الشاعر الأديب الطاهر بوصبع..وحديث الإرادة والتحدي لـ «الشعب»:

حلمــــي كتابـــة تلك القصيدة المستحيلة الرابضة

ميلة: حاوره محمد بوسبتة

يحفل المشهد الشعري بولاية ميلة بالعديد من الأسماء من دوي الاحتياجات الخاصة التي أثبتت حضورا مميزا ووضعت بصمتها في المجال الأدبي بالرغم من التحديات التي فرضتها تكنولوجيات الإعلام والاتصال ومن بين هذه الأسماء الإعلامي والشاعر الأستاذ الطاهر بوصبع صاحب ديوان «مسافات البوح والاحتراق» الذي تحدى كل الظروف واستطاع أن يجعل من الإعاقة وساما على صدره، فكانت أسئلتنا وكانت إجابته في هذا الحوار الشيق لجريدة  «الشعب».
 الشعب: كيف كانت بداية الطاهر بوصبع الشعرية و الأدبية؟
❊❊ الشاعر الأديب الطاهر بوصبع:  في الحقيقة لم أبدا الكتابة مبكرا، لكن إرهاصاتها الأولى كانت تراودني منذ طفولتي البكر التي توشحتها إعاقة حركية هي عبارة عن مرض إسمه»ضمور العضلات الشوكي» يفتك بكل عضلات الجسم، منذ الورقة الثالثة من أوراق عمري، والذي أدى بي إلى الإنخراط  في عزلة طويلة، فكنت كثير التأمل والقراءة باحثا في أعماق روحي عن كثير من أسئلة الوجود، إلى أن أقعدني المرض على كرسي متحرك فاشتعلت جذوة الكتابة في صدري، وكانت أول محاولة تحت عنوان»إليك يا جزائر» سنة 1993 وقد كنا نرزح آنذاك تحت نير عشرية سوداء أكلت الأخضر واليابس، لتنطلق رحلتي مع الشعر والكتابة الصحفية حيث نشرت في العديد من الجرائد والمجلات الوطنية والعربية،منها»الشروق العربي، الحياة، رسالة الأطلس، الجريدة، صوت الأحرار، وصحيفتي تشرين السورية، وعمان من سلطنة عمان» إضافة الى عديد الإذاعات والقنوات التلفزيونية.
❊ كم هو عمر تجربتكم الشعرية؟
❊❊ لدي تجربة أكثر من عشرين سنة في مختلف أنواع الكتابة وبخاصة الكتابة الشعرية التي تنطلق من أعماقي لترسو إلى أعماق الآخرين الذين يقرؤونني بأفئدة الروح،ولكن برغم هذه التجربة الطويلة أنا مقل جدا لأنني أبحث عن القصيدة الأجمل والأعمق،أما عن قراءاتي هذه الأيام،فأنا منهمك في قراءة العديد من الاعمال الادبية والنقدية.
-  ما هي التحديات التي يواجهها الشاعر الاديب من ذوي الاحتياجات الخاصة؟
 يتميز ذوو الإعاقة عموما بكثير من التميز والإبداع في شتى المجالات، ويسجل التاريخ بأسطر من ذهب تألق ذوي الإعاقة الذين استطاعوا أن يجعلوا من الإعاقة وساما على صدورهم، فهي دليل النبوغ والتميز والتفرد، وليست عيبا يوصم به الفرد، أو عارا يفضحه، وقد لا تسعني هذه المساحة لذكر كل هؤلاء، كأبي العلاء المعري، وطه حسين، وعبد الله البردوني، وبشار بن برد، وخورخي بورخيس، وغيرهم كثير، ومثلهم في عصرنا الراهن، ممن يبدعون بصمت في زوايا التهميش واللامبالاة، برغم قساوة المحيط وشدة الإعاقة، وتلك النظرة النمطية المشوبة بالنقص والدونية نحوهم، هم فقط ينتظرون الفرصة لكي يثبتوا أن الإعاقة هي إعاقة الفكر، وبأنها طاقة وانطلاقة نحو مدن الإبداع.
- ماذا عن ديوانك المطبوع مسافات البوح وـالاحتراق؟
❊❊ مسافات البوح والاحتراق عبارة عن قصائد كتبتني في فترات مختلفة من فترات حياتي، وهي قصائد متنوعة الشكل والموضوع، تبحث عن هذا الإنسان المفقود فينا، عن جرح الأمة وألم الوطن، عن لذة المعنى وتاريح الفؤاد.. قصائد تحاول أن تقترب من وجع الروح وما يشبه الشعر، لأن ما نكتبه ما هو سوى رماد الشعر، لأنه لو قدر لنا أن نمسك الشعر لاحترقت أصابعنا ولاحترق الورق.
- ما هي المشاريع المستقبلية للشاعر الطاهر بوصبع؟
❊❊ في الآونة الأخيرة صرت مقلا جدا في كتاباتي، ومع هذا لدي مشروع ديوان جديد أحاول من خلاله أن أكتب الأجمل والأعمق، وعدة مشاريع في مجالات أدبية وثقافية أخرى.

- ما هي مشاركاتكم في الحقل الثقافي المحلي بميلة؟
❊❊ في الحقيقة وبحكم وضعيتي الصحية، فإن معظم نشاطاتي كانت هنا بولاية ميلة، من خلال العديد من الفعاليات والأمسيات الأدبية منذ عدة سنوات،وهي فعاليات أشكر من يدعونني إليها، واعتذر لمن لم استطع حضور نشاطاتهم المتميزة، والحمد لله الذي جعلني مثار اهتمام الكثير من المؤسسات والجمعيات التي تنشط في الحقل الثقافي.

- ما هو تقييمك لمكانة الشاعر والكاتب في الوقت  الحاضر؟
 صحيح أن الأعمال الأدبية تعرف عزوفا رهيبا من طرف القراء، إذ تعد نسبة المقروئية أو القرائية في بلادنا منخفضة جدا، خاصة مع هذه الثورة المعلوماتية الإلكترونية الكبيرة، ومع هذا أعتقد أن إنسان هذا العصر كلما غاص في لجج المادية الجافة، كلما أحتاج الى شيء ما يعيده الى إنسانيته والى السفر في أقاصي الروح بحثا عن ذاته المفقودة، وبالتالي فإن الشعر هو أقرب الفنون الى هذه الروح التواقة للطهر والحب والجمال.
- ما هي تطلعاتكم المستقبلية في عالم الشعر و الكتابة ؟
❊❊ حلمي هو أن أكتب يوما تلك القصيدة المستحيلة الرابضة في الينابيع السحيقة لأقاصي الروح، أن «أكتبني كما أنا بدون أية رتوش، أن ألتقط إجهاش المعانين، وغصص المكثومين، وأنين المرضى، ووجع المقعدين، وشهقة المظلومين، كي أعبر عنهم وأنصف ألمهم عبر قصائدي وكتاباتي.
❊ كلمة ختامية؟
❊❊ في الأخير: لا يفوتني أن أشكر صحيفة «الشعب» على هذه الإستضافة الكريمة على صفحاتها البهية، والشكر موصول لك أخي محمد على هذه المبادرة الطيبة، ولكل من يمر ها هنا من القراء الكرام أقول: عليكم بالقراءة ثم القراءة، فالشعب الذي يقرأ لا يستعبد ولا يجوع، وللمبدعين منهم أنصحهم أن يكتبوا ويكتبوا حتى ولو أحسوا بأنهم يكتبون على الماء.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024