مبـادرات لا تتوقّـف لتكريـس الاستقرار وتعزيـز النمـو

جزائر الأحرار تقود التكامل الطاقوي القاري

الأنبـوب العابـر للصّحراء.. طريق آمن لطاقة نظيفة

تؤكّد الجزائر، عبر تاريخها، ريادتها في دعم نهضة إفريقيا من خلال مبادراتها المتعدّدة التي تعزّز النمو وتكرّس السلم والاستقرار، واضعة شعار التعاون والتكامل في صلب توجّهها، فيما يجسّد انفتاحها على الأسواق والاستثمارات الإفريقية برهاناً عملياً على التزامها بمستقبل قاري أفضل.

 لم تتوقّف جهود الجزائر في سبيل الاندماج الإفريقي عند قطاعات الصناعة والفلاحة وتحويل التكنولوجيا، بل حوّلت المقاربة الطاقوية إلى عامل مكمّل ينبغي الاستثمار فيه واستغلاله لفائدة دول القارة، من أجل تعزيز دور إفريقيا كمورد أساسي للطاقة. كما هيّأت الأرضية لاستكمال إنجاز مشروع أنبوب الغاز الثلاثي العابر للصّحراء، المنطلق من نيجيريا عبر النيجر إلى الجزائر، ليتدفّق الغاز نحو الأسواق الأوروبية.جميع المعطيات على أرض الواقع تؤكّد أنّ أنبوب الغاز العابر للصّحراء، الرابط بين الجزائر ونيجيريا مروراً بالنيجر، سيرى النور في مدة زمنية قياسية، بفعل تقدّم وتيرة إنجاز المشروع والبنية التحتية الهامة المتوفّرة في الجزائر.

ضمانـات النجاعـة والرّبحــية

  وعلى ضوء تقديرات دقيقة، يرى الخبراء والفاعلون في سوق الغاز أنّ مشروع الجزائر استراتيجي وواعد، ويتطور مساره بشكل سينعش الأسواق العالمية، وحينها ستكون الخارطة الطاقوية قد تغيّرت كثيراً وتدعّمت بالطاقة النظيفة من مختلف المصادر، إضافة إلى محاور وممرّات الهيدروجين الأخضر، ولن تكون له أي جدوى، لأنه لن يجني أرباحاً تغطّي التكلفة والنفقات. وفي ظل عدم إقبال المستثمرين على المشاريع التي تكون عوائدها وأرباحها طويلة الأمد، لا يوجد من يرهن الأموال من دون استشراف وضمانات النجاعة والرّبحية.
وفي وقت مازال فيه مورد الغاز يمثل طاقة نظيفة تتعطّش لها الأسواق العالمية، لم تعد الجزائر تكتفي بتسويق مواردها الضخمة، بل تساهم في مدّ يد العون للدول الإفريقية، باحثة عن تكامل طاقوي إقليمي يرسّخ التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة في القارة السّمراء. وفي الظرف الحالي، تراهن الجزائر بقناعة كبيرة على ترتيباتها وجهودها لتحقيق قفزة قوية غير مسبوقة على صعيد التنمية الاقتصادية والاجتماعية في كل من النيجر ونيجيريا، مع العمل على توسيع قدراتها التصديرية في مجال الطاقة للدول الإفريقية، في ظل تصاعد بروزها بدور كبير في تنامي إمدادات الطاقة نحو أسواق واسعة.

إفريقيـا لاعـب محـوري فــي الطاقـة

 إنّ خبرة ورصيد الجزائر في ريادتها الطاقوية، لاسيما في ضخّ كميات معتبرة من الغاز سنوياً نحو الأسواق الخارجية، وباعتبارها تتربّع ضمن قائمة أكبر عشرة بلدان منتجة في العالم، باتت تستثمرهما لفائدة المصلحة القارية، من خلال إنجاز المشاريع الثلاثية والثنائية، وأبرزها أنبوب الصّحراء الثلاثي الذي يحظى باهتمام المستثمرين والمستوردين، بفضل قدرته على دعم الوفرة في الأسواق من أجل تحقيق التوازن بين معادلتي العرض والطلب. كما أنّ الاتفاقيات المبرمة منذ بداية السنة الجارية لاستكمال إنجاز مشروع أنبوب الصّحراء الثلاثي، جعلت تنفيذ حلم المشروع يقترب، مستجيباً للزيادة في الطلب العالمي على الغاز، وباعتباره عنصراً أساسياً في مسار التحول الطاقوي. وهكذا بات أنبوب الغاز العابر للصّحراء خياراً حتمياً إفريقيا وأوروبياً، بما أنه سيتدفّق نحو أسواق هذه القارة. وفي وقت أصبح يُنظر إلى جهود توسيع دور القارة طاقوياً، والذي تقوده الجزائر بعقلانية وخبرة، على أنه سيعزّز مكانة إفريقيا كلاعب محوري في سوق الطاقة العالمي، ومصدراً أساسياً جديداً لإنعاش الاقتصاد العالمي.وتتّضح خارطة المشروع على نحو منطقي، إذ يمتد على مسافة تزيد عن 4128 كيلومتراً، لنقل الغاز من نيجيريا انطلاقاً من حقول الغاز بدلتا نهر النيجر جنوبي البلاد، على مسافة 1040 كيلومتراً حتى حدود النيجر شمالاً. ثمّ يواصل الأنبوب الغازي مساره عبر أراضي النيجر على مسافة 841 كيلومتراً، ليصل الحدود الجزائرية بولاية “عين قزام” بأقصى الجنوب الجزائري، وبتكلفة تناهز 13 مليار دولار. وبهذا المشروع التاريخي القاري الأضخم، أصبحت الجزائر تقود التكامل الطاقوي الإقليمي لترسيخ التنمية في إفريقيا، ماضية بثقة وكفاءة في بناء منافذ جديدة لتوسيع القدرات التصديرية القارية، سواء في مجال الطاقة أو مختلف الموارد والمنتجات. وتتجلّى هذه الرؤية في الجهود الكبيرة التي تبذلها الجزائر لإنجاح الطبعة الرابعة من معرض التجارة البينية الإفريقية، المزمع تنظيمه مطلع شهر سبتمبر المقبل، حيث تسعى لأن يكون هذا الحدث الاقتصادي محطة فارقة في مسار القارة نحو بناء منظومة تكاملية متينة. فالمعرض لا يقتصر على كونه فضاءً لتبادل السلع والخدمات، بل يمثل منصة إستراتيجية لتقريب وجهات النظر بين مختلف الفاعلين الاقتصاديّين، وتعزيز الشراكات بين الدول الإفريقية، بما يتيح إطلاق مشاريع استثمارية مشتركة قادرة على رفع حجم المبادلات التجارية البينية.
كما يعد مناسبة لتكريس البعد الإفريقي في السياسات الاقتصادية للجزائر، وإبراز دورها في دفع عجلة التنمية المشتركة، إذ تراهن على هذا الموعد ليكون رافعة لتوسيع آفاق التعاون في قطاعات الصناعة، الفلاحة، الطاقة، والخدمات، وتحويل المعرض إلى حاضنة عملية لمشاريع مستقبلية تترجم فعلياً أهداف أجندة 2063، وتجسّد التوجّه نحو بناء قارة قوية، متضامنة ومتكاملة اقتصادياً واجتماعياً.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19859

العدد 19859

الثلاثاء 26 أوث 2025
العدد 19858

العدد 19858

الإثنين 25 أوث 2025
العدد 19857

العدد 19857

الأحد 24 أوث 2025
العدد 19856

العدد 19856

السبت 23 أوث 2025