يُشكل الفضاء الطبيعي المُكون من ثلاثة أودية تتقاطع في المكان المسمى «مقطع لزرق» واد حمام ملوان بولاية البليدة، والذي يستقطب الباحثين عن الراحة والاستجمام في فصل الصيف، ولو أنه يجذب هواة السياحة الجبلية والبيئية طوال شهور السنة.
يتشكل حوض حمام ملوان من أودية «الشريعة»، «بومعال» و»ولاخرة» والتي أصبحت تستقطب هواة سياحة المغامرات في العقد الأخير، وفي جزئه بين مقطع « لزرق» حتى حمام ملوان يشبه كثيرا شاطئ البحر، حيث تصطف العائلات على ضفاف الواد التي تسيل به المياه العذبة الصافية والتي تزيد المكان رونقا وجمالا.في جولة قادتنا إلى هذا المكان السياحي الرائع الذي يقصده الملايين من السياح سنويا، وقبل أن نركن سيارتنا تقدم إلينا شاب في عقده الثالث يسترزق مع مجموعة من أقرانه في تقديم خدمات للسياح بمقابل مالي، حيث استأجرنا خيمة منجزة بالقصب والحصائر على ضفاف الواد، ما لفت انتباهنا أن هؤلاء الشباب قاموا بتهيئة المكان بوضع أكياس من الرمل وصنعوا حواجز كي تتجمع المياه في برك كبيرة، يمكن اعتبارها مسابح طبيعية بعمق لا يتجاوز المتر ما يضمن سباحة الأطفال بأريحية.
في هذا الصدد، علمنا أن بعض الخواص يمتلكون أراض بصيغة «الشياع» أي ليس لهم عقد ملكية، لكن توارثوا العقارات عن أجدادهم، وفي فصل الصيف الذي يشهد إقبالا كبيرا للسياح، يسترزقون منها بإنجاز خيم للعائلات ومسابح للأطفال من المياه العذبة الصافية التي مصدرها الشلالات والينابيع المنتشرة في جبال الأطلس البليدي.
ويستأجر هؤلاء الشباب الخيم بسعر يبدأ من 500 دينار وقد يصل إلى ألف دينار، وهو سعر قابل للتفاوض ويُصعب تخفيضه في عطلة نهاية الأسبوع التي تشهد إقبالا كبيرا للعائلات التي تقطن بالقرب من حمام ملوان أو القادمة من بعيد، وما أعجبنا ونحن نجلس في الخيمة المستأجرة مرور بعض الأطفال يبيعون حلويات «البيني» ونبتة «الزعترة» التي تنكه بها النسوة الطعام، وحتى بائع الشاي أتى إلينا وفوت علينا أخذ قيلولة بعدما احتسينا هذا المشروب المنبه.
أسعـــار فــي المتنــاول..
ما لفت انتباهنا بعد التجول في مركز بلدية حمام ملوان الحضري، أن الأسعار في المتناول ولا مكان للجشع والطمع والتحايل على السياح، ومازال المكان يحافظ على بساطته التي هي سر جماله، وبالقرب من المحطة الحموية التي يقصدها بعض السياح للعلاج الوظيفي، يُنصب بعض الشباب طاولات لبيع بعض الأكلات التقليدية مثل «الكسرة» و»المحاجب» والجبن الطبيعي المستخلص من حليب الماعز، ذلك أن تربية هذا الصنف من الحيوانات تطورت في الفترة الأخيرة بالمناطق الجبلية المحاذية على غرار «الدوابشية» التي تقع في الطريق نحو «السباغنية» أي جنوبا صوب حدود ولاية المدية. ويعرض هؤلاء الباعة الفواكه الموسمية مثل التين الهندي بسعر بين 200 و250 للكيلوغرام، وكذا التوت البري الذي يعتبر من بين فواكه الغابة، وينتشر بكثرة في الحظيرة الوطنية الشريعة التي يعتبر إقليم حمام ملوان جزء منها، وهذا في انتظار نضج فاكهة اللنج وثمار البلوط مع نهاية الخريف وبداية الشتاء، حيث تعرض هاتين الفاكهتين للبيع وتٌعتبر من بين أدوات الجذب السياحي في المنطقة.ويتميز حمام ملوان أيضا بمحلات بيع الأواني الفخارية و»الاكسسوارات» التي تستهوي بشكل أكبر النساء اللواتي تستغل زيارتهن لشراء بعض الهدايا مثل إناء مخصص لتوفير الدراهم أو ما يعرف بالعامية بـ»الجحيحة» وكذلك الطاجين المصنوع بالطين المخصص لطهي الخبز التقليدي، وتباع هذه الأواني بأسعار مقبولة وهو ما استحسنه كثير من الزائرين، كما أن محلات الإطعام توفر وجبات بأسعار مقبولة، ويكفي فقط إخضاعها للرقابة بشكل منتظم من قبل أعوان قمع الغش.ما يجب الإشارة إليه هو أن حمام ملوان تسير بخطى ثابتة على طريق التنمية، حيث لفت انتباهنا تحديث بعض التجار لمحلاتهم من أجل إرضاء الزبائن والزائرين، ويعتبر المنتجع الجديد الذين أنجزته وزارة السياحة وسلمته للبلدية ويسيره أحد الخواص في السنوات القليلة الماضية، من بين المرافق المهمة التي عززت القدرات المتوفرة من أجل تجسيد الخدمات السياحية، ويوفر هذا المكان فضاءات للألعاب والترفيه ومحلات وخيم على ضفاف الوادي للعائلات، وسعر الولوج إليه يقدر بـ100 دينار للشخص الواحد.