ومحبط من واقع الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني، رغم وجود جيل موهوب طموح، سألته عن سبب الغياب وقلت له إن هذا الجيل مازال في حاجة إليك، أجاب بكل تواضع «أنا قطرة ماء في بحر، هناك من هم أحسن مني قادرون على خدمة السينما الجزائرية، لكن عائق غياب الدعم والإمكانيات يؤثر كثيرا على كل الجهود المبذولة هنا وهناك».
وواصل كلامه قائلا: «مسيرتي الفنية انطلقت في 1946. اجتهدت فيها كافحت لتقديم أحسن الأدوار الإذاعية والتلفزيونية خدمة للثقافة الجزائرية  وتصوير الواقع الجزائري بطريقة محترمة، حتى أكون عند حسن ظن الجمهور». توقف قليلا وأضاف بحرقة، «ما أتمناه أن يكون شبابنا اليوم مقدّرا للمسؤولية الملقاة على عاتقه في مواصلة المسيرة، نحن وصلنا إلى مرحلة لابد فيها أن نعطي الفرصة للشباب المحب لهذا الفن المربي للأجيال، ونصيحتي لهم أن يصبروا وأن يجتهدوا أكثر لأن العمل الناجح يتحقّق بقوة العطاء والإيمان بالقدرات».
واصل قاسي تيزي وزو الحديث بحسرة قائلا: «يصيبني الإحباط لما أشاهد ما يعرض من أعمال تلفزيونية أو سينمائية اليوم. بلادنا تستحق أن تكون لها إنتاجات قوية وقيّمة. السينما هي الصورة التي تعكس الواقع المعيش بكل تجلياته، لابد أن نعيرها اهتماما ونشجع من له القدرة على تقديم الأفضل».
وتساءل قاسي تيزي وزو: «أين هم خريجو معاهد السينما؟ ماذا قدموا، وهل وجدوا العناية الكافية؟، انطلاقتنا نحن الجيل السابق كانت دون تكوين أو دراسة، مع هذا نجحنا، لأننا أحببنا هذا الميدان وأعطيناه كل ما لدينا. قبل أن نلج هذا العالم كنا نعمل في مقاه وعانينا كثيرا من أجل الوصول إلى ذلك المستوى بإنجاز أعمال ملتزمة يرضى بها الجمهور الجزائري. أنصح شباب اليوم بتقديم أعمال تحترم عاداتنا وتقاليدنا، فما لاحظته مؤخرا أن البعض يقتبس من روايات أجنبية لا تمت بصلة لقيمنا وأخلاقنا، هذا لا يخدم فننا ولا بلادنا لأن السينما لها تأثير كبير على المجتمع، فهي تلعب دور المربي والموجه، من الأفضل تقديم أعمال مقتبسة من نصوص وروايات جزائرية تحترم قيم مجتمعنا وتخدمه، فما الفائدة أو الجدوى من اقتباس نصوص إنجليزية أو فرنسية وواقعنا أحوج إلى المعالجة. الممثل ملزم بتقديم ما يفهمه الجمهور الجزائري بتناول وطرح واقعه ومشاكله الحقيقية بمهنية».
هذا من بين ما قاله قاسي تيزي وزو لـ«الشعب» يوم 03 نوفمبر 2011، ونحن نقول له ستظل إيقونة وشعلة فنية لن تنطفئ، وأعمالك الغزيرة الملتزمة لن تمحوها الأيام والسنون، وستبقى في ذاكرة كل الجزائريين.
رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جنانه.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19450

العدد 19450

السبت 20 أفريل 2024