المواطنة بين الدّلالات الأيديولوجية وتأثيراتها السياسية

مفهوم ثابـت في الممارســة اليوميـة يبحــث عــن صناعـــة القـــرار

جمال أوكيلي

  استأنفت الجمعية الجزائرية للتواصل العلمي والثقافي وبالأخص نادي مالك بن نبي سلسلة المحاضرات المندرجة في اطار ترقية مفهوم المواطنة بدلالاتها الأيديولوجية ومدارسها السياسية التي نشأت وترعرعت فيها الى غاية تحولها الى مرجعية قائمة بذاتها عندما يشار الى المدخلات والمخرجات المؤثرة في صناعة القرار السياسي.
 استضافت الجمعية هذه المرة الأستاذين عدوان نور الدين وفرحاتي لعربي من جامعة باتنة، الأول تناول المواطنة وتحديات العولمة والثاني المواطنة وأبعادها السياسية، تخصص لكل واحد ٣٥ دقيقة لتنوير الحضور، أي قرابة ٣  ساعات، يضاف إليها النقاش العام من الساعة الثانية مساءً، الى غاية الخامسة وهذا بالمركز الثقافي «العربي بن مهيدي» التابع لبلدية الجزائر الوسطى.
منذ بداية تدخله حاول الأستاذ عدوان اثارة تساؤلات فلسفية لتداعيات مصطلح المواطنة والتي تحمل ذلك الطابع المعبر عن الانشغالات الآتية أو بالأحرى العاجلة التي ترافقنا يوميا في شؤوننا الحياتية والتي هي دائما محل اهتمامات العامة من الناس في اندفاعهم الى الأمام وانتظار الغد حتى وإن كان لناظره لقريب دون فرملة سرعة السير أوكبح جماح اليوم المجهول.
سعى الأستاذ عدوان بحكم تخصّصه الفيزيائي الى اسقاط مدلول المصطلح العلمي على الفكرة المراد البحث فيها، عندما قال نحن في مواجهة نماذج حضارية قوية نحن أمام قانون الغزو تحكمه علاقات علمية، كمون قوي أمام  كمون ضعيف لايمكن المقاومة متسائلا هل تنعزل؟ مشددا على ضرورة عكس الاشعاع وتصويبه نحو الآخرو واصفا النموذج الحضاري الحالي بالمنهك الذي لا يستطيع الصمود أمام النماذج الأخرى وفي هذا الشأن فإن الكوكبة فضاءً مفتوحا والبقاء فيه للأقوى.
أبدى الأستاذ عدوان تأسفه لطغيان وهيمنة ثقافة الغلق على الذات، والى وجهات أخرى بحثا عن ملاذات تبريرية تنمي النزعة الانعزالية.. وهذا مايقع مع كل من يتشبت بمسارات فكرية تاريخية وحتى دينية، هذه التموقعات اللاشعورية، هي التي أدت الى عدم التحلي بالجرأة الكافية في مواجهة كل هذه المتغيرات الراهنة وفي هذه الحالة، فإن مايعرف بالتناغم المعرفي مآله الزوال.
هذا التشخيص الدقيق يدعونا في حقيقة الأمر الى مراجعة عميقة لذاتنا، وهذا  أولا بترتيب بيتنا الداخلي والتفكير في مشروع قائم على مرتكزات ثابتة ومتينة تسمح بالمضي قدما نحو  الآفاق الواردة حتى لايخرج الواقع عن سيطرتنا.

الامتـــداد للعقـــد الاجتماعــــي

أما الأستاذ العربي فرحاتي، فقد تعمق في ارفاق مفهوم المواطنة بتبعاتها السياسية كونها تنتعش في الوسط النخبوي، بعد أن وجدت الأرضية الصالحة لما أسماه بـ
«الاستنبات» أي المنطلقات الضاربة بجذورها في الوسط الحاضن لها خاصة فيما يعرف بحتميات السوق المبني على القاعدة المشهورة «دعه يعمل» « دعه يمر»، لتحل محل كل الصيغ التمثيلية في المجتمعات الغربية لها  ارتباط وثيق بالعقد الاجتماعي، الذي هو عبارة عن اتفاق جماعي ضمني للأفراد على السير ضمن الخيارات المطروحة يكون عبر أطر كالجمعيات المشكلة للمجتمع المدني والغاية من كل هذا إبقاء الاجماع الدائم في الزمان والمكان حول الحرية.
على غرار ما قاله الأستاذ عدوان فإن المحاضر أوضح بأنه يريد اخراج المواطنة من المخبر العلمي المنغلق على ضوابط التجارب ومقاسات محددة الى حركية العلوم الانسانية محاولا أخذ عينة الجزائر وهنا استدل الأستاذ فرحاتي بمراحل التغييرات التي طرأت على أداء النظام السياسي في الجزائر، مشيرا الى أن صياغة أي مشروع وطني لايجب ان يخرج عن وثيقة نوفمبر، كما أشار الأستاذ نقطة الشرعية الثورية وفي هذا الصدد لابد من التأكيد أن الجزائر خرجت من الشرعية الثورية الى الشرعية الدستورية وقد أعلن ذلك رسميا خلال السنوات الماضية.
وتواصل الجمعية نشاطها، يوم ٥ ماي القادم، بقاعة المركز الثقافي «العربي بن مهيدي» بالجزائر الوسطى، كما سيتم تأسيس «نادي أحمد سحنون».


 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19449

العدد 19449

الجمعة 19 أفريل 2024
العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024